TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > المخصصات المحذوفة وعش الدبابير !

المخصصات المحذوفة وعش الدبابير !

نشر في: 29 ديسمبر, 2015: 09:01 م

من محاسن الموازنة العامة للدولة للعام (2016)، أن مجلس النواب أقرّها وشرّع قانونها قبل بدء العام بإسبوعين،وهو ما يحصل لأول مرة خلال عشر سنين، ما يؤكد القدرة على إنجاز هذا الاستحقاق السنوي في الموعد المطلوب، ويُظهر أن المماطلات التي كانت تحدث في الأعوام السابقة من المرجّح أنها مقصودة من أجل المزيد من العبث بالمال العام وإثارة  المشاحنات السياسية وتأجيج نار الصراع الطائفي.
لابدّ ان هناك محاسن عدة أخرى يعرفها أهل الاختصاص أكثر مني، مع أن عيبها الكبير أنها جاءت بعجز مالي كبير، وهذا راجع إلى عمليات العبث بالمال العام في عهد الحكومات السابقة، فضلاً عن انهيار أسعار النفط على نحو خطير هذا العام.
من المحاسن الأخرى أن هذه الموازنة لم تتضمن المخصصات المالية الكبيرة (بمليارات الدنانير أو ملايين الدولارات) التي كانت الحكومة السابقة تهبها لبعضٍ محدود جداً من المنظمات غير الحكومية في خرق سافر للدستور الذي كفل إقامة العدل والمساواة بين العراقيين جميعاً، وبالضرورة بين الهيئات والمنظمات التي ينشئونها. فتلك المخصصات كانت تُمنح لمنظمات تنظر إليها الحكومة على أنها منظمات موالية، فيما تحجبها عن سائر المنظمات المصنّفة في عداد المعارضة. ومقابل تلك المخصصات كانت المنظمات المستفيدة تطبّل وتزمّر للحكومة حقاً وباطلاً وتتستر على أخطائها وخطاياها. ولقد حفل عهد الحكومة السابقة بالكثير من مهرجانات التمجيد غير المُستحق، مدفوعة الأجر من تلك المخصصات المستقطعة من مال الشعب.
وقفُ صرف المخصصات المشار إليها يسدّ واحداً من أبواب الفساد الإداري والمالي، وحتى الاخلاقي، فتلك المخصصات كان أقل المستفيدين منها هم أعضاء تلك المنظمات، فيما الأكثر انتفاعاً بها هم قيادات تلك المنظمات الذين كانوا يوظفون تلك الملايين في البذخ والإنفاق على أنفسهم داخل البلاد وخارجها، وفي شراء الذمم والمناصب في بعض المنظمات الدولية.
أعرف أنني بهذا التأييد للاتجاه الجديد في الموازنة العامة على هذا الصعيد أكون كمن أدخل عوداً مشتعل الطرف في عشّ للدبابير. هذا أمر متوقع ممن تنعّموا بتلك الملايين، مثلما تنعّموا  بأموال أخرى مستوفاة بصورة غير شرعية ومن دون سند قانوني ( تحت مسمى الاعتمادات)، على حساب الذين كان من المفترض أن تنتهي إليهم المخصصات المرصودة في الموازنات العامة للدولة في صورة مشاريع استثمارية من شأنها تأمين متطلبات العلاج من المرض والعطالة عن العمل والتقاعد مثلاً، فضلاً عن الاستشهاد على أيدي الإرهاب.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

 علي حسين منذ ان ظهرت الديمقراطية التوافقية في بلاد الرافدين ،والمواطنونالعراقيون يبحثون عن مسؤول مختلف يمنحونه ثقتهم، وهم مطمئنون ، رغم أنهم يدركون أنّ معظم السياسيين ومعهم المسؤولين يتعاملون مع المناصب على أنها...
علي حسين

قناطر: ليلُ العشَّار الطويل

طالب عبد العزيز يحلَّ الليلُ باكراً في أزقّة العشَّار، أزقته القصيرة والضيقة، التي تلتفُّ عليه من حدود شبه جزيرة الداكير الى ساحة أم البروم، يحدث ذلك منذ سنوات الحرب مع إيران، يوم كانت القذائفُ...
طالب عبد العزيز

محاسبة نتنياهو وغالانت أمام محكمة الجنايات الدولية اختبار لمصداقية المجتمع الدولي

د. أحمد عبد الرزاق شكارة يوم عظيم انتصاراللعدل عبارة تنم عن وصف واضح مركز ساقه الاستاذ المحامي الفلسطيني راجي صوراني عن طبيعة الدور الايجابي المؤثر للمحكمة الجنائية الدولية متمثلا بإصدار مذكرتي القاء القبض تخص...
د. أحمد عبد الرزاق شكارة

الاندماج في العراق؟

أحمد القاسمي عندما نسمع بمصطلح الاندماج يخطر بأذهاننا دمج الأجانب المقيمين في بلد ما. فاستخدام هذا المصطلح بات شائعا منذ بضعة عقود في الغرب ويُستخدَم غالبا عند الحديث عن جهود الدولة أو مؤسسات المجتمع...
أحمد القاسمي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram