TOP

جريدة المدى > عام > أحمد مختار:اللحن عنصر مشترك بين الموسيقى والشعر ترتبط فكرته بالانفعال الروحي

أحمد مختار:اللحن عنصر مشترك بين الموسيقى والشعر ترتبط فكرته بالانفعال الروحي

نشر في: 4 يناير, 2016: 12:01 ص

يعد المؤلف الموسيقي وعازف العود أحمد مختار من الاسماء المهمة في عالم الموسيقى . وقدم مختار أمسيات موسيقية في الكثير من العواصم الأوروبية والعربية معرّفاً بالتراث العراقي وآلة العود وجذورها التاريخية في وادي الرافدين، موضحاً ان العراق بلد موسيقى وشعر

يعد المؤلف الموسيقي وعازف العود أحمد مختار من الاسماء المهمة في عالم الموسيقى . وقدم مختار أمسيات موسيقية في الكثير من العواصم الأوروبية والعربية معرّفاً بالتراث العراقي وآلة العود وجذورها التاريخية في وادي الرافدين، موضحاً ان العراق بلد موسيقى وشعر وفلسفة ومهد حضارة، وان ما يمر به اليوم ليس سوى فترة طارئة على تاريخه المشرق، وذلك من خلال مؤلفاته الموسيقية والمحاضرات التي يلقيها في اماكن مختلفة. يعتمد مختار في عزفه على العود أسلوب المدرسة العراقية التي أسسها المعلم الاول الشريف محيي الدين حيدر مع خصوصيته التي يتميز بها واهتمامه بتفاصيل العزف، ويعتبر من الجيل الثالث لهذه المدرسة التي يتمسك بكل تراثها إضافة الى خصوصياته النابعة من التراث العراقي.

ولد في العراق ودرس في معهد الفنون الجميلة في بغداد - قسم الموسيقى - آلة العود. اكمل دراسة الموسيقى في المعهد العالي للموسيقى في دمشق. ودبلوم عال في تقنيات الموسيقى العالمية من جامعة لندن للموسيقى العالمية London Collage of Music.
حصل على شهادة الماجستير من مركز الدراسات الشرقية والافريقية - جامعة لندن عن آلة العود وموسيقى الشرق الأوسط. كما يدرس آلة العود ونظريات الموسيقى العربية والايقاع اليوم فيها.
منذ عام 2011 أسس مدرسة تقاسيم للموسيقى ويشرف عليها الى الان مع مجموعة من الاساتذة بالتعاون مع المركز الثقافي العربي البريطاني لندن.
نال عددا من الجوائز لعل اهمها من اتحاد الموسيقيين البريطانيين على جائزة افضل عازف ومؤلف لعمل موسيقي غير غربي لعام 1999 وجوائز أخرى واشترك في اكثر من 20 مهرجانا عربيا وعالميا.
كان للمدى معه هذا الحوار:
* نستطيع ان نقول ان احمد مختار بعد مسيرة فنية حافلة وتلقين دراسي، ما الذي اضفته على آلة العود ؟ وهل ترك لنا الأسلاف ما يمكن ان نضيفه؟
- من الصعب الاضافة لموروث العود العراقي في المدرسة العراقية لأن ما قدمه الرواد الشيء الكثير والأسبقية لها دورها ، ولكن بعد عمل استغرق 30 سنة يستطيع العازف ان يتحدث عن الاضافة اذا توفرت له بعض الميزات. هنا أحيلك الى رأي النقاد العرب والأجانب المتخصصين المنصفين ، فأغلبهم يؤكدون ما جاء كعنوان لمقال في مجلة الموسيقى العربية الصادرة عن المجمع العربي للموسيقى ( التأمل والإحساس جوهر موسيقى أحمد مختار:  بسبب العديد من المزايا والأسباب منها البناء التأليفي الموسيقي الذي يعتمده والذي يتضمن روح المعاصرة وعمق الموروث . أما تقنيته في العزف فهي مزيج بين التقنية القديمة الروحية والتقنية المطورة ، لذا فهو لا يستخدم تقنيات العزف على آلة الغيتار ويطبقها على آلة العود كما هو شائع اليوم) انتهى. وهنالك العشرات من المقالات التي لا مجال لذكرها الآن ويستطيع القارئ الاطلاع عليها بسهولة ، وكمثال أسلوب المحاكاة الشعرية التي تعتمد على النص الموسيقي والنص الشعري ، علاقاتي بالشعر ودرايتي به وتجربتي مع شعراء مهمين ساعدتني في استخراج شاعرية العود وإحساسه والابتعاد عن ميكانيكية العزف ، لذا وصفنا النقاد بـ(شاعر العود) رغم انني لا أفضل الألقاب.
* أنت من الجيل الثالث للعازفين.. ما الذي تركه الرواد في مسيرة أحمد مختار؟
- الكثير من القيم والأشياء اهمها الصدق ورسالة الفن الانسانية ومنها الاجتهاد في العزف ، العمل والمثابرة واحترام الجمهور واسلوب العرض والحضور على المسرح واحترام الوقت وآلة العود.
الرواد وضعوا مسؤولية كبيرة على عاتقنا امتداداتها تعود الى فجر الحضارات حيث الوجود الأول  للعود قبل 5000 سنة وأكثر حسب التنقيبات الحديثة.
نحن بدأنا من حيث انتهى الرواد لأنهم مهدوا الطريق لنا كي ننطلق بقوة من خلال الأسس الأولية التي وضعوها. انا شخصيا أشعر بفضلهم وأعيب وأستغرب من عازف شتمهم واتهم احد الرواد بادعاءات فارغة لا صحة لها ،لا لشيء سوى ان السلطة الدكتاتورية طلبت منه ، وذلك العازف معروف بالادعاءات والأكاذيب ، وللمزحة لقُب المدعي بـ( مسيلمة العواد) على وزن (مسيلمة الكذاب).
* الجانب التأملي يطغى على مؤلفاتك ، هل يكمن ذلك باختياراتك؟... ما تعليقك؟
- يكمن في أحمد مختار ،كعازف وكإنسان، ان الموسيقى تأمل والذي يعتقد انها تكنيك عضلي فهو واهم او ان من يقوم بذلك لم يصل الى جوهرها. فبالإضافة الى العزف ومعرفة الموسيقى ثقافيا هنالك عوامل اخرى تساعد على اتساع الافق منها قراءة الادب والشعر والرواية، ومتابعة الفن التشكيلي والمسرح والسينما، لتوحي لك بالأفكار وتنمي ثقافتك وذائقتك ما ينعكس عل المؤلفات الموسيقية وروحية العازف. شخصيا لي علاقة بالوسط الثقافي عميقة وطويلة بدءا من العائلة والمنطقة والبيت ثم الى سوريا ولبنان ولندن ، عرفت خلالها خيرة الشعراء وعملت وتعاملت مع اهم التشيكليين والمسرحيين ، ولديّ تشبث بالفن والثقافة والعمق .. نشأت بين كبار مثقفي الحركة اليبرالية اليسارية الوطنية، اضف الى ذلك اني ومنذ عشرين سنة اعيش في بريطانيا التي قابلت فيها شخصيات عالمية ثقافية، اما اللغة الانجليزية فقد اصبحت مثل لغتي الام. علاقاتي بالوسط البريطاني الثقافي والعملي عميقة وهذا كله فتح لي الآفاق للاطلاع على ثقافات العالم . وكل هذا يحدث بمتعة و رغبة في الولوج في العالم الثقافي .. لماذا أؤكد على المتعة والرغبة ؟ لأن التجربة ليست إقحاما.. وليست تثاقفا كما يحدث للبعض . ولكي نتأكد من ذلك عند الفنان يجب ان نلمس العلاقة بين ما يقوله وبين ما يفعله، وكمثال على التثاقف والزيف تجده عند من يتحدث عن السلام والمحبة والطفولة وهو يهدي اسطوانته لمجرم او يغني له او يتغزل به بقصيدة. وبدلا من تصحيح المسار يذهب البعض الى التنصل من ذلك باختلاق قصص ليس لها وجود ونفي ما قدموه للمجرم ولكن هذا لا ينفع لأن التاريخ قد وثّق أفعالهم.
* مقطوعاتك التي وضعتها لبعض قصائد الشعراء ، هل هي محاكاة للقصيدة أم لأن الأمر لا يختلف بين الصورة الشعرية والصورة الموسيقية.
- هي محاكاة وليست مرافقة ، تعتمد على عناصر مثل الإيقاع ، النغمة ، الأداء في الموسيقى والشعر.. لذا فإن القصائد التي لا تحمل موسيقاها الداخلية لا أتعامل معها وهنالك شعراء معروفون لا اعمل معهم لهذا السبب رغم التقائنا في نفس الأمسية  او المهرجان والسبب عدم توفر العناصر المطلوبة في العمل. وهنا يكمن سر العمل مع الشعر بشكل عام ومع شعراء مثل الجواهري والبياتي وادونيس ومظفر النواب ومحمود درويش وممدوح عدوان، ولاحقا مع شعراء انجليز مثل بول شيهان وروبرت كيلي واخرين .
* كيف توضح العلاقة هذه بمفهومك الجديد وهو أسلوب المحاكاة الشعرية ؟
- لتوضيح العلاقة لابد من المعرفة البسيطة بعملية التكوين الإيقاعي في الموسيقى وفي الشعر إذا أرادنا تكوين رؤية حول العلاقة بين الموسيقى والشعر ، وإضافة الى الرؤيا الايقاعية في الشعر والموسيقى هناك رؤيا اكثر غنى للإيقاع  إذا استطعنا أن نفرق بين الوزن والإيقاع في الموسيقى والشعر وتتحقق العلاقة إذا شدّدنا النبرة Accent) ) على العلامات الموسيقية طبقا للإحساس بالجملة الموسيقية . وبالمناسبة هذه النقطة هي جوهر العلاقة العملية بين الشعر والموسيقى.
أما العنصر الأساسي الثاني المشترك بين الموسيقى والشعر فهي النغمة التي يتكون منها اللحن الذي ترتبط فكرته بالانفعال الروحي. ولتقريب الفكرة أستطيع القول أن النغمة تشبه إلى حد ما عملية الإلقاء في الشعر الذي يعتمد على الانخفاض والارتفاع في الطبقة الصوتية وطريقة أداء المفردة, و كذلك النغمة تتكون من الطبقة الصوتية ( وهي شكل وعدد الذبذبات المنتظمة الصادرة من الآلات او الصوت البشري) والديناميكا ، أي كيفية الأداء. لذا نجد أن الشعراء الذين لديهم خامة صوتية مميزة أو يستطيعون الغناء البسيط هم الأكثر قدرة على الإلقاء الشعري والتواصل مع اسلوب المحاكاة الموسيقي.  
* لك دور مهم في الشروع بـ(نظريات موسيقية حديثة) من خلال عدد من البحوث ، هل لك رأي في موضوع إضافة الأوتار كما ادعى البعض في هذا المجال؟
- تاريخياً تمت إضافات متتالية لأوتار العود أذكرها حسب تسلسلها التاريخي: كان العود العراقي القديم في زمن ما قبل الإسلام يحتوي على ثلاثة أوتار، أمّا في العصر الأموي فقد أصبح العود بأربعة حيث ذكر ابن المنجم ان عود إسحاق الموصلي كان يحتوي على أربعة أوتار. وفي العصر العباسي جاءت إضافة أخرى لتنتج وتراً خامساً على يد الكندي، وقد نفّذ ذلك عملياً زرياب. في القرن الرابع عشر تمّت إضافة الوتر السادس، حيث جاء في مخطوطة "كشف الهموم والكرب في آلة الطرب" عن العود أنه "أنواع بحسب عدد أوتاره، فمنه عود ذو اثني عشر وتراً ومعشّر ومثمّن"، اننا نعرف أن أوتار العود مزدوجة. وفي القرن الخامس عشر كانت العيدان تصنّف حسب ما جاء في المخطوطات إلى عود قديم ذي أربعة أوتار وعود كامل ذي خمسة أوتار وعود أكمل ذي ستة.
أمّا في القرن التاسع عشر فقد ظهر العود ذو السبعة أوتار حسب ما ذكر صاحب الرسالة الشهابية ميخائيل مشاقة (1800- 1888)، أمّا عن الوتر الثامن فلم أجد له أي ذكر، لا في الكتب العربية القديمة ولا في المخطوطات التي اطلعت عليها بالضرورة، حيث كان لابد لي من الاطلاع عليها ودراسة مؤلفات كل من الفارابي، ابن سينا، صفي الدين الأرموي، ابن المنجم وآخرين، بحكم بحثي في أعمال الكندي، هنالك ادعاءات بشأن هذا الوتر يعود أقدمها إلى (1982-1983) لموسيقي مصري اسمه مجدي العشماوي. وما عدا ذلك فهي تصريحات اعلامية ليست لها صحة.
* مدى إسهام تجربتك الحياتية الثرّة في إبداعك الموسيقي او بمعنى آخر ما أوجه التأثير؟
- التجربة الحياتية والاستفادة منها امور جوهرية في تكوين الفنان ، فرغم صغر سنّي حين خرجت من العراق ، فقد عشت تجارب الكبار مثل الهروب عبر كردستان 1987والبقاء مع مقاتلي البيشمركة ثم الى ايران وهي تجربة ثرية رغم مرارتها ، ثم تجربة العيش والدراسة  في سوريا 1990 والعمل في الوسط العراقي اليساري الليبرالي المثقف والمجتمع السوري المنفتح ثم الى لبنان ومن ثم الى فرنسا وبريطانيا كلاجئ  1996 لأنطلق من جديد في مدنية ضخمة مثل لندن لا نعرف لغتها ولا ثقافتها. كل هذه العوائق الصعبة والمحزنة احيانا والمفرحة احيانا اخرى ساهمت في صيغتي وإثراء مادتي الموسيقية.
* تجارب إشراك الموسيقى الشرقية وأدواتها كالعود مثلا بالقالب الغربي صارت كثيرة في الآونة الأخيرة رغم الاختلاف من حيث البناء وطريقة العزف . ماذا عن تجربتك انت في هذا المجال؟
- عن نفسي لا اخوض التجارب إلا اذا كنت مقتنعا بها وواثقا منها ولا استغلها من اجل الإعلام والخبر الصحفي فقط... دراستي في بريطانيا للعلوم الموسيقية الغربية اضافة الى الشرقية وتجربتي العملية مع الموسيقى الغربية والشرقية أهلتني لذلك فوضعت خمسة اعمال للعود ولرباعي الوتري واخرى للعود وفرقة الحجرة . هذه الاعمال من شدة إتقانها لم تستطع احدى الفرق السيمفونية العربية عزفها، معرفتي بمساحات الآلات الاخرى سهل عملي ووضع مؤلفاتي حتى عزفتها فرقة بريطانية اوركسترالية وسيكون مشروعي القادم اصدار هذه الاعمال  باسطوانة.
وهنا استغرب ممن يتحدث عن عمل مع الاوركسترا وهو لا يعرف التأليف الاوركسترالي والهارموني ومراحله والقوالب الموسيقية وهيكيليتها والعوامل المشتركة بين الموسيقى الشرقية والغربية ويضع عوده بين اوركسترا اكبر منه صوتا ومساحة. لذا اعتقد ان تلك التجارب قامت من اجل الشهرة وولدت ميتة ولا تنفع. استثني عازفين قادهم موسيقيون متخصصون بالتأليف والموسيقى للاوركسترالية وأصبح دور العازف كمنفّذ  فقط .. مثل قيادة المايسترو صلحي الوادي حيث كتب للعود الاوركسترا بحرفية عالية وأيضا مايسترو واحد او اثنان عراقيان نجحوا بقيادة عازف العود مع الاوركسترا.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

تقاطع فضاء الفلسفة مع فضاء العلم

الذكاء الاصطناعي والتدمير الإبداعي

موسيقى الاحد: "معركة" المغنيات

فيلم "الحائط الرابع": القوة السامية للفن في زمن الحرب

"الشارقة للفنون" تعلن الفائزين بمنحة إنتاج الأفلام القصيرة

مقالات ذات صلة

عباس المفرجي: القراءة الكثيرة كانت وسيلتي الأولى للترجمة
عام

عباس المفرجي: القراءة الكثيرة كانت وسيلتي الأولى للترجمة

حاوره/ القسم الثقافيولد المترجم عباس المفرجي بمنطقة العباسية في كرادة مريم في بغداد، والتي اكمل فيها دراسته الأولية فيها، ثم درس الاقتصاد في جامعة الموصل، نشر مقالاته في جرية الجمهورية، ومجلة الف باء، قبل...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram