حالة إحباط شديدة تُصيب الموظفين منذ أن صرَّح وزير المالية بعجز الحكومة عن تسديد رواتبهم لشهر نيسان المقبل ، وبرغم انه عاد ونفى ما قاله إلا أن الوضع العام يُنبىء بأزمة مالية كبيرة وحقيقية سيكون الموظفون ضحية لها .
قبل أيام صرّح وزير النفط هذه المرة بضرورة مصارحة المواطنين بحقيقة الأزمة المالية مهما كانت قاسية وهذا يعني ان هناك اياماً صعبة بانتظارهم ، وبالطبع انسحب الأمر على الموظفين وسيطر عليهم شعور بأن رواتبهم على كفِّ عفريت وبدأت الهواجس تطاردهم حول كيفية تسديد ما بذمة بعضهم من قروضٍ للدولة وسلفٍ خاصة فضلا عن متطلبات المعيشة من خطوط نقل وخطوط مولدات الكهرباء واشتراك الانترنت واقساط الدروس الخصوصية وغير ذلك من ضروريات حياتنا الحالية ...
منذ اشهر ، يخرج العديد من موظفي العقود ليتظاهروا امام دوائرهم مطالبين بتسديد رواتبهم المتأخرة او إعادة مَن تم استبعاده الى وظيفته . واليوم ، يبدو ان موظفي الدولة سينضمون لهم اذا ما صدقت الشائعات التي تقول بأنهم قد يستلمون نصف رواتبهم او تتأخر رواتبهم بانتظار تحصيلها من بيع النفط الذي انخفضت أسعاره كثيرا ..لكن التظاهر في هذه الحالة لن يكون حلا فالدولة تشكو عجزها بصراحة بالغة وتطالب المواطن ان يستعد لما هو أسوأ...وهل هناك اسوأ من ان يفقد المواطن إحساسه بعدم الثقة بتحصيل مورد رزقه بعد فقدانه الإحساس بالأمان في بلده ؟
بالمقابل ، يتواصل مسلسل انعاش المسؤولين ونواب البرلمان برواتبهم الشهرية التي تصل الى عشرة ملايين دينار يضاف اليها ملايين أخرى لرواتب حماياتهم وملايين عديدة اخرى ايضا لتحسين معيشة النواب بينما لا يقدمون للشعب اكثر من (بطانيات ) و(هدايا) قبل انتخابهم ، وتصريحات جوفاء او مخدرة او تحريضية بعد انتخابهم ...ولا نقصد هنا المقارنة بين رواتب الموظفين ورواتب المسؤولين فهي غير واردة او مقبولة اطلاقا ، بل نتساءل عن الدور الذي يلعبه النواب ليستحقوا مثل هذه الرواتب التي تستهلك جزءا كبيرا من ميزانية الدولة ..
لقد أثبتت الأحداث المتسارعة والخطيرة في العراق ان لبعض المسؤولين والنواب موهبةً اخرى عدا استلام الرواتب الضخمة واستغلال مناصبهم وهي قيادة ميليشيات او الإشراف عليها لدرجة ان البلد بدأ يتحول تدريجيا الى دولة تقودها حكومات عدة وليست حكومة واحدة، وان القانون لم يعد السيد المُطاع في دولة القانون والمناداة بالاصلاح، بل انتماءات تلك الميليشيات ومناشئها وولاءاتها ...وإذن ، لم تعد رواتب الموظفين فقط على كفِّ عفريت، بل يقف اليوم مستقبلُ دولةٍ بكامله ايضا ..على كفِّ عفريت !!
على كفِّ عفريت!
[post-views]
نشر في: 18 يناير, 2016: 09:01 م