TOP

جريدة المدى > عام > الأكاديمي المسرحي الدكتور "حميد صابر" لـ(المدى):واقعية المسرح العراقي مرهونة بجماليات الفن

الأكاديمي المسرحي الدكتور "حميد صابر" لـ(المدى):واقعية المسرح العراقي مرهونة بجماليات الفن

نشر في: 4 يناير, 2016: 12:01 ص

في زحمة الأحداث المتلاحقة التي يشهدها العراقيون على كل المستويات الاجتماعية منها والسياسية والثقافية ، قد يظن البعض أن إطلالات المسرح العراقي على جماهيره باتت في طي المستحيل ، خاصة بالنظر إلى الوضع الأمني والعسكري في البلاد ، غير أن المتأمل الدقيق ،

في زحمة الأحداث المتلاحقة التي يشهدها العراقيون على كل المستويات الاجتماعية منها والسياسية والثقافية ، قد يظن البعض أن إطلالات المسرح العراقي على جماهيره باتت في طي المستحيل ، خاصة بالنظر إلى الوضع الأمني والعسكري في البلاد ، غير أن المتأمل الدقيق ، يكتشف عكس ذلك تماماً ؛ إذ أن تجارب المسرح العراقي لم تتوقف يوماً منذ انطلاقاتها الأولى بدايات الربع الأخير من القرن التاسع عشر ، وفق ما يذكر المؤرخ المسرحي العراقي "أحمد فياض المفرجي" عن  "الحياة المسرحية في العراق" ، فلم يكن بمقدور المسرحيين العراقيين أن يتخلوا يوماً عن أداء دورهم في بث المعارف والمفاهيم عبر خشبة المسرح من أجل الحفاظ على حضور ثقافي حثيث لحضارات العراق مع الجماهير . وهذا الحراك الفاعل يؤكده في حواره مع "المدى" ، الأكاديمي المسرحي الكبير الدكتور "حميد صابر" ، والذي عبّر عن عمق التجربة المسرحية في العراق وتطورها واستمرارها في تبني قضايا الشارع العراقي وفق رؤية جمالية مواكبة لتطورات المشهد واشتباكاته المتلاحقة . جدير بالذكر أن الدكتور "حميد صابر" أستاذ جامعي في كلية الفنون الجميلة جامعة البصرة ، وله أطروحات ومشاركات فنية ومسرحية وتمثيلية عديدة في إطار فنون الدراما والمسرح العراقي ، وهو أحد المخرجين المتفردين في التأليف والإخراج المسرحي على مدار سنوات طويلة ، ومن مسرحياته التي اخرجها : هاملت يسقط متأخراً ، أوديب ملكاً ، كاليكولا ، الحر الرياحي،  كاروك ، وغيرها ... .
* بداية دكتور ، كيف يمكن للمسرح العراقي أن يكون متنفساً للعراقيين في ظل الأوضاع الحالية؟
- المسرح مذ نشأته في العالم كان المجال الأرحب لقضايا الناس وأسئلة الإنسان الملحة ووضعها في إطار درامي يبحث دوما في المسكوت عنه ، ومسرحنا العراقي لا ينفصل عن ركب المسرح العالمي في موضوعاته وجمالياته وفق هذا الإطار ؛ فقد كان جادا متجددا متجذرا في معالجة أكثر الموضوعات حساسية ، وهو دائم البحث من خلال مخرجيه المبدعين عن أوثق العلاقات مع المتلقي ، وقد عرف المسرح اتجاهات فكرية وجمالية تميزت عربيا،  لكنه كأي حال ووضع يتأثر بالواقع وهمومه وإشكالاته وصراعاته وقد يكبو ولكنه دائما ينهض ؛ ذلك لأنه تتوفر له ركائز من المواهب الشبابية الواعية من طلبة المعهد وكليات الفنون الجميلة والأساتذة المبدعين.
* وفقاً لتجاربك المسرحية المنوّعة : أيهما أكثر تماساً مع هموم المواطن العراقي .. تجارب المسرح الخاص أم تجارب المسرح القومي ؟
- قد يكون هناك التباس في مفهومى الخاص والعام ، والاقتراب أوالابتعاد من هموم الناس ليس رهن مسرح دون آخر، لكنه ومن الواضح تاريخيا أن المسرح كان ولازال يقترب بمسافات يحددها وعي الفرقة وتطلعاتها والإخراج ورؤاه ، ولدينا فرقة المسرح الفني الحديث وهي فرقة خاصة أهلية تشكل ومضات وإشراقات في التجربة المسرحية العراقية ، وكانت المنافس المهم مع عمل المسرح القومي ، وشكلت هاتان الفرقتان الأنموذج الأرقى مع الفرق الأخرى كالمسرح الشعبي وبعض أعمال فرقة تموز في مسرحنا العراقي ، بل قدمت أعمالا مسرحية شكلت انعطافا في أساليب الإخراج والكتابة ، ولا يمكن أن ننسى هنا تجارب المخرج الراحل قاسم محمد والمخرج الراحل إبراهيم جلال وعوني كرومي ود فاضل خليل ود عادل كريم ود عقيل مهدي ، وتجارب عدد من المسرحين الشباب . وعموماً مشاركات المسرح العراقي في المهرجانات العربية دليل على تقدم المسرح العراقي من خلال النتائج وكتابات النقاد العرب .
* كيف تقيّم مشاركاتك التليفزيونية العديدة عبر أعمال الدراما العراقية ؟
- مشاركاتي في الدراما العراقية ممثلا تأتي لتاكيد حقيقة جوهرية أن الأداء علم ووعي جمالي وإدراك أهمية أن يتعرف الجمهور الأوسع على دور الفنان الأكاديمي وهو ليس ببعيد عن الشاشة الصغيرة ، وأعتقد أننا حققنا حضورا مناسبا يدعم مسيرتنا المسرحية وتوظيف الدراسة الأكاديمية في فن الأداء الدرامي عبر الشاشة .  
* منذ قيامك بتأسيس فرقة مسرح الساعة في البصرة وحتى الآن .. ما الثابت والمتغير في قناعاتك النقدية والمسرحية ؟
- مسرح الساعة تاريخ من الوعي والانتماء والعطاء ، وقد كانت تجربة متقدمة لحظة ولادتها في مسار الحركة المسرحية الشبابية في البصرة والعراق ، وقد حققت الفرقة حضورا لافتا في عروضها المسرحية وحجزها مقعدا بارزا في التجارب الشبابية من خلال نصوصها وأساليب الإخراج ومواهب أعضائها في مجالات الفنون المختلفة ، ولاشك أن القناعات تتحرك وتتغير وتتقدم من خلال التواصل وخوض غمار التجارب المسرحية فضلا عن التحصيل الدراسي المتقدم والسفر والمشاركات. كل ذلك يترك آثاره وعيا وتجربة وجمالا وتحديا وتاريخا .
* هل ترى أن بالإمكان العمل حالياً على بلورة رؤية مسرحية مشتركة تكون نواة لمسرح عربي مشترك ؟ وهل لا يزال المسرح العربي يبحث عن ذاته ؟
- المسرح العربي تنوعت واختلف اتجاهاته متأثرا بالاتجاهات المسرحية الغربية الأوربية ، كما عرف المسرح الغربي مسرح العبث مثلا ظهرت اتجاهات متأثرة كتابة وإخراجا كميخائيل رومان وأخرى نهلت من المسرح البرشتي وغيرها بالواقعية النقدية والمسرح السياسي والتسجيلي والرمزي ، وفي المغرب العربي ظهر تيار المسرح الاحتفالي، وشُغل المسرحيون العرب منذ الستينات من القرن الماضي بالهوية العربية للمسرح والبحث عن قالب مسرحي عربي كما طرحه توفيق الحكيم ويوسف إدريس . وفي العراق اجتهد المخرج الراحل قاسم محمد في توظيف التراث العربي الإسلامي في المسرح والموروث العراقي كما في " بغداد الازل بين الجد والهزل " و " كان ياماكان " ، ومسألة بلورة مسرح عربي مشترك سعى البعض إليها محاولين تكوين فرقة عربية ، ولكن هذا ــ كما أرى ــ جهد مؤسسات كبرى ترعاها دول وحكومات ، وأيضا أن المشاركة ليست شكلا واحدا أو تنظيما بل إن التنوع أساس الديمومة والتواصل عبر اللقاءات المسرحية ، على ألا تكون مجرد أشكال سياحية مهرجانية لا تقوم على أسس واضحة صادقة واعية نقدية فاعلة فعلا في بلدانها ، وألا يقوم كل ذلك على العلاقات الشخصية .
* ما الذي لفت انتباهك بشدة في تاريخ المسرح العربي ونحن نغفل عنه حتى الآن في خياراتنا المسرحية؟
- أمور كثيرة تلفت الانتباه،  لكن الأهم هو أن المسرح العربي متجدد مواكب في التجارب والتجريب ، ولكن الإشارة الأهم أنه حبيس النخبة والجمهور المسرحي المعني بالشأن المسرحي ، بينما الجمهور العام بعيد عن الممارسة المسرحية بوصفها اجتهادا تجريبيا ومختبرا جماليا ، وفي بعض البلاد العربية مثل سورية المغرب العربي أثارت انتباهي حركة الشباب المسرحي المتصاعدة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

تقاطع فضاء الفلسفة مع فضاء العلم

الذكاء الاصطناعي والتدمير الإبداعي

موسيقى الاحد: "معركة" المغنيات

فيلم "الحائط الرابع": القوة السامية للفن في زمن الحرب

"الشارقة للفنون" تعلن الفائزين بمنحة إنتاج الأفلام القصيرة

مقالات ذات صلة

عباس المفرجي: القراءة الكثيرة كانت وسيلتي الأولى للترجمة
عام

عباس المفرجي: القراءة الكثيرة كانت وسيلتي الأولى للترجمة

حاوره/ القسم الثقافيولد المترجم عباس المفرجي بمنطقة العباسية في كرادة مريم في بغداد، والتي اكمل فيها دراسته الأولية فيها، ثم درس الاقتصاد في جامعة الموصل، نشر مقالاته في جرية الجمهورية، ومجلة الف باء، قبل...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram