مع بدء العد التنازلي لاستقبال السنة الجديدة ، تستعد جميع شعوب الكرة الارضية للاحتفاء بالحدث ، فيما تكثف الاجهزة الامنية جهودها لتوفير ظروف ملائمة للاحتفال ، عبر تفعيل الجهد الاستخباري لاحباط تنفيذ هجمات ارهابية تشنها جماعات متطرفة ،لمنع تكرار مأساة باريس.
الاحتفال العراقي بالعام الجديد سيقتصر على "البطرانين " على حد وصف جهات وأحزاب بعضها مشارك في الحكومة الحالية ، ترفض المظاهر الغربية ، بمزاعم ان المرحلة بحاجة الى تضافر الجهود للقضاء على الارهاب ، وتحرم ممارسة تقاليد مستوردة ، على الرغم من ان معظم العراقيين كانوا يحتفلون بالعام الجديد قبل عشرات السنين للمشاركة مع شعوب العالم في فرحهم ، في محاولة لتجاوز احزانهم المتكلسة في نفوسهم ، حتى أصبح العراقي منذ ولادته يحمل هما كبيرا ، لايمتلك سوى التمنيات لتبديد أحزانه المتراكمة ، جراء نشوب صراع سياسي على السلطة ، ثم خوض حروب خاسرة خلفت ملايين الارامل واليتامى والمعاقين،مع تكرار النكبات والازمات وانحطاط الدولة حوّل العراقيين الى "شعب مسكوف " على نيران السلطة.
في سنوات الحرب العراقية الايرانية اعتاد التفزيون الرسمي على إعداد برامج خاصة لاحتفال في العام الجديد ، المزاج الشعبي في ذلك الوقت لم يكن متعاطفا مع الحدث ، باستثناء ارتفاع اصوات الامهات بان تشهد السنة الجديدة نهاية الحرب ، في تلك الليلة عرض التلفزيون تقريرا يسلط الضوء على تجاوز المشاة خطوط عبور الشوارع العامة ، مقابل كراج علاوي الحلة كاميرا البرنامج رصدت المخالفين ، حين وجه مقدم البرنامج سؤاله الى من تجاهل خطوط العبور ، سمع إجابة واحدة من الجميع "ياعمي والله دايخ " ، بعد دقائق من بث البرنامج إستدعى مدير التلفزيون وقتذاك المعد والمقدم ، وابلغهما بعقوبة الانتقال الى قسم الارشيف ، لانهما لم يلتزما بالرسالة الاعلامية الحقيقية التي تعكس إقبال فرح العراقيين باستقبال العام الجديد متحدين ظروف الحرب ، يبدو ان جواب" ياعمي والله دايخ " ازعجت احد المسؤولين الكبار ، فاتصل بادارة التلفزيون لاتخاذ القرار الرادع بحق من بعث برسالة الى الرأي العام تكشف عن خيبة العراقيين ودوختهم المزمنة .
الجهات والقوى السياسية المعترضة على اقامة احتفالات لاستقبال العام الجديد لم تنقذ العراقي من الدوخة المزمنة فتحولت الى أمراض مستعصية لدى كبار السن ، من متابعي الفضائيات الباحثين عن اخبار جديدة ، فخاب ظنهم حين شهدوا الساسة وزعماء الاحزاب مالكي الفضائيات يطلون على الشاشة ليقدموا التهاني والتبريكات لشعوب العالم لمناسبة حلول العام الجديد ، لكنهم جعلوا العراقيين يحملون صفة "الشعب المسكوف " على نار هادئة .
باسثناء جميع شعوب الكرة الارضية الشعب العراقي الوحيد في العالم تتلخص أمنياته بالخلاص من الحرب ، جيلاً بعد جيل كرر الأمنية ، لعلها تصل الى من إرتدى البدلة المرقطة لاغراض الاستعراض ، ياعمي والله دايخ .
شعب مسكوف
[post-views]
نشر في: 29 ديسمبر, 2015: 09:01 م