في نهاية عقد تسعينيات القرن الماضي ، أبلغت صحيفة تصدر في الامارات مدير مكتبها في بغداد بعقد ندوة يشارك فيها شعراء وكتاب ونُقاد للحديث عن "الأدب العراقي في الداخل والخارج " على ان تتولى مكاتب الجريدة في دمشق والقاهرة وبيروت اجراء لقاءات مع اسماء عراقية بارزة مقيمة في المنافي للحديث عن هذا الموضوع.
الملحق الثقافي للجريدة نشر المادة بأكملها مع مقدمة كتبها شاعر لبناني ، اشار فيها الى ان الكُتّاب العراقيين وقعوا في فـخ السياسية ، أديب الداخل يتهم زميله في الخارج وبالعكس ، فشل الطرفان في ايجاد قنوات مشتركة يمكن ان تسهم في نشر المنجز العراقي ، الجميع خضع لسطوة الصراع الممتد الى عشرات السنين ، الحديث عن المواقف تغلب على تسليط الضوء على تجارب متفردة ، عُرف بها المنجز العراقي ، فاحتلّ موقع الريادة في الساحة الثقافية العربية فأثرى الشعر والرواية والمسرح وفــن التشكيل والموسيقى .
ملحق "الأدب العراقي في الداخل والخارج " جعل ادارة الجريدة تنشر مقالات لعشرات الكُتـّاب لإبداء آرائهم وملاحظاتهم ، أضافوا المزيد من اللبس الى قضية كانت تبحث عن رؤية مجردة تثري الأدب العراقي سواء كان في الخارج او الداخل، لاسيما انه يحتفظ باسماء بارزة لها تاريخها وحضورها ، لا يمكن لجهة او أحد ان يُلغي دورها ، بهذا المعنى كتب مسؤول الملحق مقالا لإسدال الستار على سجالٍ فأنهى رغبة من يحاول في ان يجعل صفحات الملحق ساحة لتبادل الشتائم والسباب !
تجرد الأديب والفنان من السياسية قد يمنحه مواصفات التأثير في قاعدة واسعة من الجمهور، الصراع السياسي في العراق فرض هيمنته على المشهد منذ سنوات بعيدة ، فانتقل الصراع قسرا الى بيئة أخرى ،فحلّ الشعار المباشر وسيلة تعبير عن أهداف آنية على حساب ترسيخ قيم الجمال في اعمال تتخطى الجغرافية والتاريخ ، امراض السياسية انتقلت الى النشاط الثقافي فتكبد الادب والفن خسارات كبيرة فادحة ، بمرور الزمن ، ومع احتدام الصراعات ، تحولت الى عاهات ، انتقلت الى الأوساط الثقافية .
استخدام شبكة التواصل الاجتماعي في العراق وفـّر لمن يدّعي الانتماء الى الوسط الثقافي امتياز امتلاك منظومة الشتائم لإلحاق الهزيمة بمن يعتقد انهم اعداء في العالم الافتراضي على هذا الايقاع من القصف الجوي والمدفعي الوهمي ، تحوّل حق حرية التعبير الى حلبة مصارعة ، يتطلع الى حمل حزامها الذهبي كُتـّاب من الوزن الثقيل ، يجيدون اداء الرقص على الحبال في السيرك العراقي ، هؤلاء ليسوا من فئة الشعراء وكُتـّاب القصة القصيرة والرواية ، انهم يرددون ما قاله مسؤولون وسياسيون ، كانوا وراء جعل الساحة العراقية ميدان مصارعة "زورخانة"، خاصة لأبطال الكتل النيابية والأحزاب المتنفذة وسلام مربَّع للكَِدعان !
"زورخانة" التواصل الاجتماعي
[post-views]
نشر في: 20 ديسمبر, 2015: 09:01 م