ليس هذا بالخبر السار إلا للفضائيين وأشباههم من موظفي الدولة، والمشكلة أن هؤلاء صاروا الآن يشكّلون الأغلبية الساحقة من أفراد الجهاز البيروقراطي، بسبب سياسة التعيين العشوائي القائمة على المحسوبية والمنسوبية الطائفية والدينية والحزبية، التي انتهجتها الاحزاب الحاكمة المتقاتلة على السلطة والنفوذ والمال، وكان لها ما تريد فيما كان لسائر الناس هذا الخراب الإقتصادي والاجتماعي العميم.
الخبر هو أن عضوة لجنة الثقافة والإعلام النيابية السيدة سروة عبد الواحد أفادت بأن مشروع قانون العطلات الرسمية، المُعطّل منذ سنوات، سيعرض على مجلس النواب في إحدى جلساته خلال الفصل التشريعي الجديد الذي يبدأ الاسبوع المقبل، وأن مشروع القانون يتضمن تحديد 75 يوماً بوصفها عطلات دينية وأعياداً وطنية رسمية للدولة العراقية!
العدد مهول للغاية.. لا تنوجد أية دولة في العالم لديها عطلات بهذا العدد الفلكي. مصر على سبيل المثال لديها 12 عطلة في السنة مجموع أيامها 17، بما فيها عطلتا عيدي الفطر والأضحى.
ماذا يعني هذا العدد المقترح لأيام العطلات الدينية والوطنية؟ .. ببساطة يعني أن موظف الدولة العراقية سيتمتع بيومي عطلة من كل ثلاثة أيام، فالمجموع السنوي لأيام عطلة نهاية الاسبوع يبلغ 104، يضاف إليها 36 يوماً الإجازة الاعتيادية السنوية مدفوعة الأجر و12 يوماً في الأقل إجازات مرضية ( بافتراض أن الموظف لن يمرض أو يتمارض أكثر من يوم واحد في الشهر، فيما قانون الخدمة المدنية يسمح للموظف بالتمتع بـ 30 يوماً إجازات مرضية بكامل الأجر)، و75 العطلات الدينية والوطنية المقترحة في القانون الجديد. بهذا يتعطل موظف الدولة عن العمل 227 يوماً ويعمل 138 يوماً فقط!
لنتخيل أننا، بعد خمس سنوات أو عشرة، قد أفلحنا في دحر الارهاب وخرجنا من نفق الطائفية وآن الأوان لكي ننصرف الى إعادة إعمار بلدنا وإزالة آثار حروب النظام السابق المدمرة وحروب نظامنا الحالي التي لا يقلّ مستوى دمارها عن مستوى دمار العهد السابق، إن لم يفقْه .. مهمة إعادة الإعمار ستكون شبه مستحيلة مع هذا العدد من أيام العطالة. سيتعيّن علينا يومها أن نستورد عمالة أجنبية بالملايين .. هذا سيعني خسارة مليارات الدولات التي ستخرج من البلاد، وسيعني مشكلات إجتماعية لا عدّ لها ولا حصر . إسألوا أهل الخليج عن هذا النوع من المشاكل.
البريطانيون يعطّلون سبعة أيام فقط في السنة، ولا تزيد أيام عطلات الأميركيين عن عشرة. أتذكر أنه منذ عشر سنين تقريباً اقترح أحدهم في بريطانيا جعل عدد أيام العطلات 12 بعدد أشهر السنة، فاحتدم نقاشٌ لم يدم طويلاً تركّز على الخسائر التي يمكن أن يُمنى بها الاقتصاد الوطني من تعطيل خمسة أيام زيادة، وتبيّن أن هذه الخسائر تّقدّر بمئات ملايين الجنيهات الاسترلينية، وكان هذا الرقم كفيلاً باغلاق باب النقاش في هذا الموضوع.
الأمم الحيّة تفكر وتعمل بهذه الطريقة، بخلاف ما نفكّر ونعمل به نحن الذين لدينا برلمان يهتمّ بتضخيم وتعظيم أيام العطلة وتعزيز روح الكسل والخمول أكثر مما يهتم بأمر العمل وما يعنيه من زيادة في الرفاه وتحقيق الأمن والسلام والاستقرار.
مشروع قانون للكسل!
[post-views]
نشر في: 10 يناير, 2016: 09:01 م
جميع التعليقات 1
رمزي الحيدر
الشعوب التي لاتحترم نفسها والسائرة الى طريق الاندثار تتصرف هذا التصرف.