الكهرباء في العراق تحوّلت الى تجارة رابحة، وما عليك سوى ان تشتري مولدة  كبيرة للطاقة الكهربائية وتبيع كهرباء حسب الأمبير وتجني الأرباح، وكلما ارتفعت درجة الحرارة او ساءت امور الكهرباء(الوطنية) فان سعر الأمبير يرتفع وهكذا تبدأ الحكاية في بلاد نهش

الكهرباء في العراق تحوّلت الى تجارة رابحة، وما عليك سوى ان تشتري مولدة  كبيرة للطاقة الكهربائية وتبيع كهرباء حسب الأمبير وتجني الأرباح، وكلما ارتفعت درجة الحرارة او ساءت امور الكهرباء(الوطنية) فان سعر الأمبير يرتفع وهكذا تبدأ الحكاية في بلاد نهش الفساد مفاصلها وأثـّر سوء الإدارة عرقلة إعادة تأهيل الشبكات الكهربائية، لتخلف ظاهرة أخرى هي التجاوز على شبكات وخطوط توزيع الكهرباء الوطنية في الأحياء والمناطق السكنية والشوارع التجارية عبر تبادل الربط  بالاسلاك للاستفادة من ساعات القطع المبرمج وفوضى التوصيلات وتشابك الأسلاك المتدلية من الأعمدة المتروكة على الأرض والتي رسمت أغلبها شبكات عنكبوتية قاتلة راح ضحيتها العشرات من المواطنين!

الأمر لم ينتهِ عند ذلك فقط، بل ابتُدِعت تسميات منها (مولدة شارع، مولدة البيت، خط اول وخط ثان، خط ذهبي، خط سحب، جوزاتنا، مفردات شعبية لم تكن موجودة اصبحت متداولة بسبب الكهرباء وانقطاعها المستمرعن الخدمة واجازتها المرضية بسبب أو من دونه .
ابتزاز أصحاب المولدات
وبرغم مرور سنوات من العمل وصرف المليارات من الدولارات لإصلاح المنظومة الكهربائية المعطلة لكن الحال كما هو لم يتغير ليبقى ابتزاز اصحاب المولدات الاهلية مستمراً للمواطنين كلما قرب موعد دفع اجور الاشتراك، وبتواطؤ مع بعض اصحاب النفوس الضعيفة من موظفي المحطات الكهربائية إذ يتم الإطفاء حين يتزامن الوقت مع قرب تسديد الاشتراك الشهري وهذا ما جعل المواطن يخرج الى الشارع ويتوجه الى وسائل الإعلام لإنقاذه من الاتفاقات المبرمة بين بعض هؤلاء الفاسدين من موظفي المحطات الكهربائية واصحاب المولدات الأهلية!

 مَن لا يدفع يُحرَم صيفاً
يقول المواطن شوكت علي من سكنة منطقة حي الجهاد لـ(المدى): الكهرباء استقرت لمدة شهرين تقريبا وبرغم ذلك دفعنا اشتراك المولدة الكهربائية الشهري كاملا ،لأن صاحبها هدد من لا يقوم بالدفع سيُحرَم من الكهرباء صيفاً. مبينا: ان مَن يرفض يُُقطع سلك التوصيل الخاص ببيته وتوزَّع أمبيراته على مَن يرغب، مشددا: ان الكثير من اصحاب المولدات ابتزوا الناس من دون أي رادع لهم.
واضاف علي: ماذا يفعل المواطن وسط هذا العناء سوى ان يدفع ويسكت لان وزارة الكهرباء لا تستطيع ان توفر الطاقة الوطنية على مدار اليوم وتنقذ الناس من هذا البلاء المتمثل بالمولدات الأهلية، خاتماً حديثه لكن (الحجي ميفيد بعــد).

خلافات بين الناس والعاملين
بينما ذكر احمد خالد من سكنة منطقة حي العدل لـ(المدى): ما أن يأتي موعد دفع اشتراك المولـِّد الأهلي حتى تبدأ الكهرباء الوطنية بالتلاعب بأعصابنا وتستمر ليومين او اكثر وبعد استيفاء الأجور تعود الى العمل مجدداً وبشكل منتظم. موضحا: ان اوقات قطع الوطنية منتظمة وليست عشوائية، مشيرا: الى وجود تواطؤ واتفاق بين بعض العاملين في محطات التوزيع وأصحاب المولدات!
ودعا خالد: الى ضرورة اتخاذ الإجراءات القانونية وتنظيم عمل اصحاب المولدات مع المشتركين بهذه الفترة الحرجة وتلافيا لحدوث المشاكل والخلافات، منوِّهاً: ان الناس في غنى عنها بهذا الوقت، لافتاً: الى حدوث العديد من الاشكالات والخلافات في منطقتهم بسبب التصرفات غير الاخلاقية من بعض اصحاب المولدات الذين يستفزون الناس من اجل الحصول على المال فقط في حين ان حصتهم من الكاز مجانية او بأسعار رمزية.

 ستة آلاف مُخالِف ومليون دينار
هناك الكثيرمن المواطنين أرسلوا شكاوى الى وسائل الإعلام ومنها صحيفتنا والى مجلس محافظة بغداد لجنة الخدمات التي استقبلت العشرات من هذه الشكاوى وحسب تصريح مقرر المجلس قاسم فرحان الذي أكد في تصريح لـ(المدى): ان مجلس المحافظة وخصوصا لجنة الخدمات تقوم بمتابعة ملف المولدات الكهربائية وإرسال لجان مشتركة للكشف عن المخالفين ورصدهم. مضيفا: مع تسجيل غرامة مقدارها مليون دينار وقطع حصة الكاز التي يحصلون عليها مجاناً او بأسعار رمزية جداً من وزارة النفط.
واضاف قاسم: ان هناك ستة آلاف غرامة سُجلت ضد أصحاب مولدات الكهرباء وتم تغريمهم مبينا: ان اموال الغرمات عادت الى وزارة النفط مباشرة. مردفاً: ان مجلس المحافظة يعمل على محاسبة مَن يقوم برفع سعر الأمبير المحدد بـ(6000) دينار.

مبلغ مقطوع
وأوضح مقرر مجلس محافظة بغداد: أن هناك مشروعاً قيـد الدراسة يصب في مصلحة المواطن بأن يحدد استهلاك كل عائلة من الكهرباء مقابل استيفاء مبلغ معين لا يتجاوز مئة ألف دينار صيفا، وشتاءً أقل من ذلك لأن الاستهلاك الكهربائي يكون فيه أقل، مؤكدا: ان كل مواطن له حق الشكوى اذا ما تعرض الى الابتزاز من اصحاب المولدات الذين يدفعون غرامة على مخالفاتهم مع قطع  الحصة الشهرية من الكاز.
واستطرد قاسم: عندما يتم تغريم المخالفين من اصحاب المولدات وقطع التجهيز يتعظون وقتها. لافتا: الى وجود تعاون بين مجلس المحافظة والقضاء لإيجاد وسيلة قانونية تحاسب أصحاب المولدات بالحبس في حالة تلاعبهم بالتعليمات التي يضعها المجلس ووزارة النفط. مشيرا: الى وجود لجان مشتركة حتى من عمليات بغداد والشرطة الاتحادية ومجلس القضاء للاتفاق على محاسبة المخالفين.

وزارة الكهرباء تُحاسب
 المتحدث الرسمي لوزارة الكهرباء محمد فتحي قال في تصريح لـ(المدى) ان وزارة الكهرباء  حريصة على تقديم افضل الخدمات للمواطنين وهذا ما أكده الوزير خلال لقائه بالمدراء العامين لتوزيع الطاقة ومدراء الاقسام بتشخيص المتلاعبين والمبتزين للمواطنين وشدد على إحالتهم الى القضاء ومتابعة شكوى المواطنين بشكل مباشر. لافتا: ان مَن يثبت تعاونه مع اصحاب المولدات يُحال الى القضاء لمحاسبته.
واشار فتحي الى وجود لجان مشتركة تعمل على رصد المخالفات التي لا تتهاون وزارة الكهرباء بمحاسبة مَن يقوم بها وبالتعاون مع مجلس محافظة بغداد وعمليات بغداد ووزارة النفط لذلك ارقام هواتف الشكاوى مفتوحة لاستقبال شكاوى المواطنين مباشرة ومعالجتها وفق القانون.
 
ابتزاز وأعباء متشعبة
منطقة شارع فلسطين هي الأخرى يتعرّض أغلب سكانها الى الابتزاز من اصحاب المولدات الأهلية وهذا ما أكده المواطن باسم جاسم الذي قال لـ(المدى): ميزانية العائلة العراقية مثقلة بأعباء والتزامات كثيرة ومتشعبة حيث اكثر من (300) الف دينار شهريا موزعة على اشتراك في مولد المنطقة بـ 5 أمبيرات لتشغيل يومي قدره من 8- 9 ساعات وبسعر(15) الف دينار للأمبير الواحد، اما الخط الذهبي الذي يكون الاشتراك فيه محدوداً سعره (25) الف دينار. مضيفا: ان مولدة المجالس البلدية لا يوجد فيها أمبيرات فارغة والكثير من العوائل لا تملك المال من اجل توفير الطعام فكيف تستطيع الاشتراك بمولدات تتجاوز أسعارها ما هو مقررٌ من الدولة.
وأوضح المواطن جاسم: ان  بعض اصحاب المولدات يصرُّون على استيفاء ذات الاسعار الصيفية للامبير الواحد مهددين المواطنين بقطع خطوطهم في حالة رفض الدفع بالاسعار القديمة. مبينا: ان هذا الحال منذ سنوات ولا يعالج من أية جهة. منوها: ان اصحاب المولدات باتوا يملكون اكثر من مولد كهربائي ويُتاجرون بسعر الأمبيرات حسب الفصول!

جشعون ولا يلتزمون!
سبق وان وصف رئيس مجلس محافظة بغداد رياض العضاض في تصريح لـ(المدى): اصحاب المولدات الأهلية بأنهم "جشعون"، مبينا: ان المجلس وفـَّر لهم الأرضية ومادة الكاز الكافية لتشغيل المولدات لكنهم لم يلتزموا بالتعليمات المحددة لهم.
وقال العضاض: إن المجلس وفـَّر كل شيء لأصحاب المولدات الاهلية من وقود ومولدات مجانية لكنهم ما زالوا يخالفون تعليماتنا. مبينا: أن المجلس اشترى المولدات ووفر المكان ورفع حصة الوقود إلى 10 لترات للـ(كي في) الواحد، وستكون حصة الوقود مجانية في فصل الصيف لكن جشعهم وطمعهم يمنعاهم من الالتزام بالضوابط.
 من جهته قال رئيس لجنة الطاقة في مجلس محافظة بغداد سعد الدراجي: إن مجلس محافظة بغداد وبالتنسيق مع المجالس البلدية اتخذت إجراءات مناسبة مع أصحاب المولدات. متابعا: أن بعض أصحاب المولدات لم يلتزم بهذه التعليمات مما اضطرنا لاتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم كقطع حصتهم من الوقود وأخذ تعهد منهم بأنه في حال تكرار عدم التزامهم بتعليماتنا يتم تغريمهم مبلغاً مالياً.
وأشار الدراجي إلى أن هناك أكثر من 10 آلاف و500 مولدة أهلية في بغداد وليس بإمكاننا السيطرة على جميع أصحاب المولدات في مدة زمنية قليلة من إصدار التعليمات الجديدة. مبينا: أن الخروقات التي تحدث في ملف المولدات الاهلية تكون على نوعين الأول، مخالفة اصحاب المولدات للتعليمات، والثاني، أن المواطن نفسه يشجع اصحاب المولدات على ارتكاب هذه الخروقات.

مولدات مجلس المحافظة !
المواطن ضرغام عبد الهادي اشار في حديثه لـ(المدى) أن مجلس محافظة بغداد سبق وأن اعلن عن تحديد سعر الأمبير خلال فصل الشتاء بخمسة آلاف دينار، مع فترة تشغيل تبدأ من الساعة 12 ظهراً حتى الساعة 12 ليلاً وبالتناوب مع الكهرباء الوطنية. لافتا: إلى أن تتم جباية الأجور بوصولات رسمية تقدم الى مجلس المحافظة. مبينا: ان أغلب أصحاب المولدات لم يلتزموا بموعد التشغيل وسعر الأمبير، من دون أية محاسبة او رادع من قبل الجهات المسؤولة عن هذا الملف الخدمي.  
واضاف عبد الهادي: ان بعض متعهدي مولدات مجلس المحافظة لا يختلفون عن أصحاب المولدات الأهلية وربما البعض منهم أسوأ، مشيرا الى وجود تنسيق مع بعض مسؤولي مجلس المحافظة. لافتاً: أن الكثير من هذه المولدات تعود إلى بعض المسؤولين أو أقربائهم!!