TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > شسوار مجلس الأمن

شسوار مجلس الأمن

نشر في: 18 ديسمبر, 2015: 09:01 م

يبدو ان الغباء الذي سمّاه العراقيون، بذكاء، "موهبة"، صار وباءً عالمياً وصل حتى الى أروقة مجلس الأمن. أكبر دولتين بالعالم تفتخران انهما نجحتا بإصدار قرار أممي يدعو الى تجفيف منابع تمويل داعش. اطكع من تلك التي حدثت بسوق الصفافير العراقي. الدواعش يذبحون ويحتلون مدناً وبلداناً ويغزون أوروبا في حضن أمها، ومجلس الأمن يمنح تفويضاً بالإجماع لاستعمال الشسوار لتجفيفهم. ما كان ينقص المجلس إلا ان يهوّس باللغة الإنجليزية "الطوب احسن لو شسواري".  
هنيئا لداعش بهذا القرار التاريخي. ويا خيبة البشر الذين صارت مصائرهم بيد قادة أعماهم الغباء حتى نزلوا الى درك لا يميز بين الناقة والبعير. وأي درك أتعس من تصور ان القضاء على الإرهاب شغلة فلوس. المصيبة ليست بالدنانير بل بالجذور الفكرية التي إذا لم تقطع ستظل كل رقبة إنسانية عرضة للقطع "شرعا".  
ما كنت احسب ان أجد انساناً عاقلاً واحداً لا يعرف بأن الإرهابيين، حتى لو قلبتهم على سبعين مقلباً، همج. هؤلاء الهمج ما كان لهم ان يستفحلوا لولا ان العالم وفّر لهم أدوات هم آخر من يفكر او يتمكن من اختراعهما او صنعها. في مقدمتها اثنان: الأقمار الصناعية وشبكة الانترنت. وهما مربط فرس الخلاص:
كل جهة او دولة تصدر عنها، على أية قناة من قنوات وسائل الاتصال الجماهيري او الاجتماعي، حتى ولو كلمة واحدة تشرّع القتل او تبرره تحت اي غطاء حزبي او سياسي او ديني او مذهبي يجب أن تُحرم من الفضاء ومن الانترنت فورا. ولو كان بيدي لأمنعن عنها الكهرباء والماء وحتى الهواء ان أمكن.
لا مجاملة لمن يفكر، ولو همساً، بهدر قطرة دم إنسان واحد بحجة سماوية او أرضية. لا حق لمشرّع القتل بالحياة ولا بالاحترام، حتى لو تطلب الأمر اصدار قرار تحت البند السابع يبيح لقوة عالمية مخولة من مجلس الأمن، إسقاط أي قمر صناعي لا يلتزم بمنع أية محطة فضائية من نشر الكراهية بين الناس.
وحتى آتيكم من الآخر: مثلما نطالب بعدم زجّ الدين بالدولة احتراماً له، لابد من منع إقحامه بالإعلام الانترنتي والمنطوق والمرئي والمسموع، لحمايته من عبث الهمج. هكذا يجب أن يبدأ اول الغيث لفتح الطريق أمام مطر الأمل بالحياة والحرية والحب لينهمر من جديد على العالم.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. ذعامر المدني

    استاذ هاشم قد اسلم بما تقوله الان يا عزيزي ولكن ما وراء الاكمة ما وراء الاكمة.فالامر كله مصنوع ويتجه بالطريق الذي رسم له وهؤلاء الاقزام ماهم الا ادوات بيد قوى شريرة تريد ان تفتك بالعالم .زهناك من يقول ان العالم اصبح قرية صغيرة والمفروض اذا كانت قرية صغيرة

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

العمود الثامن: صنع في العراق

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

العمود الثامن: المستقبل لا يُبنى بالغرف المغلقة!!

 علي حسين منذ أن اعلنت نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة، والطاولات الشيعية والسنية تعقد وتنفض ليس باعتبارها اجتماعات لوضع تصور للسنوات الاربعة القادمة تغير في واقع المواطن العراقي، وإنما تقام بوصفها اجتماعات مغلقة لتقاسم...
علي حسين

إيران في استراتيجية الأمن القومي الأمريكي الجديدة

د. فالح الحمـــراني تمثل استراتيجية الأمن القومي الأمريكي الجديدة، الصادرة في تشرين الثاني تحولاً جوهرياً عن السياسات السابقة لإدارتي ترامب وبايدن. فخلافاً للتركيز السابق على التنافس بين القوى العظمى، تتخذ الاستراتيجية الجديدة موقفاً أكثر...
د. فالح الحمراني

ماذا وراء الدعوة للشعوب الأوربية بالتأهب للحرب ؟!

د.كاظم المقدادي الحرب فعل عنفي بشري مُدان مهما كانت دوافعها، لأنها تجسد بالدرجة الأولى الخراب، والدمار،والقتل، والأعاقات البدنية، والترمل، والتيتم،والنزوح، وغيرها من الماَسي والفواجع. وتشمل الإدانة البادئ بالحرب والساعي لأدامة أمدها. وهذا ينطبق تماماً...
د. كاظم المقدادي

شرعية غائبة وتوازنات هشة.. قراءة نقدية في المشهد العراقي

محمد حسن الساعدي بعد إكتمال العملية الانتخابية الاخيرة والتي أجريت في الحادي عشر من الشهر الماضي والتي تكللت بمشاركة نوعية فاقت 56% واكتمال إعلان النتائج النهائية لها، بدأت مرحلة جديدة ويمكن القول انها حساسة...
محمد حسن الساعدي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram