من جديد ، سنحاول ان نناقش القضية الشائكة التي تحتل احيانا مساحة النقاش بين المواطنين العراقيين في مختلف الأماكن والأوقات ..انها قضية " على من تقع مسؤولية ما آل اليه حال العراق ..الشعب أم الحكومات ؟" ...فكلما اثير هذا الموضوع يتصدى البعض لانتقاد الشعب العراقي الذي تقبل الظلم والهوان طوال عقود دون ان يتصدى للحكم الديكتاتوري لدرجة ان تخرج نائبة من نساء دولة القانون على الفضائيات لتصفه بـ(مطية ) صدام حسين وانه كان يسوقها الى أي اتجاه يريد دون ان تعترض او تثور ، ثم يتغير اسلوب الحكم وكذلك الحكام ويظل الشعب العراقي خاضعا لأمزجتهم وطغيانهم وفسادهم الذي فاق كل التصورات ...أما البعض الآخر فيجد ان الحكومات التي تعاقبت على قيادة الشعب العراقي هي المسؤولة فلم تكن أي منها مخلصة ولديها احساس وطني لتهتم بالشعب وتنصفه كما انها استخدمت اساليبَ ترهق أي شعب وتجعله مشلولا عاجزا عن النهوض من جديد فالتخويف والترهيب كان اسلوب الدكتاتور السابق والتجويع والتهميش صار اسلوب الحكام الجدد ...
في دول الغرب ، تتعاقب الحكومات لتنفذ نفس البرنامج السياسي وتكمل مابدأه غيرها فالأساس هو نفسه ..بناء البلدان وتطويرها والاهتمام بالشعب وحتى ان تغير شيء في البرامج السياسية فالتغيير يشمل السياسة الخارجية تجاه الدول الاخرى لكن عيون الحكومات تظل مسلطة على شعوبها وعلى رفاهيتهم وتقدمهم وتعليمهم ورعاية ابداعهم . اما الحكومات التي تعاقبت على العراق فقد اعتادت ان تهدم مابدأه غيرها وقد لاتعاود إعماره او تشيده بطريقتها المشوهة الفاسدة ...من هو المسؤول اذن في رأيكم ؟ هل هو الشعب الذي جرب ان يصرخ ضد الظلم الدكتاتوري فملأت أشلاء أبنائه المقابر الجماعية والمعتقلات ، ثم حاول ان يجرب الأساليب الديمقراطية في زمن آخر فخرج ليصرخ في تظاهرات سلمية ليجد صدى صوته يرتد اليه ، فآذان المسؤولين مغلقة وافواههم تطلق تصريحات مخدرة وعيونهم تعرض عن متابعة هموم المواطنين وتتجه الى خارج حدود العراق حيث تقف الدول المجاورة على أهبة الاستعداد للتدخل في شؤون العراق الداخلية مادام قادته يدينون لها بالولاء الكامل ...
ولاء حكوماتنا اذن ليس للوطن أو الشعب بل لمصالحها الخاصة ومصالح من تدين لهم بالولاء ، وشعبنا ليس (مطية ) تسوقها الحكومات الى أي اتجاه تريده كما ترى نائبة دولة القانون التي كان عليها احترام شعبها وانتقاء ألفاظ افضل ، فهو يحاول الحفاظ على هويته وارضه ويرفض الظلم بكل اشكاله ويثور عليه لكن المؤامرات التي تحاك ضده من حكوماته وحلفائها اكبر من قدرته على انقاذ نفسه بنفسه ..انه بحاجة الى النظر اليه ولو بعين واحدة من قبل الحكومات وسيمكنه وقتها ان يجد له مكانا بين الشعوب التي تسعى الى البناء والتقدم ، ففي المكسيك يطلق على جهاز تكييف الهواء (السياسي ) لأنه يصنع الكثير من الضجيج ولكن لايعمل بشكل جيد ، وقضيتنا الشائكة لن تشغل بال أحد بعد الآن اذا ماتوفرت للشعب حكومة وطنية تعمل بشكل جيد ولاتصدر ضجيجا فقط....
الشعب أم الحكومة؟
[post-views]
نشر في: 11 يناير, 2016: 09:01 م