في مواسم اندلاع الأزمات العراقية ، تستقبل السفارات الأجنبية في بغداد شخصيات سياسة تفضِّل الاستعانة بالأصدقاء ، لتوحيد الصف الوطني لتجاوز الأزمة والخروج بأقل الخسائر بالإضافة الى الاستماع لنصائح بامكانها ان تنزع فتيل المشكلة ، لتفادي نشوب حرائق، اللجوء الى طرف خارجي بحسب مزاعم القيادة الحكيمة من زعماء القوى السياسية المشاركة في الحكومة ورؤساء الكتل النيابية من ذوي الخدمة الجهادية ، لا يعني الإذعان والرضوخ لقوى خارجية ، وإنما لغرض مساعدة الفـُرقاء على المزيد من التقارب ونبذ الخلاف ، في ظل ظروف امنية معقدة ، تستوجب وحدة الصف ، ومنع السقوط بمنزلق خطير .
أبواب السفارات الأجنبية مشرّعة على الدوام مستعدة لتقديم خدماتها نهارا ومساءً مثل أفران الصمون في بعض أحيائنا الشعبية ، تستقبل الضيوف ، مع منحهم تاشيرة الدخول الى عاصمة دولة السفارة ، لأجراء اتصالات ومشاورات مع اصحاب القرار هناك للخروج بنتائج ايجابية تخدم المصالح الوطنية العراقية.
أعمال السفارات في كل دول العالم تقتصر على رعاية مصالح مواطنيها، تقدم خدمات تتعلق بمنح تأشيرات الدخول ، واقامة حفل استقبال في العيد الوطني ، يحضره مسؤولون وساسة ، في بعض الأحيان تُرفع الأنخاب للإشادة بتطوير العلاقات بين البلدين وليس من مهمة السفارة على وفق التقاليد الدبلوماسية التدخل في شؤون خارج تخصصها ، زعماء النخب السياسية العراقية ، اعطوا للسفارات حق المشاركة في جولات مفاوضات تشكيل الحكومات المتعاقبة اتصال هاتفي من أنقرة وطهران وواشنطن يضع خريطة طريق للفرقاء لتقاسم المناصب والمواقع ثم التفرغ لتطوير تجربة العراق الديمقراطية !
ولاء القوى السياسية لدول خارجية بالامكان قياسه من خلال تصفح جواز سفر زعيم الحزب ، نظرة واحدة تكفي لمعرفة عدد زياراته في الشهر الواحد الى طهران او أنقرة او واشنطن ، اما كاميرات المراقبة في مباني السفارات فهي الأخرى تحتفظ بصور ضيوفها الباحثين عن حلول جذرية للمشاكل المحلية المستعصية.
زعيم سياسي زار الولايات المتحدة استجابة لدعوة من الكونغرس في عام 2007 اعلن عبر وسائل إعلام محلية انه رفض زيارة مقبرة قتلى الجيش الاميركي في العراق لقراءة سورة الفاتحة على أرواحهم كما فعل آخرون من زملائه ، لكنه ابدى استعداده للضغط على جماعات مسلحة كانت تقاتل قوات الاحتلال الأميركي في ذلك الوقت للتخلي عن السلاح ، مقابل ضمان حصوله على منصب رفيع في الحكومة العراقية ، فأدرك قبل غيره بأن مستقبله السياسي بيد السفير الأميركي في بغداد! هذا النموذج مواقفه الوطنية لا تتعدى وسائل الإعلام المحلية . نموذج آخر يشتم السعودية وأميركا عندما يحل ضيفا على السفارة الإيرانية في بغداد. حين تولى منصبا أمنيا قبل حلول يوم السيادة استجاب لطلب اميركي بتسليم عشرات المعتقلين السعوديين متهمين بارتكاب جرائم ارهابية الى بلدهم ، نقلهم بطائرة عسكرية اميركية ، الشواهد كثيرة لإثبات حقيقة الولاء المقدس لدول خارجية تحولت سفاراتها في بغداد الى (جايخانات) تستقبل الزبائن على أنغام الدّشـت أو على إيقاع أغاني الـــراب !
المصير بذمة السفير
[post-views]
نشر في: 16 ديسمبر, 2015: 09:01 م