اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > محبة عراقية لليهود والمسيحيين

محبة عراقية لليهود والمسيحيين

نشر في: 26 ديسمبر, 2015: 06:01 م

يستكثر بعض الطائفين في موقع التواصل الاجتماعي" فيسبوك" من العراقيين على طائفين آخرين من مواطنيهم، أن يتذكروا بالخير يهود بلادهم وأن يعيدوا إليهم الفضل في ما هم متفضلون به في غير ما حقل ومجال.
 الحملة المثارة ضد الكتابات المنصفة في حق اليهود، لا تعكس فقط الجهل بدور اليهود الحضاري في بلاد الرافدين على مدى التاريخ، وصولاً إلى عهد الدولة الحديثة التي بدأت أركانها بالتخلخل والانهيار منذ الشروع بحملات التهجير القسري لليهود قبل ستين سنة.. إنها تعكس أيضاً سوءاً في الأخلاق وعلّة في التفكير، بالضبط كما يحصل هذه الأيام في الحملة المناهضة للاحتفال مع المسيحيين بعيدهم الكبير، عيد الميلاد.
اليهود كانوا هنا، في هذه البلاد، مئات من السنين قبل ميلاد المسيح، والمسيحيون كانوا هنا مئات من السنين قبل ظهور الإسلام ووصوله إلى العراق. بكلمة أخرى إنهم، ولسنا وحدنا، أهل البلاد وسكانها الأصلاء.
أكثر من هذا أن الكثير من المجد التليد المتحقق في بابل وفي بغداد (العباسية) ثم في العراق الملكي (1921 – 1958) كان من صنع أيدي اليهود والمسيحيين وعقولهم.
الاتجاه الذي تبديه أعداد متزايدة من العراقيين، وبخاصة المثقفين والشباب، نحو إنصاف اليهود والتضامن مع المسيحيين، يجسّد وعياً متنامياً بالتاريخ، وهذا حاصل بفضل الحريات التي تمتّع بها العراقيون منذ 2003 ( بالطبع هذا لا يُردّ فضله إلى أحزاب الإسلام السياسي الشمولية الحاكمة، إنما إلى المحتل الأميركي الذي فرض أن يكفل الدستور الدائم حرية التفكير والتعبير التي تواجه الآن مساعي محمومة من أحزاب الإسلام السياسي لتقييدها وتضييق الخناق عليها).
إلى جانب الوعي بالتاريخ، ينبغي النظر إلى هذه الاندفاعة القوية لإنصاف اليهود والتضامن مع المسيحيين، بوصفها تصويتاً من جانب العراقيين لصالح التمسك بالطبيعة المتأصلة لمجتمعهم متعدد القوميات والأديان والمذاهب والأجناس وألوان البشرة. العراقيون بهذا يقولون للطبقة الحاكمة أنهم يناهضون كل هذه الأفكار والممارسات التي تهدف إلى إثارة الضغائن حيال الآخرين، قومياً ودينياً ومذهبياً، وجعل العراق بلداً لقومية واحدة أو لدين واحد أو لمذهب واحد.. العراقيون بهذا يقولون أنهم يريدون الإبقاء على ما كان عليه أسلافهم من العيش مع بعضهم بسلام ووئام، عرباً وكرداً وتركماناً وأرمن.. مسلمين ومسيحيين ويهوداً وصابئة مندائية وإيزيدية .. شيعة وسنة وكاثوليكاً وآرثوذوكساً وبروستانتاً.
نعم هذه هي رسالة العراقيين الطائفين في مواقع التواصل الاجتماعي وسواهم، الذاكرين بالخير والعرفان مواطنيهم المهجّرين قسراً قبل ستين سنة، اليهود.. وهذه هي رسالة العراقيين المقبلين بحماسة متصاعدة عاماً بعد آخر على الاحتفال بعيد ميلاد المسيح، مع مواطنيهم المسيحيين الذين جاء الدور عليهم هذه المرة ليكونوا ضحايا حملة تهجير سافرة، تقف وراءها جهات أكثرها على علاقة وطيدة بقوى السلطة المتنفّذة، من أحزاب الإسلام السياسي وميليشيات الإسلام السياسي.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. رمزي الحيدر

    أهدي هذه الاغنية الى الذين لديهم أعتراض على يهود العراق. https://m.youtube.com/watch?v=8j3SxehrkOg

يحدث الآن

دي خيا يثير الغموض حول مستقبله

محكمة مصرية تلزم تامر حسني بغرامة مالية بتهمة "سرقة أغنية"

والدة مبابي تتوعد بمقاضاة باريس سان جيرمان

للحفاظ على «الهدنة».. تسريبات بإعلان وشيك عن موعد انسحاب القوات الأمريكية

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

من دفتر الذكريات

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

 علي حسين في ملحمته الإلياذة يروي لنا الشاعر الاغريقي هوميروس كيف أن أسوار مدينة طروادة كانت عصيّة على الجيوش الغازية . فما كان من هؤلاء إلا أن لجأوا إلى الحيلة فقرروا أن يبنوا...
علي حسين

قناديل: أما كفاكُمْ تقطيعاً بأوصال الوردي؟

 لطفية الدليمي غريبٌ هذا الهجومُ الذي يطالُ الراحل (علي الوردي) بعد قرابة الثلاثة عقود على رحيله.يبدو أنّ بعضنا لا يريد للراحلين أن ينعموا بهدوء الرقود الابدي بعد أن عكّر حياتهم وجعلها جحيماً وهُمْ...
لطفية الدليمي

قناطر: من وصايا أبي المحن البصري

طالب عبد العزيز هذا ما كتبه ابو المحن المحسود البصريّ لاِبنهِ ذي الهمّة، الذي واصل الليل بالنهار، متصفحاً خرائط المدن والاسفار، عاقداً وشيعة الامل بالانتظار، شاخصاً بعينه الكليلة النظيفة، متطلعاً الى من يأخذ بيده...
طالب عبد العزيز

ريادة الأعمال.. نحو حاضنة شفافة

ثامر الهيمص مخرجات الشفافية, تمتاز عن غيرها, بأن ردود الفعل تأتي انية في النظر او العمل, مما يجعلها تمضي بوضوحها مستفيدة من هنات وليس عثرات تراكمت اسبابها مسبقا في عالم الا شفافية, اللهم الا...
ثامر الهيمص
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram