محال بيع الشاورمة في العاصمة بغداد، علقت لافتات تحمل عبارات القسم، بانها تستخدم لحم العجل العراقي الخالص والتجربة خير برهان ، بصرف النظر عن قناعة الزبائن بالقسم ، فانهم يقبلون على تناول اكلتهم المفضلة ، سواء كان صاحب المحل صادقا او كاذبا ، في السوق العراقية تتم الصفقات التجارية وعمليات البيع والشراء على قاعدة القسم خاصة في معارض السيارات ، ومكاتب الوساطة العقارية .
القسم بأغلظ الإيمان منذ القدم انتقل من الساحة التجارية الى السياسية ، في جميع دول المنطقة خطب الرؤساء والملوك من اصحاب السيادة والجلالة تبدأ وتنتهي بقسم ، ما ان يتولى مسؤول منصبه حتى يقف امام اعضاء مجلس النواب ليقسم بالقرآن الكريم ، بأنه سوف يعمل من اجل حماية الوطن وارضه ومائه وسمائه. في برامج القوى السياسية كافة قبل خوض الانتخابات التشريعية او المحلية، يرد القسم في كل فقرة من اجل كسب ثقة الناخبين والتصويت لصالح القائمة الفلانية بوصفها ستحقق آمال الجماهير .
الزعماء العرب قبل عشرات السنين اقسموا بان اسرائيل ستزول من الخريطة، وسيتحقق النصر بعودة الفلسطينيين الى ارضهم المغتصبة ، جمال عبد الناصر ، وعبد السلام عارف ، والرئيس اليمني عبد الله السلال ، وآخرون ، اقسموا بأن الصهيونية ستندحر عاجلا ام آجلا ، ما أُخذ بالقوة يسترد بالقوة ، مع تصاعد ارتفاع الاصوات في الخطب الرسمية ، استطاعت اسرائيل ان تحتل المزيد من الاراضي العربية ، وعلى الرغم من ورود القسم في كل البيانات الختامية لمؤتمرات القمة العربية ، افتتحت في عواصم عربية سفارات اسرائيلية تستقبل في المناسبات زعماء احزاب قومية ووطنية ، لطالما شتموا اسرائيل واقسموا بانها تقف وراء احباط مشروع النهوض القومي .
المقاربة بين اصحاب محال الشاورمة والقادة السياسيين تتجسد بحرص الطرفين على كسب ثقة الجمهور ، الطرف الاول يهمه اقبال اكبر عدد من الزبائن ، والثاني يسعى الى توسيع القاعدة الشعبية ، بكل الوسائل ، فيسخر وسائل اعلامه ، ونشاطات امين عام الحزب لتحسين سمعة التنظيم ، خصوصا ان ممثليه في البرلمان والحكومة ، تخلوا عن برامجهم الانتخابية وانشغلوا في ترتيب اوضاعهم الشخصية .
في الدول المعروفة بانها تمتلك تجارب راسخة بالديمقراطية ، لايحتاج السياسي او المسؤول الى القسم ، الامور تسير على وفق برنامج ثابت ، التداول السلمي للسلطة يتم بكل شفافية ، الخاسر يهنىء الفائز ، الجميع يعمل للدولة ، لا فرق بين حزب وآخر الا بما تفرزه صناديق الاقتراع ، لذلك لا حاجة للقسم بأغلظ الايمان، لأغراض الدعاية والترويج ، لكي يحصل الحزب على تمثيل واسع في البرلمان يؤهله لحمل حقيبة وزارية تجعل الامين العام في السنة الاولى من عمر الحكومة يمتلك عقارات في دبي ، يقسم بأنه حصل عليها من رزقه الحلال ، ليحاكي صاحب محل الشاورمة ، والعباس لحم عجل !
الله شاهد.. لحم عجل
[post-views]
نشر في: 4 يناير, 2016: 09:01 م