في العراق عشرات الأحزاب الدينية ، بعضها يشغل مقاعد في مجلس النواب ، ومنها مَن يعد طرفا رئيسا في الحكومة الحالية ، تزعم امتلاكها قاعدة شعبية واسعة ، استنادا الى ذلك الحزب الديني وانطلاقا من عقائده يمتلك القدرة على كشف الحرام والحلال ، والتفريق بين الحق والباطل ، فضلا عن تسخير كل جهوده وامكانياته لنصرة المظلومين ، والدفاع عن
حقوقهم كجزء من رسالته ، فالامر يعني ان العراق خالٍ من الفساد ، تلك الاحزاب اقتصر دورها على الارشاد ، وحث الاتباع على التمسك بدينهم ، والتخلي عن ملذات الدنيا فهي دار بلاء وفناء، فيما يعاني العراقيون منذ سنوات مشاكل مستعصية من ابرزها ما يتعلق بالملف الأمني ، وتراجع الداء الحكومي في تقديم الخدمات ، وانشغال ممثلي الشعب في البرلمان بسجال لم ينقطع ، حول مشاريع قوانين معطلة .
وجود عشرات الاحزاب الدينية في الساحة السياسية في العراق ، يعني ان البلد خالٍ من الفساد المالي والاداري ، وجهازه التنفيذي نزيه ، لأن اغلب الموظفين الحكوميين إن لم يكونوا منتمين لقوى دينية فهم من أتباعها ، او مؤيديها ، الامر الذي يعني ان العراق لم يرد في قائمة الدول الأكثر فساداً في العالم .
على الرغم من اعلان الحكومة وعلى لسان رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي ملاحقة حيتان الفساد من كبيرهم الى صغيرهم في اطار تنفيذ الاجراءات الاصلاحية الخاصة بتحسين اداء المؤسسات الرسمية ، وصل الفساد الى مراحل متقدمة وانتقلت آفته من الأساطير وحكايات العجائز ، وافلام الكارتون الى الدوائر المعنية بتقديم الخدمات .
اكثر ما يثير الاستغراب ان الجهات الرقابية من دوائر المفتش العام في الوزارات وديوان الرقابة المالية وهيئة النزاهة، وشقيقتها اللجنة البرلمانية عجزت حتى الان عن تقديم "حوت" واحد الى القضاء ، اقتصر عملها على محاسبة صغار الموظفين في حين تخشى الاقتراب من الكبار ، فاستطاع هؤلاء مغادرة العراق بجوازات سفرهم الدبلوماسية !
المتورطون بالفساد ، معظمهم كان يدّعي انه قيادي في حزب ديني ، وعودته الى العراق بعد عام 2003 لغرض تحقيق العدالة وإرساء قاعدة بناء دولة المؤسسات ، ورفع الحيف عن الشعب العراقي وانقاذه من معاناة استمرت عشرات السنين ، وعندما تولى المنصب وتشرف بحمل حقيبة وزارية ، تخلى عن شعاراته ، تفرّغ لجمع المال ليضمن المستقبل الأفضل لسلالته.
الحيتان العراقية استطاعت ان تتغلغل في كل المؤسسات حتى اصبحت مافيات تمتلك قوة قادرة على تصفية مَن يحاول ايقاف نشاطها ، يكفي ان تكلف احد المأجورين لاغتيال من يفضح سرقاتها!
في احدى الوزارات بعث موظف كبير برسائل نصية عبر الهاتف الى اعلاميين طالبا نشرها من دون الاشارة الى اسمه ، الرسائل تضمنت معلومات خطيرة عن طرق الاستيلاء على عقارات تعود ملكيتها الى مسؤولين في النظام السابق ، سجلت بأسماء سلالة الحيتان أصحاب السماحة والمعالي!
سلالة الحيتان
[post-views]
نشر في: 15 ديسمبر, 2015: 09:01 م