TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > متى نضبط السلاح غير المنضبط؟

متى نضبط السلاح غير المنضبط؟

نشر في: 12 يناير, 2016: 09:01 م

لا أظن أن أحداً سيحمل على محمل الجد  كلام كلّ من قائد عمليات بغداد وعضو اللجنة الأمنية في مجلس محافظة بغداد بشأن الهجوم الإرهابي الذي استهدف المجمع التجاري في ضاحية بغداد الجديدة مساء أول من أمس واشتمل على تفجيرات أوقعت العشرات من الضحايا والكثير من الأضرار المادية.
قائد العمليات الفريق الركن عبد الامير الشمري أعلن في تصريح أمس عن التوصل إلى ما وصفها بـ " خيوط مهمة عن هذه التفجيرات، وسنعلن عن نتائجها قريباً ولدينا جهود أمنية ستُعطي نتائج حقيقية". اما عضو مجلس محافظة بغداد محمد الربيعي فقال في تصريح تلفزيوني (قناة المدى) أن مجلس بغداد شكّل لجنة تحقيقية لمعرفة كيف جرى ما جرى ومَنْ المسؤول عنه.
التجربة علّمتنا أن الخيوط المُعلن عن التوصل إليها في حوادث سابقة كثيرة هي ليست بالضرورة مهمة، وأنها ليست بالضرورة أيضاً تقود إلى نتائج حاسمة وتفيد في كبح أعمال الإرهاب والعنف. والتجربة علمتنا أيضاً أن لجان التحقيق المشكّلة في قضايا من هذا النوع ليست بالضرورة تُسفر عن نتيجة مثمرة، وإذا ما حصل أن أسفرت عن نتيجة كهذه فليست بالضرورة يجري إعلانها على الملأ. وللتذكير فقط  فإن القائد العام للقوات المسلحة ورئيس الوزراء السابق أعلن غير مرة عن أنه يتوافر على ملفات ينقلب عاليها سافلها إن هو كشف عنها، ولم يكشف حتى اليوم!    
القضية وما فيها أن المنظمات الإرهابية وعصابات الجريمة المنظمة وسواها من الجماعات العنفيّة تستغل وضعاً في البلد مواتياً لنشاطها الاجرامي. هذا الوضع المواتي يتمثل في انتشار السلاح وحامليه  والمظاهر المسلحة في كل مكان. لا يحتاج الإرهابيون وعناصر عصابات الجريمة غير  ارتداء الملابس العسكرية، التي ترتديها عناصر المتطوعين والميليشيات، لكي يجتازوا الحواجز ونقاط التفتيش، بل إنهم في الغالب يحظون بالاحترام والتقدير ويجري تسهيل مرورهم من دون تفتيش، بوصفهم "حشد شعبي"!.. وبالطبع ليس بوسع أي ضابط شرطة أو جيش أن يُوقف سيارات تحمل أرقاماً حكومية وتشبه سيارات كبار المسؤولين في الدولة.
ما حدث في بغداد الجديدة مساء أول من أمس، وسواء من مئات عمليات القتل الجماعي والفردي، ما كان له أن يحصل لو لم تكن لدينا ميليشيات تتصرف على هواها من دون انضباط. وحدها سيارات كبار المسؤولين في الدولة وسيارات الميليشيات بوسعها التحرك بحرية من دون الخضوع للتفتيش . وبالتأكيد ان السيارات التي حملت الإرهابيين بكامل عدتهم التفجيرية إلى المركز التجاري في بغداد الجديدة إنما كانت تشبه سيارات الدولة، وعناصرها كانت ترتدي ملابس تخصّ الميليشيات، أو تماثلها، وإلا كيف كان لتلك العناصر أن تحمل كل تلك الكمية من الأسلحة والمتفجرات وتعبر نقاط التفتيش؟. الجواب الوحيد عن هذا السؤال هو أن العناصر الإرهابية قدّمت نفسها على أنها من الميليشيات أو تصرّفت تصرّف عناصرها.
لن يُمكن ضبط الأمن في البلاد من دون منع حمل السلاح خارج الدولة، بل جمع السلاح الموجود خارج الدولة، ومن دون حلّ الجماعات المسلحة، أياً كان اسمها وشعارها، أو إخضاعها للقانون  وإلزامها بالانضباط .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 3

  1. ali alsaffar

    السيد عدنان حسين الفاضل : - انتم تتحدثون عن وضع فيه القدرة والسيادة الكاملة واحترام الدستور ونظام خالي من الفساد الاداري والمالي تماما وكل موقع في الحكومة يشغله من هو أهل له ... فهل هذا حاصل ؟ ؟ ؟ يا سيدي الحل هو الاصرار على الاصلاح ثم الاصلاح ثم الاص

  2. alzahawe

    الكلام صحيح تماما و لاكن من يجرء و يستطيع ان ينفذ ما تفضلت به من حل ؟؟؟؟

  3. الشمري فاروق

    في قلب مدينة بعداد وبالقرب من حديقة الامه ..قرب لوحة فائق حسن والمنطقه المجاوره لها تباع كافة الملابس والتجهيزات العسكريه بكل أنواعها وصنوفها..فبأمكانك من تجهز فوج او اكثر بكل احتياجاته من الملابس والاحذيه والتجهيزات الاخرى...اما عن السلاح فهناك اسواق ل

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

 علي حسين منذ ان ظهرت الديمقراطية التوافقية في بلاد الرافدين ،والمواطنونالعراقيون يبحثون عن مسؤول مختلف يمنحونه ثقتهم، وهم مطمئنون ، رغم أنهم يدركون أنّ معظم السياسيين ومعهم المسؤولين يتعاملون مع المناصب على أنها...
علي حسين

قناطر: ليلُ العشَّار الطويل

طالب عبد العزيز يحلَّ الليلُ باكراً في أزقّة العشَّار، أزقته القصيرة والضيقة، التي تلتفُّ عليه من حدود شبه جزيرة الداكير الى ساحة أم البروم، يحدث ذلك منذ سنوات الحرب مع إيران، يوم كانت القذائفُ...
طالب عبد العزيز

محاسبة نتنياهو وغالانت أمام محكمة الجنايات الدولية اختبار لمصداقية المجتمع الدولي

د. أحمد عبد الرزاق شكارة يوم عظيم انتصاراللعدل عبارة تنم عن وصف واضح مركز ساقه الاستاذ المحامي الفلسطيني راجي صوراني عن طبيعة الدور الايجابي المؤثر للمحكمة الجنائية الدولية متمثلا بإصدار مذكرتي القاء القبض تخص...
د. أحمد عبد الرزاق شكارة

الاندماج في العراق؟

أحمد القاسمي عندما نسمع بمصطلح الاندماج يخطر بأذهاننا دمج الأجانب المقيمين في بلد ما. فاستخدام هذا المصطلح بات شائعا منذ بضعة عقود في الغرب ويُستخدَم غالبا عند الحديث عن جهود الدولة أو مؤسسات المجتمع...
أحمد القاسمي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram