TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > من يدلّنا على الإصلاح؟

من يدلّنا على الإصلاح؟

نشر في: 15 ديسمبر, 2015: 09:01 م

من الأشياء العجيبة في بلادنا، وما أكثرها!، أن بعض المسؤولين الحكوميين يُلحف، على نحو عجيب هو الآخر، في القول إن دولتنا تشهد عملية إصلاح تعهدت بها الحكومة ومعها مجلس النواب منذ آب الماضي.
بالطبع هؤلاء المسؤولون الحكوميون لا ينسون الحرص على القول إن هذا الاصلاح جارٍ استجابة لمطالب الشعب الذي خرج في مظاهرات عارمة منذ نحو خمسة أشهر  ولمطالب المرجعية الدينية العليا في النجف المؤيدة للحركة الإحتجاجية..
لكن أين هو الاصلاح الذي يتحدث عنه هؤلاء المسؤولون؟ ما شكله؟ ما لونه؟ ما مذاقه؟ ما رائحته؟ ما موقعه على خارطة الدولة؟ ...  تسأل فيأتيك الجواب دائماً أنه جرى إلغاء بعض المناصب العليا في الدولة وتقليص بعض الامتيازات المالية لطبقة كبار المسؤولين.، والحال أن إلغاء المناصب ليست حالاً نهائية، فاثنان من نواب رئيس الجمهورية قد طعنا في دستورية الاجراء، ومن الواضح أن المحكمة الاتحادية في سبيلها للقبول بهذا الطعن بعدما ردّت دعوى النائب الرئاسي السابق أسامة النجفي شكلاً، أي أنه يمكن لها القبول بالطعن إذا ما استوفى الشروط الشكلية المطلوبة، وهو أمر بسهولة شرب الماء.
وحتى لو لم تأخذ المحكمة العليا بالطعن فإن عملية إلغاء مناصب وتقليص امتيازات تندرج في خانة الاجراءات التقشفية التي ستستكمل باستقطاع ما نسبته 3 بالمئة من رواتب الموظفين والحدّ من مصروفات الوزارات والدوائر.
أمس بثّت وكالة رويترز الدولية الرصينة تقريراً عن حال نظام الرعاية الصحية في البلاد بعد مرور أكثر من أربعة أشهر على الإعلان عن الحُزَم الاصلاحية الحكومية والبرلمانية، خلصت فيه إلى أنه "لا توجد علامة تُذكر على التحسّن في أحد القطاعات الرئيسة وهو قطاع الرعاية الصحية" الذي كان "في وقت من الأوقات من أفضل النظم في الشرق الأوسط"، وهي تعني بالطبع، وهذا أمر مؤسف وموجع للغاية، وقت حكم حزب البعث في عقد السبعينيات تحديداً. وتضمّن التقرير إشارة إلى رأي منظمة الصحة العالمية في نظامنا الصحي الحالي، فهي ترى إن "نظام الصحة العامة ومرافق الصرف في العراق تتهاوى".
رويترز رأت أن تعثر عملية الإصلاح يرجع في جانب منه إلى ما يواجهه رئيس الوزراء حيدر العبادي من "مقاومة من أعضاء البرلمان المشاكسين الأمر الذي يعني أن عليه تحقيق توافق سياسي قبل أن يتمكن من مواصلة السير في أي إصلاحات".
بالطبع هذا جانب من القضية لكنه ليس الجانب الأهم، فمشاكسة البرلمانيين وسواهم من المتنفذين في الدولة لرئيس الوزراء ترجع الى معارضتهم أي عملية للإصلاح الحقيقي، ذلك أن اصلاحاً من هذا النوع يتطلب إلغاء نظام المحاصصة ويستلزم مكافحة الفساد الاداري والمالي. لذا فان من يريد إقناعنا بوجود عملية إصلاح عليه أن يكفّ عن الحديث الممل بخصوص إلغاء مناصب نواب رئيس الجمهورية ونواب رئيس الوزراء وسواها من الاجراءات التقشفية التي سيتعيّن على الحكومة اتخاذ المزيد منها لأننا مهددون بخواء ميزانية الدولة تماماً في غضون أشهر قليلة ما لم تحدث معجزة .. عليه أن يكفّ عن هذا الكلام وأن يحدّثنا في المقابل عن الإجراءات المتعلقة بإلغاء نظام المحاصصة ومكافحة الفساد وملاحقة الفاسدين واستعادة مئات مليارات الدولارات التي نهبوها.. بخلاف هذا هو حديث يزيد من صداع الرؤوس.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

 علي حسين منذ ان ظهرت الديمقراطية التوافقية في بلاد الرافدين ،والمواطنونالعراقيون يبحثون عن مسؤول مختلف يمنحونه ثقتهم، وهم مطمئنون ، رغم أنهم يدركون أنّ معظم السياسيين ومعهم المسؤولين يتعاملون مع المناصب على أنها...
علي حسين

قناطر: ليلُ العشَّار الطويل

طالب عبد العزيز يحلَّ الليلُ باكراً في أزقّة العشَّار، أزقته القصيرة والضيقة، التي تلتفُّ عليه من حدود شبه جزيرة الداكير الى ساحة أم البروم، يحدث ذلك منذ سنوات الحرب مع إيران، يوم كانت القذائفُ...
طالب عبد العزيز

محاسبة نتنياهو وغالانت أمام محكمة الجنايات الدولية اختبار لمصداقية المجتمع الدولي

د. أحمد عبد الرزاق شكارة يوم عظيم انتصاراللعدل عبارة تنم عن وصف واضح مركز ساقه الاستاذ المحامي الفلسطيني راجي صوراني عن طبيعة الدور الايجابي المؤثر للمحكمة الجنائية الدولية متمثلا بإصدار مذكرتي القاء القبض تخص...
د. أحمد عبد الرزاق شكارة

الاندماج في العراق؟

أحمد القاسمي عندما نسمع بمصطلح الاندماج يخطر بأذهاننا دمج الأجانب المقيمين في بلد ما. فاستخدام هذا المصطلح بات شائعا منذ بضعة عقود في الغرب ويُستخدَم غالبا عند الحديث عن جهود الدولة أو مؤسسات المجتمع...
أحمد القاسمي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram