اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > تعاميم الدوائر الحكومية ... روتين قاتل وهدر للمال العام

تعاميم الدوائر الحكومية ... روتين قاتل وهدر للمال العام

نشر في: 12 يناير, 2016: 12:01 ص

اي امر اداري يصدر من دائرة حكومية والواجب تعميمه على جميع الاقسام والشعب  المرتبطة فيها قد يصل استخدامه احياناً لأكثر من 100 نسخة من ذلك الامر. والامر يسري على بقية الاوامر مثل منح اجازة أمومة أو تعميم عقوبة أو أية تعليمات تصدر من مدراء الاقسام

اي امر اداري يصدر من دائرة حكومية والواجب تعميمه على جميع الاقسام والشعب  المرتبطة فيها قد يصل استخدامه احياناً لأكثر من 100 نسخة من ذلك الامر. والامر يسري على بقية الاوامر مثل منح اجازة أمومة أو تعميم عقوبة أو أية تعليمات تصدر من مدراء الاقسام سواء  كتوجهيات أو ضوابط او تعلميات جديدة تخص اداء العمل أو مراجعات المواطنين. جميع هذه الاوامر تشكل تكاليف مادية على الدولة تصل الى ملايين الدنانير يومياً نتيجة استخدام ورق (A4). وهنا لايمكن نسيان نسخة الحفظ في شعب الصادرة والواردة حيث تصطف عشرات الالاف ان لم تكن مئات الالاف من الاوارق التي انتفت الحاجة الى الكثير منها. السؤال كم تنفق الدوائر الحكومية يومياً من  اموال لغرض شراء الورق ، وهل بادرت احدى الدوائر بادخال افكار جديدة للحد من الهدر في المال العام ؟

إرسال التعليمات الحكومية
"هيفاء عدنان" ، مديرة قسم في احدى المؤسسات الحكومية توضح لـ(المدى) :"لدينا (53)دائرة تابعة لمؤسستنا وهذا يعني أن صدور اية تعليمات حكومية او وجود إعمام من قبل الوزارة او الامانة العامة لمجلس الوزراء فواجب علينا وملزمون ان نعمم هذا المنشور الى (53) دائرة."  مبينة : "ليست لدينا اية صلاحية بمنع هذا الانفاق كون الجهات التابعة لنا في حال عدم تبليغها بالتعليمات الجديدة يمكن ان تؤدي الى مشكلة قانونية  ويتعرض  احد المنتسبين الى (مشكلة قانونية )."
واوضحت هيفاء ان التعاميم  التى تصدر من وزارة التخطيط تحديداً والتى تضع احد المقاولين او الشركات على القائمة السوداء تعمم على أكثر من (200) جهة. مشددة: ان هذه الحالة تحدث بشكل يومي احياناً.
 في حين توضح احد الموظفات العاملات في قسم الصادرة في وزارة الصحة "نصدر يومياً المئات من الكتب الرسيمة من امر وزاري الى امر داخلي الى تعميم وغيرها من الاوامر."  منوهة: ترسل نسخ من هذه الاوامر الى الجهات ذات العلاقة كون المخاطبات الرسمية تعد وثيقة رسمية يعتمد عليها. مبينة: ليس لدينا نظام الكتروني لغرض المخاطبات يعتمد عليه بشكل قانوني وقد تم التعامل بهذا التقنية مؤخراً من خلال ارسال المخاطبات عبر الانترنيت ولكن بوجود امر وزاري وعليه شعار الوزارة كما يجري حالياً في المخاطبات مع محافظة كركوك.

توليد الطاقة المتجددة
الخبير البيئي الدكتور محمد عبد السلام يقول لـ(المدى) "ليس الامر متعلقا بحجم الاموال التى تنفق من قبل مؤسسات الدولة على المخاطبات الرسمية او كتب الاعمام وما شابه." مضيفا: الامر الاكثر خطورة والمتمثل بحجم ألاضرار البيئية التى تخلفها الغرف المخصصة للارشيف والتى تنتهي  كمجرد نفايات وهذا هو الخطر.
واشار د. عبد السلام : لم تعد النفايات مجرد عبء ثقيل على الدول لما ينجم عنها من اضرار بالغة على البيئة نتيجة الانبعاثات الكربونية الناجمة عنها التي تسهم بتفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري. لافتا: فقد بات بالإمكان استخدامها لتوليد الطاقة المتجددة التي غالبا ما تكون طاقة كهربائية او حرارية. شارحا: وذلك من خلال عزل النفايات  وتدويرها وحرقها في افران ومراجل لانتاج وقود غازي لغرض توليد الطاقة الكهربائية او انتاج ماء ساخن لاغراض التدفئة وهذا غير موجود لدينا اطلاقاً.
الخبير البيئي:  نشاهد العديد من دوائر الدولة تقوم بحرق كميات كبيرة من الاوراق في الاماكن العامة للتخلص من الارشيف او الاوليات التي اصبحت قديمة بغية افساح المجال للاضابير الجديدة. مستدركا: فتصور حجم الاضرار البيئية نتيجة حرق هذه الاوراق التي تعامل معاملة النفايات في الوقت الحاضر.

لجان المشتريات ..؟
واشار د. محمد عبد السلام: علينا ان لاننسى مشكلة المشتريات فى المؤسسات الحكومية (واسترزاق) الكثير من اعضاء هذه اللجان على حاجيات الدوائر بسبب حالات الفساد المستشرية. موضحا: لذلك لم نشاهد احدى الدوائر قامت بايجاد بدائل حول المخاطبات الورقية لتقليل حجم الانفاق اولاُ ثم التقليل من التاثير البئيي.

مفهوم "هدر المال العام"
اما الخبير الاقتصادي عبد العزيز حسون فقد اوضح لـ(المدى) "ان مفهوم هدر المال العام بشكل خاص في المؤسسات الحكومية متعلق بالمصروفات ولجان المشتريات." لاقتا الى ارتفاع كلفة صيانة بعض المشاريع والمواد المكتبية او السيارات. واشار حسون: هناك هدر اخر متعلق بالإيرادات متمثل في قصور بعض أداء الجهات الحكومية تجاه استثمار مرافقها العامة وعدم الاستفادة من موارد تلك المرافق.

التقنيات الإلكترونية
واضاف الخبير القانوني: بالاضافة الى الهدر المتعلق بسوء استخدام الآلات والمعدات والسيارات الخاصة بالجهات الحكومية والمكتبية منها وعدم مواكبة التطور الحاصل في مجال التقنيات والتواصل الالكتروني. مضيفا: مع  سوء عملية تخزين الأصناف والمواد والآلات بالمستودعات الحكومية وتعرضها للفقد والتلف، وتقادم بعض الأصناف وعدم الاستفادة منها نظراً للتطوير التقني. مؤكدا: ان حجم الانفاق على مشتريات الورق من قبل دوائر الدولة والعمل بنظام قديم يسهم فى اهدار ملايين الدنانير يومياً. متسائلا:  لا افهم لماذا لاتدخل التقنيات الحديثة فى المخاطبات بين دوائر الدولة.

 تحديث القطاع الخاص
"عباس الدهلكي" مدير مفوض لاحدى شركات القطاع الخاص يوضح لـ(المدى): ان نظام  المخاطبات المتبع بالشركة والمعمول به حالياً يعتمد بشكل كبير على النظام الالكتروني وقد تصل نسبته الى 97% بما فيها النظام المخزني وآلية الاستلام والتسليم. مشددا: ان استخدامنا للورق محدود جداً ولغرض تزويد قوائم الفاتورة للمتبضعين فقط.
واضاف الدهلكي: كما يوجد لدينا برنامج متكامل يخص اوليات العاملين في الشركة والاوامر الادارية الخاصة بهم وغيرها من الامور. موضحا: ان النظام الحالي الذي نعمل به يعتبر قديم قياساً للبرامج التى تعتمدها الشركات الاخرى بما فيها نظام الامن الخاص بنظام الحاسوب. مستغربا من اصرار دوائر الدولة على التخاطب الورقي والذي يسبب هدرا ماليا يمكن استغلاله في مكان اخر.  

 75 نسخة حضور اجتماع !!
الدكتور "فيصل عباس" ،مدير قطاع احد المراكز الصحية، بيّن لـ(المدى) "في حال انعقاد اجتماع دوري لمدراء المراكز الصحية والقطاعات والاطباء المعنيين يتم تعميم  أكثر من (75) امرا اداريا". مبينا: انه يمكن التبليغ عبر شبكات التواصل الاجتماعي او الايميل وحتى الهاتف  النقال. متسائلا: اجتماع صغير تنفق عليه هذه الكمية من الورق فما بالك بالمعاملات والمخاطبات المركزية الحكومية.

700 بند ورق
 في حين يروي المكتبي  "محمد ابو ايلاف" المتخصص ببيع وشراء القرطاسية ان سعر البند الواحد لمختلف الانواع لايتجاوز الاربعة الاف دينار كمفرد لكن دوائر الدولة تشتري كميات كبيرة  تصل احيانأً الى اكثر من (700) بند. مبينا: ان هذه العملية مستمرة على مدار السنة كون حجم الاستخدام للورق في دوائر الدولة كبير جداً. موضحا: ان احدى الدوائر الحكومية تستهلك اكثر من (120) بند ورق في الشهر الوحد. فكيف الحال بالوزارة. مشيرا: الى ان بعض مؤسسات الدولة تحجز كميات كبيرة مسبقا.

136 مليون دولار لشراء ورق
"حيدر عباس" موظف متقاعد عمل في وزارة الصناعة يعمل حاليا كاتبا في احدى الشركات المتخصصة في استيراد الورق في منطقة باب المعظم يقول لـ(المدى) ان جميع الورق المستخدم في كل مرافق ومؤسسات الدولة من الرئاسات الثلاث وملاحقاتها الى اصغر دائرة مستورد. موضحا: ان الكثير من الدوائر ترفض التعامل بالورق المحلي مبينا: ان قيمة حجم الاستيرادات تصل سنويا الى  اكثر من (136) مليون دولار في السنة  .
اما "كريم سعدون" ،محاسب  في وزارة رفض الكشف عن اسمه، فقد بين لـ(المدى) ان هذا الموضوع تحدثنا كثيراُ عنة وطلبنا آلية لغرض تقليص شراء الورق. منوها: بعملية حسابية بسيطة يتوضح ان سعر البند الواحد (3250) دينارا ولو فرضنا اننا ننفق (100) بند ورق يوميا في كل دوائر الدولة فتكون القيمة الكلية لليوم الواحد (325) الف دينار ونضرب هذا الرقم بـ(20) يوما ليتضح ان هناك انفاقا شهريا كبيرا.

صناعة محلية متوقفة
المهندس "فاروق نعمان" بيّن في حديثه لـ(المدى) ان معامل الورق المتخصصة في العراق عاطلة عن العمل وان وجدت فهي تعمل بنصف الطاقة الانتاجية. مشيرا: الى معمل الورق في ميسان، ومعمل الدفاتر المدرسية في التاجي، ومعامل أخرى انخفض انتاجها الى النصف.
واضاف نعمان  ان عدم الاهتمام بهذا القطاع الحيوي سببه الاستيراد والارباح الكبيرة التي يحققها التجار ومن معهم من الساسة. مبينا ان هذا النقص الكبير في عدد المعامل والمصانع العراقية أفرغ الساحة الاستهلاكية تماما من أي منتج عراقي، وهذا الامر غير وارد في أكثر دول العالم تخلفا فكيف ببلد مثل العراق يستطيع بناء عشرات المعامل. محملا الحكومة والبرلمان ووزارة الصناعة مسؤولية ذلك داعيا الى ضرورة الاهتمام بالصناعة الوطنية خاصة الشأن الذي نتحدث فيه: صناعة الورق.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram