اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > الفـصــلُ العشـائـري أداةٌ لابـتـزاز الموظـفـيـن

الفـصــلُ العشـائـري أداةٌ لابـتـزاز الموظـفـيـن

نشر في: 10 يناير, 2016: 12:01 ص

يبدو أن الفصل العشائري بدأ يلوح  بظلاله بين موظفي الدولة بعد أن اختبأ القانون خلف الستار حيث قصة المهندس بشار احمد مدير قسم في وزارة الكهرباء الذي تعرَّض الى موقف لا يُحسد عليه حين قام السائق الذي يرافقه في بعض الواجبات الوظيفية بافتعال مشكلة تت

يبدو أن الفصل العشائري بدأ يلوح  بظلاله بين موظفي الدولة بعد أن اختبأ القانون خلف الستار حيث قصة المهندس بشار احمد مدير قسم في وزارة الكهرباء الذي تعرَّض الى موقف لا يُحسد عليه حين قام السائق الذي يرافقه في بعض الواجبات الوظيفية بافتعال مشكلة تتضمن كلمة واحدة فقط ابتعدعها من نسيج خياله، ليحصل على الفصل العشائري الذي توّج خلاله باعتذار رسمي وتجمّع عشائري كبير من الطرفين ليشهدا المناورة بين العشيرتين الاولى التي "ترفع" بطلب الفصل والثانية التي "تكبس" وتستمر جلسة الفصل لساعات لينتهي لخاطر فلان وفلان باعتذار مدير القسم السائق الذي عاد الى العمل معه وكأنّ شيئاً لم يكــن.

 

اعتذار بـدل الفصل
المهندس بشار قال لـ(المدى) أتهمني السائق باستخدام ألفاظٍ نابية أثناء أحد الواجبات وهذا عارٌ عن الصحة. مستغرباً: ما حدث ذلك في هذا الوقت، ولما أتهمني بالتجاوز عليه وطلب تعويضا كبيرا اكتفى بعده بالاعتذار امام 50 شخصا بعضهم موظفون في ذات الدائرة. مبينا: انه عاود العمل في ذات الدائرة والقسم، لكنه فضّل هذه المرة ان يذهب ويعود الى الدائرة من دون سائق.  

الموظفات والفصل العشائري
حالة ثانية تكررت بين الموظفين هذه المرة قامت موظفة باتهام زميلة لها (متمكنة ماديا) ولديها حسب تصور المدعية من المال ما يكفي لدفع الفصل لذلك وقع عليها الاختيار. حيث تفاجأت أنوار بأن زميلة لها تتهمها بأنها (غبية) سمعتها حين مرّت بجانبها. هذا الموضوع تحول الى مشكلة كبيرة واستجواب للطرفين الشاكية والمشتكى عليها من قبل رئيس الدائرة الذي لا يعلم كيف يمكن ان يصل حال الموظفين الى هذا المستوى وتبادل الاتهامات بينهم من اجل الحصول على المال فعندما طلبت انوار فتح تحقيق لإثبات صحة ادعاء الزميلة المدعية عليها رفضت وقالت سوف أقوم بالمقاضاة عشائريا!
أنوار التي أخبرتنا بحكايتها بأنها لم ترَ الزميلة ذلك اليوم وجاء شهود وابلغوا المدير بأنهم لم يروا المدعية ولم يسمعوا كلمة (غبية) وما شابه. على ما يبدو ان رئيس الدائرة تفهم الموضوع الذي انهاه بالمصالحة والتراضي وان الوقت الحالي لا يسمح بالمشاكل والناس لديها ما يكفي من الامور الصعبة. وفي نهاية الامر اتضح ان الموظفة (المدعية) أن أغلب أفراد عائلتها تمارس هذا العمل لابتزاز الناس والحصول على المال!  

القانون عرض الحائط !
الحادثة الأخرى تطاول معلمة على مديرة مدرسة والاخيرة تسكت بعد ان قامت المعلمة بسبِّها وشتمها والإيتاء بعشيرتها اذا قامت المديرة بابلاغ الوزارة بأنها تقوم بإعطاء التلاميذ الدروس الخصوصية، وهذا دليل على ان قانون العشائر العراقي الذي وصل حـد الإلزام مؤخرا بسبب ما يراه البعض ضعفاً في القانون الوضعي، وقناعة الفرد العراقي بان قانون العشائر هو القادر على اخذ حقه من غرمائه، لأن قانون الدولة عاجز عن استعادة حق الشخص .
المعاون القضائي علي الساعدي اكد بحديثه لـ(المدى): للاسف ان قانون العشائر ضرب القانون عرض الحائط. مبينا: ان مجلس القضاء الأعلى يؤكد ان قوانين العشائر غير ملزمة بتاتا للمحاكم والقانون يأخذ مجراه في كل القضايا. مضيفا: ان الدراسة القانونية تؤكد على ان جميع الدول الناطقة بالعربية تمتثل لقانونين رئيسيين هما القانون الوضعي لإدارة الدولة والقانون العشائري الذي تراه يطغى على الاول في بعض الدول، وبشكل محدد في مجتمعات تعاني من اضطربات سياسية واجتماعية.

نسبة من الفصل
واضاف الساعدي: في العراق مع الأسف نجد ان هناك مَن استغل الوضع الأمني وما يدور من احداث من اجل الحصول على المال باتهام الآخرين وابتزازهم عشائريا. موضحا: لو القانون  كان موجوداً سوف تخضع العشائر والمواطنون له من دون استثناء. مسترسلا: في الحالات التي تتحدثون عنها من قيام موظفين حكوميين بتهديد زملائهم بالفصل العشائري او اتهامهم من اجل الابتزاز العشائري مرتبط بقانون انضباط موظفي الدولة الذي يسري على الجميع.
واستطرد المعاون القضائي: يفتح تحقيق بالحادث بين مَن ادعى والمدعى عليه وترفع التوصيات من قبل مدير الدائرة او القسم الى المدير العام الذي يكتب يصادق على توصيات اللجنة التحقيقة بعد سماع كل الاطراف. مبينا: ان العقوبة تكون لفت نظر اذا ثبت صحة الادعاء واذا لم تثبت ايضا تكون العقوبة لفت نظر للمدعى عليه ويغلق التحقيق. لافتا: اما خارج الدائرة الامور تختلف كليا حيث يتصرف كل شخص على هواه ومع الاسف العشائر تشجع مثل هكذا امور للحصول على الاموال او نسبة معينة من الفصل!

تخطي الحدود والقانون
القانون المدني العراقي أكد في اغلب نصوصه على أن تبقى الأحكام على ما هي عليه دون اي تغيير، لأن أهل الضحية يتنازلون عن حقهم الشخصي وليس الحق العام فالحق الشخصي من حقهم التنازل عنه اما الآخر فهو أمر قانوني يتخذ عقوبات بشأنها لأنه حق الدولة ولا يتاثر بتنازل اهل المجني عليه او المشتكي او المتضرر من جراء الفعل الإجرامي  حتى في حالة التصالح والتنازل.. القانون يأخذ مجراه ولا يُطلق سراح الجاني وهذا يكفي بان القانون العشائري يخضع ولو ببعض الفقرات الى النقض القانوني لإكمال سري الأحكام .
الشيخ محمد البرزنجي تحدث لـ (المدى) قائلاً: العشائر تعتمد على القانون في تحقيق المصالحة تجنبا لسفك الدماء حيث يساعد الكثير من رجال الأمن الخيرين، وبكل صراحة هناك مندسون استغلوا العرف العشائري في مواضيع هي اقرب للتجارة. مبينا: ان هذا خطأ كبير ساعد على تخطي الحدود والقانون مع الأسف.

تجارة مربحة لبعض العشائر
وبشأن ما يصلهم من قضايا بهذا الخصوص قال البرزنجي: تأتي الكثير من الامور لا تستحق ان نعقد الجلسة والفصل العشائري بسبب خلفيتها. مستدركا: لكن التهديدات بالقتل واطلاق النار والدهس وحتى السرقة وامور اخرى لا بـــدَّ من النظر بها. مبينا: ان التعريف الاسلامي معروف للجميع هو الدّية او الحكم الذي تفرضه العشيرة على الشخص الذي يخل بكرامة وحرمة أحد أبنائها.
واضاف الشيخ البرزنجي: عندما يأتي الشخص من العشيرة ويطلب الذهاب معه لفصل عشيرة اخرى نجلس ونتباحث معه اذا كان الأمر يستحق ام لا. مضيفا: وفق ذلك يتم ايفاد وفد يمثل العشيرة يهب للتفاوض ومعرفة ما حدث من ثم البدء باجراءات التصالح واستعادة الحق. متمنيا: من بعض العشائران تكون عونا للمظلوم لا للظالم وان لا تكون الدّية مثل الأتاوة حتى لا تكون تجارة مربحة عند بعض الأشخاص والعشائر.

الدستور والمادة 45
وهنا يمكن ان نشير الى ان المادة (45) حيث تحدث الدستور العراقي الدائم عن موضوعين معا: العشائر والمجتمع المدني، ففي الفقرة الاولى من المادة تحرص الدولة على تعزيز دور مؤسسات المجتمع المدني، ودعمها وتطويرها واستقلاليتها، بما ينسجم مع الوسائل السلمية لتحقيق الاهداف المشروعة لها، وينظم ذلك بقانون.
وفي الفقرة الثانية من المادة نفسها تحرص الدولة على النهوض بالقبائل والعشائر العراقية وتهتم بشؤونها بما ينسجم مع الدين والقانون وتعزز قيمها الانسانية النبيلة وبما يُسهم في تطوير المجتمع وتمنع الأعراف العشائرية التي تتنافى مع حقوق الانسان.
ربما يوحي هذا الدمج بمادة واحدة بأن المشرِّع العراقي اعتبر العشائر واحدة من مؤسسات المجتمع المدني، وربما يكون هذا الدمج عشوائيا.
هل أن المشرَِّع العراقي اعتبر العشيرة أو القبيلة من منظمات المجتمع المدني؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram