سـأل همام والده عن أسباب تأجيل الدراسة لمدة شهر في بداية العام الدراسي؟ وكانت الإجابة هي أن العديد من مناطق بغداد شهدت إصابات بالكوليرا (أي نحن في زمن الكوليرا) وعاد همام مرة أخرى، وتساءل عن وجود تأجيل آخر وغلق المدارس لفترة؟ وكانت إجابة الوالد نفي ه

سـأل همام والده عن أسباب تأجيل الدراسة لمدة شهر في بداية العام الدراسي؟ وكانت الإجابة هي أن العديد من مناطق بغداد شهدت إصابات بالكوليرا (أي نحن في زمن الكوليرا) وعاد همام مرة أخرى، وتساءل عن وجود تأجيل آخر وغلق المدارس لفترة؟ وكانت إجابة الوالد نفي هذه الأخبار وإن ما حصل هو ظهور بعض الاصابات (بالنكاف) في مناطق محدودة من العاصمة والعمل جارٍ على السيطرة لهذا المرض برغم كل ما يُشاع من أخبار.

عاما 2006 و2007
مدير قسم الصحة العامة في دائرة صحة الرصافة الدكتور عبد الغني حمدان سعدون يقول لـ( المدى ): من أسباب تفشي المرض في هذا الوقت ما حدث من اقتتال وعنف طائفي في عامي 2006 و2007 ، مستدركا: بسبب ذاك الوضع المأساوي الذي عانت منه اغلب مناطق العاصمة بغداد تعذر تطبيق برنامج التلقيح بسبب عدم قدرة الكثير من موظفي المراكز الصحية والحملات دخول البعض من مناطق بغداد.
وأضاف سعدون: كذلك هجرة أو تهجير العديد من العوائل الى مناطق اخرى اضطرتهم الظروف الاهتمام بأمور أخرى على حساب جدول التلقيحات الامر الذي تسبب بزيادة أعداد المتسربين من التلقيحات، عازيا أسباب ظهور بعض الامراض الوبائية الى قلة الخدمات المتوفرة في العديد من المدارس، موضحاً أن في عام 2010 قامت وزارة الصحة ومنظمة اليونسيف بتقييم الواقع الفعلي للمدارس في بغداد إذ أظهرت النتائج أن 50% من المدارس تفتقر الى أبسط المقومات البيئية السليمة والصحية للطالب.

خطة تلقيح شاملة
كما أوضح مدير قسم الصحة العامة في دائرة صحة الرصافة أن ظهور أول حالة كانت في 2/10 في أحد قطاعات مدينة الصدر وسُجلت إصابة أخرى في يوم 6/10 ، مشيراً إلى أن المراكز الصحية اتخذت الإجراءات الكفيلة للتصدي لهذا المرض من خلال إعطاء العلاج اللازم والبـدء في خطة تلقيح شاملة.
وأشار سعدون في حديثه لـ(المدى) هناك أسباب عديدة كانت في زيادة أعداد المصابين منها الأهالي الذين طلبوا من إدارات المدارس السماح للطلبة باستئناف الدوام كونهم تماثلوا للشفاء ومن دون علم المراكز الصحية، لافتا: ان هذا الاجراء غير صحيح  تتحمل مسؤوليته ادارات المدارس من خلال  السماح بالطلبة المصابين بالدوام بعد ان تقرر ان يتم منحهم أجازة إجبارية لمدة أربعة عشر يوماً، مسترسلا: ان الوزارة ومن خلال دائرة صحة بغداد الرصافة عملت على اتخاذ الاجراءات الفعلية لتطويق المرض من خلال إجبار إدارات المدارس على منح الاجازات الاجبارية للطلبة المصابين فضلا عن القيام بحملة التلقيح التي تم تلقيح أكثر من 100 الف طالب خلال الايام الماضية ، كما طالبنا مديريات التربية تزويدنا بكتاب بعدد الحالات والاجراءات التي يقومون بها.

موسمية المرض والعدوى
المتحدث الرسمي  لوزارة الصحة الدكتور أحمد الرديني  يقول لـ(المدى ): إن الوزارة  لا تتحمّل وحدها انتشار مرض النكاف، مبينا: انه مرض موسمي تتزايد الاصبات به من خلال الاختلاط والعدوى، مشيرا: أن  أسباب انتشار المرض في المدارس كثافة الطلبة في الصفوف وعدم أخذ اللقاحات في موعدها المحدد ضد الفيروسات الموسمية. وأوضح الرديني: ان  تغيير المناخ على البعض كالنازحين هو أيضا عامل في انتشار مرض النكاف كذلك عدم متابعة الأهل ، مضيفاً: ان العديد من ادارات المدارس تشكو من مشكلة عدم وجود بيئة سليمة في المدرسة نفسها بسبب أعداد الطلاب الكبيرة اذ تتجاوز الكثير من المدارس الطاقة الاستعابية ليصل معدل الصف الواحد الى اكثر من 60 طالباً. متسائلا وفق ذلك كيف سيكون الوضع الصحي في المدرسة نفسها؟
وأكد المتحدث الإعلامي باسم وزارة الصحة أن إجمالي الحالات، التي سُجلت بالإصابة بمرض النكاف الفيروسي بلغت 2500 حالة في بغداد والمحافظات لكن الوزارة لم تسجل أية حالة وفاة بالمرض، مضيفا أنها “بدأت بتنفيذ حملات تلقيح في المدارس لمنع تفشي المرض."

4 آلاف إصابة
نائب رئيس اللجنة الصحة والبيئة النيابية هاني بدر العقابي اشار في بيان صحفي اطلعت عليه (المدى) إلى أن الإحصائيات الأخيرة الرسمية لعدد المصابين بمرض النكاف في جانب الرصافة من بغداد بلغت اربعة آلاف وستمئة حالة، توزعت في مدينة الصدر وفي قطاعي منطقة البلديات الاول والثاني، وقطاعات الاستقلال والشعب  والاعظمية، مضيفا: اما في جانب الكرخ فقد شهد حدوث أربعمئة حالة إصابة بمرض النكاف، مشيرا: الى ان عدد الاصابات في المحافظات كان قليلا بالمقارنة مع العاصمة، اذ بلغ عدد الاصابات في كل محافظة من اربعين الى خمسين اصابة بالمرض.

التأكيد على الوعي الصحي
من جهته قالت المتحدثة باسم وزارة التربية هديل العامري: ليس لدينا إحصائية بعدد المصابين بمرض (النكاف). مبينة: ان الوزارة طالبت المعلمين بالتاكيد على الوعي الصحي لدى التلاميذ لأن هذه الحالات اذا ما انتشرت فهي تكون لعدم المتابعة من قبل أولياء أمور الطلبة.
واضافت ان اغلب مناطق انتشار هذا المرض في اطراف العاصمة بغداد، لافتة الى غياب احصائية كاملة بعدد حالات الاصابة بالمرض، مستدركة: لكن مع ظهور اول حالة للاصابة بهذا المرض طالبنا مديريات التربية تزويدنا بكتاب بعدد الحالات والاجراءات التي يقومون بها، لذلك لابد من متابعة ادارات المدارس للطلاب وتوجيههم الى المراكز الصحية لإعطائهم العلاج المناسب.
وأشارت العامري الى ان التربية هي مكمل للأسرة لذلك ينبغي على الاسرة الاهتمام بالجانب الصحي لأبنائها فضلا عن التعاون المشترك بين التربية ووزارة الصحة لمكافحة هذا المرض.
الى ذلك طالبت لجنة التربية النيابية، وزيرة الصحة، بإقالة مدراء القطاعات الصحية في عموم مناطق العراق التي ثبت انتشار مرض النكاف بين تلاميذ وطلبة المدارس فيها.

إقالة مدراء المراكز
وقال عضو اللجنة النائب رياض غالي في مؤتمر صحفي عقده بمجلس النواب حضرته (المدى): هناك إصابات بمرض النكاف في بعض المدارس، خاصة بأطراف بغداد، ما يشير الى وجود تقصير حكومي واضح لوزارة الصحة، خاصة الصحة المدرسية التي من واجبها متابعة المدارس، مشيرا: الى ان الصحة المدرسية لم تزر أية مدرسة لفحص الطلاب، لأنها غير مفعـّلة ما جعل الإصابات كثيرة.
وطالب النائب غالي وزيرة الصحة بإقالة المديرين العامين في القطاعات الصحية كافة في أية منطقة في العراق يُثبت التقصير فيها ، داعيا وزير التربية الى توجيه خطاب شديد اللهجة للمديرين العامين . كما ألمح الى استضافة مسؤولي وزارة الصحة، في حال تفاقم الاصابات بشأن هذا الموضوع وعقد جلسة طارئة لمحاسبة قواطع الصحة خاصة في مناطق الأطراف .

 تتحمله الحكومات السابقة
اما النائب عن التحالف الكردستاني ماجد شنكالي فقد دعا الى اتخاذ اجراءات سريعة وفاعلة لمنع انتشار مرض النكاف بين طلبة المدارس وعدَّ شنكالي في بيان صحفي ان انتشار مرض النكاف بين طلبة المدارس الابتدائية في بغداد  يؤشر بما لا يقبل الشك على قصور واضح من وزارة الصحة وأداء مؤسساتها لاسيما في مجال التحصين الطبي واللقاحات الصحية.
شنكالي أوضح: أن هذا التقصير الكبير تتحمله وزارة الصحة الاتحادية في الحكومات السابقة بشكل اكبر من الوزارة الحالية ، داعيا الى  تشكيل خلية أزمة لهذا الغرض واتخاذ اجراءات عاجلة لتوزيع اللقاحات على المدارس في عموم مناطق العاصمة بغداد.

القادم المعلوم (الانفلونزا الموسمية)
منذ اكثر من خمسة ايام أتابع آخر التطورات التي تحدث لغرض السيطرة على هذا المرض وأخذ آراء العديد من المتخصصين في هذا المجال البعض منهم رفض الكشف عن اسمه، اذ اجمع منهم الكثير ان السياسات الخاطئة للوزارات المتعاقبة هي احد الأسباب الواضحة لفشل برنامج التلقيح الذي هو الآخر يحتاج الى قرار يُجبر العوائل على الخضوع الى برنامج التلقيح المجاني المقدم من وزارة الصحة. ومن خلال تلك الاتصالات توفرت معلومات عن الوباء القادم والمتمثل (بالانفلونزا الوبائية) الذي يمتلك أصحاب القرار الإعلان عنه خاصة في ما يتعلق بالاتفاقية المشتركة بين وزارة الصحة ومنظمة الصحة العالمية والذي يتضمن الشفافية والكشف عن أية حالة وباء ومرض انتقالي.

كيف تصاب بالنكاف؟
وبشأن معرفة ماهية المرض وكيف تتم الإصابة به وطرق العدوى ذكر الطبيب الاستشاري موفق خلف العزي لـ(المدى) أن مرض النكاف أو التهاب الغدد النكفية مرض فيروسي يصيب الغدة النكفية سببه فيروس يسمى  paramyxovirus . موضحا: ان الغدة النكفية هي زوج من الغدد اللعابية تقع خلف الوجنتين وأسفل الأذنين.
وأضاف العزي: يُعـد التهاب الغدة النكفية من الأمراض المعدية الشائعة التي تصيب الأطفال بفترة حضانة طويلة حيث تظهر الأعراض السريرية بعد فترة تصل إلى ثلاثة أسابيع من تأريخ العدوى. مضيفا: ينتشر التهاب الغدة النكفية عبر استنشاق الرذاذ المتطاير في الهواء من أنف أو فـم شخص مصاب بالفيروس اذ يدخل الفيروس إلى الجسم عبر المجاري التنفسية وينتقل منها إلى الدم وينتشر إلى أجزاء الجسم المختلفة بما فيها الغدد اللعابية ويتكاثر بشكل كبير في الغدة النكفية.
وبشأن كيفية العلاج والوقاية من المرض قال العزي : لعلاج الغدة النكافية يكون بأخذ المضادات الحيوية والعناية بصحة الفم والأسنان وشرب الماء والسوائل بكثرة مع مراجعة الطبيب في حال وجود أي ورم أو ألم على مستوى الغدد الرقبية والرأس. اما كيفية الوقاية من مرض النكاف فيكون بتجنب المرضى الذين يعانون منها، كما يتجنب المرض بتناول اللقاح.
ويتكون لقاح النكاف MMR vaccine من فيروسات حية فاقدة الفعالية (مضعفة) تحفز الجهاز المناعي في الإنسان لإنتاج أجسام مضادة للفيروسات تعطي الجسم مناعة مدى الحياة ضد المرض ، ويُعطى هذا اللقاح عادة ضمن اللقاح الثلاثي مع لقاح الحصبة والحصبة الألمانية (الروبيل) عبر الحقن تحت الجلد وليس عميقا في العضلة. ويؤخذ على فترتين الفترة الأولى للقاح النكاف بين سن 12-15 شهرا، والفترة الثانية للقاح النكاف بين عمر 3-5 سنوات أي قبل سن المدرسة.