TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > خطفني واشتكى

خطفني واشتكى

نشر في: 19 ديسمبر, 2015: 09:01 م

الإصابة بالجنون لا تقتصر على بني البشر ، بل تشمل جهات ومؤسسات، الولايات المتحدة  الاميركية سيدة العالم  وراعية الانظمة الديمقراطية  بحسب تعبير  حلفائها المخلصين ، كانت اول من استخدم مصطلح الدول المارقة في اشارة الى اعتراض واشنطن على بعض الانظمة، الدول المارقة من وجهة  نظر  الادارة الاميركية مصدر قلق ، لانها تهدد السلم العالمي ، تسعى الى امتلاك اسلحة نووية ،  تنتهك حقوق الانسان،  لا تؤمن بحرية التعبير ، لديها عداء مزمن ضد الديمقراطية ، طبقا للوصفة الاميركية ، تلك الدول تعاني الجنون ، لا امل في شفائها الا بتغيير النظام  سواء بانقلاب عسكري او بغزو خارجي .
 قبل الغزو الاميركي صُنف العراق ضمن الدول المارقة ، بعد الاطاحة بالنظام السابق ، عرف العراقيون التجربة الديمقراطية ، ادلوا باصواتهم  لانتخاب ممثليهم في  الدورات التشريعية السابقة ، كانوا يتطلعون الى مستقبل افضل ، لكن التمنيات رأسمال المفلسين ، احتلت الساحة السياسية احزاب وتنظيمات ،  شاركت في  الحكومات المتعاقبة، انشغلت بتحقيق مكاسبها ، فضاعت فرص بناء الدولة ، اضطربت الاوضاع الامنية ، وصل الصراع السياسي الى استخدام السلاح في بعض الاحيان لإثبات  الحضور في الساحة ، تعددت الفصائل المسلحة ، الاجنحة العسكرية  لبعض التنظيمات السياسية ، ظهر السلاح المنفلت فكان علامة  عراقية فارقة .
جنون الانظمة يتمثل بعجز  الجهات الرسمية عن تحقيق حصر السلاح بيد الدولة ،  متى ما حققت ذلك  ستثبت للمجتمع الدولي انها بكامل قواها العقلية ، تستحق  الدعم والتاييد لمساعدتها في محاربة الارهاب، والحد من نشاط الجماعات المسلحة ،  وثيقة الاصلاح السياسي  تضمنت هذا  المبدأ  باتفاق جميع الاطراف ، لاعتقادها  بان المليشيات الوقحة ، واخرى منفلتة  وثالثة خارجة عن القانون فضلا عن عصابات الجريمة المنظمة ، تقف وراء تعطيل فرص بناء الدولة.
 من مظاهر السلاح المنفلت ،  تكرار حوادث الاختطاف والاغتيال  والعثور على الجثث مجهولة الهوية ، الحكومة في اكثر من مناسبة اكدت انها حريصة جدا على ملاحقة المارقين والمجانين من حملة السلاح،  على الرغم من ذلك ، تكرار حوادث الاختطاف  وتسجيلها باسم مجهول، وتشكيل لجان تحقيقية  لا تجدي نفعاً  لمواجهة اخطر ظاهرة تعطي اشارة واضحة الى  عجز الجهات الرسمية عن تنفيذ  برامجها المتعلقة بتحسين إدارة الملف الأمني .
في احد شوارع العاصمة بغداد  بجانب الكرخ ، علقت الأجهزة الأمنية لافتة تقول:" بشرى سارة للمواطنين الكرام سيتم فتح مدخل جديد  للدخول الى الحي ، وبهذه المناسبة ندعو الاخوة المواطنين الكرام الاتصال برقم الهاتف كذا لإخبار ضابط استخبارات اللواء بالتحركات  المشبوهة للخارجين عن القانون "   الاجهزة الامنية تعتقد بان توفير ارقام الهواتف للاتصال بالمسؤول  هو الاسلوب الوحيد لردع عصابات الجريمة المنظمة ، وملاحقة  المتورطين بارتكاب جرائم اختطاف مقابل الحصول على فدية مالية .     

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

 علي حسين اعترف بأنني كنت مترداً بتقديم الكاتب والروائي زهير الجزائري في الندوة التي خصصها له معرض العراق الدولي للكتاب ، وجدت صعوبة في تقديم كاتب تشعبت اهتماماته وهمومه ، تَّنقل من الصحافة...
علي حسين

قناديل: في انتظار كلمة أو إثنتيّن.. لا أكثر

 لطفية الدليمي ليلة الجمعة وليلة السبت على الأحد من الأسبوع الماضي عانيتُ واحدة من أسوأ ليالي حياتي. عانيت من سعالٍ جافٍ يأبى ان يتوقف لاصابتي بفايروس متحور . كنتُ مكتئبة وأشعرُ أنّ روحي...
لطفية الدليمي

قناطر: بعين العقل لا بأصبع الزناد

طالب عبد العزيز منذ عقدين ونصف والعراق لا يمتلك مقومات الدولة بمعناها الحقيقي، هو رموز دينية؛ بعضها مسلح، وتشكيلات حزبية بلا ايدولوجيات، ومقاولات سياسية، وحُزم قبلية، وجماعات عسكرية تنتصر للظالم، وشركات استحواذ تتسلط ......
طالب عبد العزيز

سوريا المتعددة: تجارب الأقليات من روج آفا إلى الجولاني

سعد سلوم في المقال السابق، رسمت صورة «مثلث المشرق» مسلطا الضوء على هشاشة الدولة السورية وضرورة إدارة التنوع، ويبدو أن ملف الأقليات في سوريا يظل الأكثر حساسية وتعقيدا. فبينما يمثل لبنان نموذجا مؤسسيا للطائفية...
سعد سلّوم
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram