يُعد توصيف مسرح ما بعد الدراما , كدلالة على وجود حد فاصل يؤشر الى وجود نسق معرفي في المسرح العالمي قد اتخذ توصيف ( مسرح ما بعد الدراما ) على مستوى الخطاب المسرحي ككل . فالألماني " تيس ليمان" يُعد أول من اجترح هذا المصطلح وكان ذلك عام 1999 حينما
يُعد توصيف مسرح ما بعد الدراما , كدلالة على وجود حد فاصل يؤشر الى وجود نسق معرفي في المسرح العالمي قد اتخذ توصيف ( مسرح ما بعد الدراما ) على مستوى الخطاب المسرحي ككل . فالألماني " تيس ليمان" يُعد أول من اجترح هذا المصطلح وكان ذلك عام 1999 حينما اصدر كتابه "مسرح ما بعد الدراما" الذي بذل فيه جهداً كبيراً لوضع تصور لمفهوم مسرح ما بعد الدراما، باعتباره تيارا مسرحيا أخذَ بالانتشار سريعاً عبر طرح مفهوم ومجال محددين لعنوان ما بعد الدراما , بالاضافة الى تركيز كامل على مصطلح "ما بعد الدرامي" ويظهر ذلك في تركيبات الصوت وأوبرا اللغة ومسرح الرقص .
لقد اختلفَ الباحثون والدارسون في تعريف "مسرح ما بعد الدراما" فمنهم من يرى انه يُخلخِل بُنى سلطة النص الحاضرة والدراما مع عدم بحثه عن وحدة المكونات الجمالية، فهوَ يأخذ شكله وطبيعته من التشظي فضلاً عما هو متجزئ وهو يكشف في هذه الطريقة وعبرها عن قارة جديدة لفن الأداء وحضوراً متميزاً له وعن وسائل التعبير المتنوعة، وليس الصراع مثلما تشكل فيه الزمكانية عنصراً أساسياً في عكسه للحالة والموقف من أجل صياغة حس جمالي للمسرح الجديد , فهذا المسرح يرى أن الكون وهمي والعالم مغلق امام الاداء الفعلي من اجل التبادل الحيوي بين الجسم على الخشبة والمشاهد الحية وانعكاسية الاداء الذاتي للمتفرج ليس اعادة تقديم حقيقي لصنع الخيال في الحياة , اذ أن "مسرح ما بعد الدراما " قد امتاز بعدة ملامح منها :
1. ينهض المسرح ما بعد الدرامي على التشظي والتنافر والتقويض انطلاقاً من مفهوم جاك دريدا للطريقة التي تعمل بها اللغة ولوظائف العلامات .
2. يهدف المسرح ما بعد الدرامي الى تدمير فكرة استقلالية العمل الفني واكتماله الذاتي وتبديد هالة القداسة التي تحيط به وابداع اشكال مرئية لاحداث ووقائع وتبادلات.
3. ان العرض المسرحي ما بعد الدرامي شيء يحدث بصورة دائمة دون نهاية يتأرجح بين الحضور والغياب , وبين الزعزعة والتكريس , ويتبلور في شكل تساؤلات تشكك في كل الحدود والكلمات .
4. المسرح ما بعد الدراما يتحقق في صورة سلسلة من المراوغات القلقة المتقلبة للتعريفات والقواعد .
ووفقاً لما تقدم , يُمكن القول أن وجود "مسرح ما بعد الدراما " ليس نَفْياً للمسرح الدرامي الذي يظل حاضراً في الأشكال الجديدة التي تتبلور انطلاقا من بنيته العامة , بل انه مسرح لا يهتم بالصراعات بقدر ما يهتم بوسائل التعبير وتنوعها والزمن هو المركز في العمل المسرحي، وهو فن ممدد يعكس حالة ويتعارض مع الزمن الغائي الذي يقوم عليه المسرح الدرامي , ومسرح لا يرتكز على مبدأ " الحدث " و " الحكاية " وإنما يقدم موقفاً أو حالة، كما أن الفضاء يعد فيه عنصراً فاعلا لا محايداً . ومن ثم، فإن السينوغرافيا تكتسي أهمية مادام النص لم يعد الدعامة الأساسية للإنجاز المسرحي , إن مسرح ما بعد الدراما هو طقس/ شعيرة يسعى إلى تغيير المتفرج، لأن الفضاء المسرحي يتحول إلى استمرار للواقع , وهو مسرح ملموس يعرض نفسه فنّاً في الفضاء والزمن وبأجساد بشرية وهو أيضا إطار احتفالي لا مرجعية له، كما أن العلامات المسرحية تبتعد عن دلالتها بمعنى أنه مسرح يحتفي بحضور جسد الممثل في حد ذاته، وليس إطاراً , بالاضافة الى أنهُ يُولِّد الإيهام بحدث درامي، مادام الجسد " الما بعد درامي " هو جسد الحركة, وبما أن مسرح ما بعد الدراما يرتكز على " موقف "، فإن الوسائل المسرحية المستعملة لا تخضع لاختيارات تراتبية بما في ذلك " العلامات " ومادامت قاعدة هذا المسرح هي اختراق المقولات، فإن المتفرج يجد نفسه " غارقاً " في هذه العلامات.
إن "مسرح ما بعد الدراما" قد أوجدَ لهُ تمثلات واضحة في العرض المسرح المعاصر منها (كانتور او الاحتفال /جروبر او اصداء الصوت البشري في الفضاء /ويسلون او المنظر الطبيعي) , وثمة مبادئ لهذا المسرح , نذكر منها:
1. الرصف / نزع الهيراركية , نوع الهيراركية عن الوسائل المسرحية هو مبدأ عام من مبادئ المسرح ما بعد الدرامي .
2. الآنية , ترتبط آنية العلامات بإجراء الرصف بينما يسير المسرح الدرامي بطريقة معينة بحيث توجد لحظة معينة فقط يتم التأكيد عليها ووضعها في المركز من بين كل الاشارات التي يتم توصيلها في اية لحظة من لحظات الاداء .
3. الوفرة , يؤدي تجاوز المعيار المألوف مثلما يؤدي عدم الوصول اليه الى ما قد يوصف بانه تشكيل مشوه اكثر منه تشكيل بناء.
4. التحول الموسيقي .
5. السينوغرافيا/التمثيليات المسرحية , يؤسس المسرح ما بعد الدرامي ضمن استخدام العلامات الرصفية منزوعة الهيراركية .
6. الدفء والبرودة .
7. الجسدية .
8. المسرح المجسم .
9. تفجر الواقع .
ان مسرح ما بعد الدراما , لا يسعى إلى تحقيق شمولية التركيب الجمالي، وإنما يسعى بالأحرى إلى إضفاء طابع تشذري لهذا التركيب وهو الشيء الذي يخول له اكتشاف عالم جديد للفرجة، وحضوراً متجدداً للفنانين، وأفقا واسعاً لتطوير مُكونات مسرح ارتكز دوما على الدراما.
جميع التعليقات 3
د. محمد حسين حبيب
لثالث مرة اعلق وانبه الى سرقة هذا المقال --- ولم ينشر تعليقي .. واليكم الادلة : السرقات : 1- اخر سطرين ونصف نهاية مقالة بشار مسروقة نصا من ( فاطمة اكنفر) مقالتها - في الحوار المتمدن ( مسرح ما بعد الدراما واستراتيجية تقويض المعايير درامية التقليدية ) الرا
د. محمد حسين حبيب
اضافة مهمة للحقوق الفكرية والعلمية : اما النقاط التسع الاخيرة في نفس المقال اعلاه بوصفها المبادىء الاسلوبية لمسرح مابعد الدراما فهي مسروقة نصا من دراسة طويلة ل ( هانز تيز ليمان ) بعنوان ( بانوراما المسرح مابعد الدرامي ) ترجمة علاء الدين محمود - مجلة فصول
د. محمد حسين حبيب
اضافة مهمة للحقوق الفكرية والعلمية : اما النقاط التسع الاخيرة في نفس المقال اعلاه بوصفها المبادىء الاسلوبية لمسرح مابعد الدراما فهي مسروقة نصا من دراسة طويلة ل ( هانز تيز ليمان ) بعنوان ( بانوراما المسرح مابعد الدرامي ) ترجمة علاء الدين محمود - مجلة فصول