اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > المكوّنات العراقية والبحث عن وطن

المكوّنات العراقية والبحث عن وطن

نشر في: 6 يناير, 2016: 09:01 م

*الأكاديمي سعد سلوم :السياق الثقافي- السياسي العراقي تمييزي
*الشيخ غيث التميمي :لا أعوّل على دور المؤسسات الدينية والمرجعيات في إحداث التحولات الكبرى
 
شكلت المكونات (الأقليات) العراقية جزءاً مهماً من النسيج العراقي، إذ اختلطت الثقافات والتقا

*الأكاديمي سعد سلوم :السياق الثقافي- السياسي العراقي تمييزي

*الشيخ غيث التميمي :لا أعوّل على دور المؤسسات الدينية والمرجعيات في إحداث التحولات الكبرى

 

شكلت المكونات (الأقليات) العراقية جزءاً مهماً من النسيج العراقي، إذ اختلطت الثقافات والتقاليد ونتجت عنها لوحة فسيفسائية عراقية تركت بالغ الأثر في تشكيلات المجمتع العراقي في فترات تأسيس الدولة العراقية الحديثة. لكن هذه المكونات مرت بمراحل مدّ وجزر عبر فترات تاريخية تبعاً لتغير الأنظمة السياسية الحاكمة وتبعاً للظروف التي تنتج عن تلك الأنظمة . لكنها في اغلب الاحيان كانت فريسة سهلة للصراعات السياسية ، خاصة تلك التي يكون سببها الدين والقومية. ما تعيشه المكونات منذ 2003 والى يومنا هذا ربما تعد الفترة الأسوأ في تاريخها ، فقد تناقصت أعدادها وقل نفوذها وهُجرت وهاجرت ونُحرت في شتى الاتجاهات. عن حالها وأحوالها ومستقبلها ، كان هذا الحوار مع عضو المجلس العراقي لحوار الأديان والمنسق العام لمؤسسة (مسارات) الأكاديمي سعد سلوم، والباحث في الشأن الإسلامي الشيخ غيث التميمي الكاظمي:

س-الى أي حد يمكن القول ان مصطلح الأقليات تمييزي ومهين لدى المكونات المتنوعة للمجتمع العراقي، وهل تشكل حقوق الأقليات الواردة في الدستور ضمانات كافية؟
سلوم- في الواقع ليست هناك أية دلالة سلبية يتضمنها مصطلح (أقليات) ، اذ يرد لوصف  جماعة اقل عددا من بقية السكان وفي وضع غير مسيطر. لكن السياق الثقافي هو الذي يجعل المصطلح مرادفا للامتهان والشعور بالضآلة. والسياق الثقافي-السياسي العراقي هو سياق تمييزي كما هو واضح، لذا لا يشعر افراد الاقليات بالراحة من وصفهم بأقليات. في حين ان الدول التي يتم فيها منح الاقليات حقوقا تفضيلية على بقية السكان، يشعر افراد الاقليات بوضع تمييزي ايجابي بسبب كونهم  ينتمون الى الاقليات.
وقد منح الدستور العراقي الاقليات في العراق حقوقا غير مسبوقة في المنطقة العربية، اذ اولا هناك اعتراف بالتعددية في المادة 3 التي تنص على ان "العراق بلدٌ متعدد القوميات والأديان والمذاهب"، وأشار الدستور الى حقوق الأقليات الدينية في المادة (2) ثانيا بقوله: "يضمن هذا الدستور الحفاظ على الهوية الإسلامية لغالبية الشعب العراقي، كما ويضمن كامل الحقوق الدينية لجميع الأفراد في حرية العقيدة والممارسة الدينية، كالمسيحيين، والأيزيديين، والصابئة المندائيين". ونص في المادة 125 على حقوق الأقليات القومية بقوله : "يضمن هذا الدستور الحقوق الإدارية ، والسياسية ، والثقافية ، والتعليمية للقوميات المختلفة كالتركمان، والكلدان والآشوريين، وسائر المكونات الأخرى، وينظم ذلك بقانون". لكن في النهاية فإن الفيصل ليس ما يرد في الدستور بل في امكان تحويله الى واقع ملموس. وامكانية ان تتحول المواد التي تتضمن الحقوق الواردة في الدستور الى تشريعات، وان يتم تنفيذ التشريعات بحيث تحقق الغرض منها وتحقق العدالة الاجتماعية وتنجز المواطنة.

س- اذا كان الدستور العراقي ينص على حقوق الأقليات ويتضمن اعترافاً بهم، لماذا إذن تشعر الأقليات بالحيف والتهميش؟
سلوم- من وجهة نظري فإن دستور 2005 الذي أسس لفلسفة النظام السياسي الجديد يقوم على (موديل) ينتزع  بيد اخرى حقوق الاقليات والمواطنة التي منحها باليد الاولى،  اذ على الرغم مما تضمنه من اعتراف بالاقليات او منحها حقوقا، فإنه أسس نموذجاً انقسامياً، هو نموذج دولة المكونات . يقوم هذا النموذج على تخيّل معين للعراق بوصفه مجموعة مكونات، أي كيانات أقل من المجتمع، وأكبر من الفرد. وهو ما يجعل مشروع بناء هوية وطنية جامعة مستحيلا، فضلا عن الإجهاز على فكرة المواطنة. فالفرد-المواطن وفقا لهذا النموذج ذائب في  هوية المكوّن. أي باختصار فكرة المكوّن التي عززها الدستور سوف تفرض علاقة حتمية بين الفرد ومكوّنه، تقضي على أي تخيل لعلاقة ممكنة أو مفترضة مع هوية جامعة أكبر من جهة هي الهوية العراقية، وكانت على حساب حقوقه الفردية المتضمنة في الدستور، والتي فرغت من مضمونها بناء على أسبقية علاقة (الطائفة-المكون) بالدولة (جماعات كبرى وأقليات) من جهة، وتقديمه أساسا بوصفه فردا ينتمي إلى مكون (فردا في أغلبية او أقلية: دينية إثنية مذهبية... وغيرها)، وليس فردا حاملا لحقوق أساسية بوصفه كذلك.

س-بعض مواد دستورالعراق الاتحادي اعتبرت الاسلام دين الدولة الرسمي ومصدراً اساسياً للتشريع ولا يجوز سن قانون يتعارض مع ثوابت أحكام الاسلام وجاءت مواد اخرى منه تقول انه لا يجوز سن قوانين تتعارض مع مبادئ الديمقراطية وكذلك لا يجوز سن قوانين تتعارض مع الحقوق والحريات الاساسية الواردة في هذا الدستور ، بذلك اوقع الدستور نفسه في إشكال وتناقض ، الامر الذي انعكس على الاقليات فقط.
التميمي- فلسفة الدين هي إثراء الحياة الروحية للافراد ومساعدتهم على الشعور بالاتصال مع الخالق الملهم٬ فيما وظيفة الدولة هي ادارة المصالح العامة للمواطنين وضمان كرامتهم وتحقيق اعلى مستويات الرفاه والتنمية المستدامة الممكنة. والشريعة تخاطب الافراد بشكل مباشر (الاحكام التكليفية والاحكام الوضعية ) ولا يوجد في الشريعة حكم موجه لغير الشخصية الفقهية (المكلف وهو : البالغ العاقل المسلم المستطيع ذكرا كان ام انثى) والدولة شخصية معنوية (غير خاضعة للتكليف الشرعي) وتكليفها يعتبر سالبا بانتفاء الموضوع لأن موضوع التكليف هو (الانسان البالغ العاقل المسلم المستطيع) وهي ليست ايا من هذه الصفات، إذن فإن اقحام الدولة في معمعة (دين الدولة) اولا هو ليس امرا دينيا ولا اساس شرعيا له !!
وثانيا هو تشويه للدين والدولة معا . فمثلا انا اطلب من مختبر كيميائي ان يقدم خدمات مختبرية ناجحة بشرط اعتماد التاريخ في تحاليله !!علما ان لا الكيمياء موضوعها التاريخ ولا التاريخ احد عناصر التحليل الكيميائي لذلك هذا الشرط هو قتل للمختبر وتشويه للتاريخ !!
وهذا ما حدث فعلا في العراق ، تم قتل الدولة وتشويه الدين٬ واضراره لم تقع على الاقليات فحسب وانما على كل العراقيين.

س-كيف يمكن إذن تدارك ذلك ومنح الأقليات حقوقها ؟
سلوم- في الواقع يشغلني هذا السؤال منذ سنوات، وقد عملت على اقتراح تشريع لضمان حقوق الاقليات منذ العام 2011، وفي كتابي الجديد "الوحدة في التنوع"  مشروع قانون للحفاظ على التنوع في العراق، لكن الان اشعر بأننا حتى لو حولنا الحقوق الواردة في الدستور الى تشريعات، وحتى لو اصدرنا تشريعات تعزز المساواة وتتصدى للتمييز، فإن ذلك ليس كافيا دون تغيير فلسفة النظام السياسي، وهو ما اقترحته في كتابي الجديد من خلال نموذج دولة "المواطنة الحاضنة للتنوع الثقافي" التي اطرحها كبديل لنموذج "دولة المكونات"،  وفي بلد تعددي مثل العراق يضم جماعات إثنية مختلفة ضمن إطار حدوده السياسية، فإنه ينبغي تأسيس نموذج دولة حاضنة للثقافات ، عن طريق بناء مؤسسات سياسية واجتماعية تستطيع من خلالها مختلف الجماعات الإثنية من حل خلافاتها بوسائل ديمقراطية من دون إلغاء الآخر.
وفي هذا السياق  قدمت في كتابي الاخير مثال المواطنة الحاضنة للتنوع، في مجتمع تعددي، على نحو يتضمن المساواة والشراكة من منطلق احترام التنوع، وعدّه مصدر ثروة لا ينضب، أو مصدر غنى جماعي مشترك، فالمواطنة الحاضنة للتنوع تهدف إلى تعزيز التعايش السلمي بين جميع مكونات المجتمع، والذي لا يمكن أن يقوم إلا في ظل أنموذج يعزز التعايش بين جميع المكونات، قائم على أسس الحوار واحترام الآخر من دون فرض نمط ثقافي مهيمن.

س-من الأسباب الأخرى لقتل وحرمان وتهميش واقصاء وتهجير أبناء الأقليات هو تسلل وتغلغل مفاهيم ومضامين ثقافية ودينية مغلوطة ومقلوبة ودخيلة الى جسم المجتمع العراقي بغفلة من الزمن الرديء حيث يقوم الإرهاب الأسود والتطرف باستغفال عقول الناس البسطاء لنفث سمومه وتتمحور هذه المفاهيم في تهميش وإقصاء وإلغاء وتكفير المكونات الدينية والقومية الصغيرة (غير المسلمة) بعد سقوط النظام السابق ( 2003).
التميمي- التكفير والقهر الديني جزء اساسي من التراث الديني الاسلامي والحقيقة ان المسلمين يحاولون خداع انفسهم بعدم مواجهة هذه الحقيقة ، وانا شخصيا وجهت دعوات متعددة لعلماء المسلمين في العراق واغلب دول العالم الاسلامي حول ضرورة مراجعة هذا التراث واتخاذ مواقف شجاعة منه لحماية الأجيال والمجتمعات منه خصوصا ان الشرق هو مهد التعددية وخصوصا العراق ومصر والشام ولا ينبغي ان تذبح هذه المكونات أمام أعيننا ونحن صامتون او نخدع انفسنا ببيانات استنكارية ذات طابع سياسي ونترك اصل الموضوع وهو: مراجعة تراث قائم على الانتقام من المختلف الديني والآخر الديني بأبشع الصور٬علما ان المؤسسة التشريعية في العراق اعلنت تضامنها الدائم مع الجماعات الإرهابية الجهادية الأصولية فيما يتعلق بأتباع الأديان الاخرى !!
فإنهم بدل ان يعيدوا دمج العراقيين اليهود في المجتمع العراقي ويرجعوا لهم ممتلكاتهم المغتصبة ويعوضوهم معنويا وماديا عما لحق بهم ، وهكذا البهائيين ، قامت السلطة التشريعية بتشريع اسوأ القوانين المذلّة بحق المسيحيين والمندائيين والايزيديين والمكونات غير المسلمة الاخرى !! وهذا يدل على اصولية التوجهات الفكرية لدى غالبية النواب في العراق بل انك تجد النواب الشيعة والسنّة مختلفين في كل شيء تقريبا الا في اضطهاد المكونات الدينية غير المسلمة في العراق .

س- أجريتم قبل أشهر لقاءً روحياً بين رجال الدين، وهو جزء من نشاطكم في الحوار بين الاديان،  واطلقتم عليه اللقاء الروحي بين صنّاع السلام، متى يمكن ان تتحول هذه النشاطات من إطارها النخبوي لتتحول الى مد شعبي او تؤثر على صعيد اجتماعي واسع؟
سلوم- هذا سؤال مهم ، وهو الدافع وراء اطلاقي تسمية (لقاء روحي) على نشاط يخص حوار الاديان، ووصفي للمجتمعين بصنّاع السلام، فهم حقا صناع سلام، وكان هذا اللقاء الروحي يتضمن خطوة نحو جعله يخرج من الإطار النخبوي لحوار الأديان بين القادة والزعماء الدينيين، ليجمعهم مع فئات اخرى مستهدفة في الحوار من النساء والشباب والعلمانيين. وقد كان اللقاء يضم هذه الفئات مجتمعة، إذ إن الشباب يمثلون الفئة الأهم من حيث الاستهداف في الحوار الديني،  كونهم الفئة الأكثر استعدادا للانفتاح على الآخر، وبناء جسور بين الجماعات المتنازعة، وعبر النشاطات المختلفة من الورش والزيارات  المتبادلة، يمكن العمل مع أجيال جديدة متحررة من سطوة الماضي وهيمنة مشاعر التعصب الديني. وكذلك النساء اللواتي يتحملن العبء الاكبر في ظل النزاعات الطائفية، فضلا عن كون النساء الفئة الاكثر تهميشا في معظم التقاليد الدينية.

س- الدور الإيجابي الذي يمكن ان تقوم به القيادات الدينية من أجل تعزيز التعايش السلمي بين المجتمعات لا يزال غير مستثمر إلى حد كبير من قبل المؤسسات والمنظمات الدولية والمحلية بمَ تعلل ذلك؟
التميمي- المرجعيات والمؤسسات الدينية تقع على عاتقها مسؤولية كبيرة جدا خصوصا في ما يرتبط بمعالجة الجذور الدينية للارهاب٬ ولكن دعني ايضا أوجه الرأي العام لدور المؤسسات التعليمية والتربوية بأن عصر التنوير العراقي (اذا جازت هذه التسمية) كان يقوده معلمون واساتذة جامعات وادباء وشعراء ومثقفون وكتاب . في تصوري ان الاستخفاف بدور المؤسسات التربوية والتعليمية في إحداث التحولات الكبرى في العراق خطأ فادح ، يجب ان نناضل من اجل اخراج المؤسسات التربوية والتعليمية من ايدي الاسلاميين والاحزاب والمحاصصة ونعيد هيبة هذه المؤسسات.
انا شخصيا لا اعوّل كثيرا على دور المؤسسات الدينية والمرجعيات في إحداث التحولات الكبرى. نعم انا اعتقد ان على المرجعيات عدم معارضة اية محاولة اصلاح جذري للعطب الثقافي والتربوي والسياسي والتشريعي في العراق وهذا اظنه متوفرا كما يظهر دائما من المرجع الأعلى سماحة الإمام السيد السيستاني.

س- د. سعد ، بخصوص المجلس العراقي لحوار الأديان ، ما الغاية من تأسيسه وسط هذا الكم من الاختلافات والانتهاكات.
سلوم- تبلورت تجرية المجلس العراقي لحوار الاديان منذ اطلاقنا مبادرة الحوار الإسلامي المسيحي 2011، وبعد أكثر من عامين من العمل لتأسيس أرضية صلبة للحوار الديني في العراق عن تأسيس إطار أشمل من الحوار الإسلامي المسيحي، تطوّرت فكرة حوار أديان بوصفها دبلوماسية "خيار ثان" لمعالجة الصراع الطائفي، أو الحد من آثاره، لاسيما بعد أن وصلت حالة الاحتقان الطائفي خلال العام 2013 إلى ذروتها، وعادت أشباح الحرب الأهلية لتخيم على مشهد سوداوي مع اقتراب موعد انتخابات العام 2014. فأعلن رسميا عن تأسيس "المجلس العراقي لحوار الأديان" في آذار 2013 كإطار يجمع قادة دينيين ومدنيين من مختلف الثقافات العراقية.
والمجلس اطار مدني عام يضم نشاطا مؤسسيا متنوعا، فـ (مسارات) هي احدى الجهات التي اسست المجلس بخبرتها في مجال الدفاع عن التعددية والاقليات منذ العام 2005، وهناك اكاديمية بغداد للعلوم الانسانية بإدارة الآباء الدومنيكان والتي هي المكان الوحيد في العراق الذي تدرّس فيه العلوم الانسانية على نحو يربطها بتحديات الواقع العراقي القائم، فضلا عن تدريس حوار الاديان فيها، واخيرا هناك دار العلم للإمام الخوئي في النجف الاشرف، وهي المؤسسة الدينية الوحيدة في العالم الاسلامي التي يجري فيها تدريس الايزيدية والمندائية والمسيحية من قبل رجال دين ينتمون لهذه الاديان. واعتقد ان العمل الاكبر للمجلس والاكثر فاعلية لا يظهر لوسائل الاعلام، ولسنا بصدد التصريح به او التفاخر به، لأن الهدف من انشاء المجلس هو العمل من اجل تعزيز التنوع عبر مؤسساته واعضائه، وهو عمل يحتاج لأعوام وعقود، سرا وعلانية، وقد لا تتضح نتائجه حاليا.

س- شيخ  ، أسهمت مدرسة النجف الأشرف وما زالت بإبراز الدور الإيجابي للدين متصدية للقوى التي تحاول اساءة استخدام الدين لتأجيج الخلافات الطائفية لخدمة مصالح ضيقة سياسية وشخصية وإقليمية . ترى لمَ عجزت عن ذلك في الوقت الحالي وإن لم يكن عنفا مسلحا فهو عنف اجتماعي او اقتصادي او سياسي.
التميمي-  النجف تاريخيا ترتبط بمتن شيعي قائم على فكرة تعطيل الاحكام العامة (مثل القضاء والحدود والتعزيرات والجهاد و الخ) في زمن غيبة الإمام الثاني عشر عند الإمامية وهذا ما يجعلها دائما تبدو معتدلة واقل عنفاً من الاسلام بنسخته السنيّة ، وبظني ان النجف لا تزال تمارس نفس الدور المهم والكبير في تنظيم الامور وتقليل الضحايا في العراق . ولكن العوامل المتغيرة ليست في صالح النجف للاسف الشديد اذ ان الجماعات الجهادية السنيّة باتت تمارس ما يشبه الإبادة ضد الشيعة في العراق وتستخدم ابشع الطرق منذ ٢٠٠٣ الى الان وهكذا تنامى الحس الطائفي ضد شيعة المنطقة . كل هذه العوامل تخدم المنافس الداخلي للنجف ومرجعياتها المتمثلة بولاية الفقيه وهي مرجعية شيعية ذات تأثير متنامٍ تتخذ من ايران منطلقا لمشروعها الاسلامي الثوري العابر للحدود وهي تستند لمتن شيعي يعتقد بضرورة التمهيد للمهدي المنتظر من خلال اقامة الحكم الاسلامي وتطبيق احكام الشريعة . ٬ولكن رغم ذلك استطاعت النجف وبأسلوب في غاية الحكمة والتوازن ان تمنع نشوب حرب اهلية في العراق في اكثر من مرة .

س- أطلقتم مبادرة "الوحدة في التنوع" قبيل أعياد الميلاد، ودعوتم للاحتفال بالكرسمس على نحو مختلف هذا العام، في أي سياق تأتي فكرة المبادرة؟
سلوم- بدأت الفكرة عندما كتبت مقالا ردا على اصوات متشددة من بعض الدعاة الاسلاميين تدعو لتكفير كل من يحاول تقديم التهاني لأقرانهم المسيحيين  في اعياد الميلاد، وقد أثار المقال اصداء لم اتوقعها، وكنت قد دعوت في مقدمته  الى يحمل كل منا شمعة ويتقدم الى كنيسة مجاورة او الى مخيمات النازحين، اردت ان يكون الاحتفال هذا العام بإقامة شعائر خلاصية لوحدتنا الوطنية، وليكن هذا الحشد الميلادي تعبيرا عابرا عن الأمل الذي نحتاجه جميعا.
ثم زرت البصرة والنجف وأقمت ورشاً لإطلاق الحملة، كما اقمت ورشة في بغداد، كان من نتائجها هذا الحراك الرائع للشباب نحو الكنائس مع الشموع، وفي النجف حيث يحتفل الشباب هناك سنويا بأعياد الميلاد ايضا، وفي وقت زيارتي للنجف كانت هناك مجموعة شبابية تنطلق للحلة لزيارة كنيسة وايقاد الشموع فيها. هذه هي روح الميلاد التي ندعو لها، وهؤلاء هم بناة الأمل وصنّاع السلام الحقيقيون الذين يمكن حقا ان ينقذونا، هذه هي الروح الحية لفعل احتجاجي أخر لا يمكن ان يموت او يهادن.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram