اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > مركز ميترو على حق

مركز ميترو على حق

نشر في: 18 يناير, 2016: 09:01 م

هذا التقرير لا يثير الشعور بالأسى والأسف وحسب، بل إنه يهيّج المواجع ويبعث على الإحساس بالمرارة وخيبة الأمل حيال تجربة تطلّعنا – ووُعِدنا أيضاً – بأن تكون قدوة تُقتدى وإنموذجاً يُحتذى في الممارسة السياسية الديمقراطية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة على صعيد العراق كلّه، انطلاقاً من إقليم كردستان المتحرر من دكتاتورية صدام حسين قبل 12 سنة من سقوطها وتحرّر العراق منها ووقوعه في براثن دكتاتورية جديدة، هي دكتاتورية الإسلام السياسي .
  التقرير هو التقرير السنوي لمركز ميترو للدفاع عن حقوق الصحافيين (في إقليم كردستان العراق) الصادر للتوّ والذي أحصى 84 اعتداءً على الإعلاميين ومؤسساتهم في العام المنصرم وحده، اثنان أو ثلاثة منها فقط ارتكبها تنظيم داعش الإرهابي والبقية كانت من صنيع مؤسسات حكومية وحزبية في الإقليم!
  الاعتداءات المرصودة في التقرير شملت تجاوزات مادية مباشرة على إعلاميين ومؤسسات إعلامية، وانتهاكات للحقوق المهنية لبعض هؤلاء الإعلاميين حتى داخل مؤسساتهم، وتعديات على حرية التعبير المكفولة في الدستور والقوانين السارية.
الاحتجاز عند نقاط التفتيش والاعتقال والاستدعاء الى مكاتب أجهزة الأمن والتهديد المباشر أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي والمنع من أداء العمل في الميدان ومصادرة أدوات العمل ومنع توزيع الصحف والمجلات واقتحام مؤسسات إعلامية عنوة وغلق البعض منها والتمييز في التعامل مع الصحفيين ومؤسساتهم من جانب أعضاء في الحكومة والبرلمان وسائر كبار المسؤولين وانتقاص مؤسسات إعلامية من حقوق الصحفيين وغمطها وعدم تعويضهم عن خدمتهم .. هذه في المجمل أنواع الاعتداءات والانتهاكات التي رصدها تقرير مركز ميترو الذي أعرفه عن قرب وأعرف المسؤولين عنه والعاملين فيه شخصياً وأعرف الطريقة المهنية التي يعملون على وفقها، ما لا يثير لديّ أدنى شك في صدقية المعلومات التي يعرضونها في تقريرهم هذا.
فضلاً عن تجاوزها على أحكام الدستور وقوانين الدولة العراقية، والإقليم جزء من هذه الدولة، وعلى أحكام الوثائق الدولية التي وقعت عليها الحكومات العراقية المتعاقبة وصارت مُلزمة للدولة العراقية، فإن هذه الاعتداءات والانتهاكات إنما تناهض تطلعات الكرد وسائر العراقيين بقومياتهم المتعددة لإقامة نظام ديمقراطي في الإقليم وفي عموم العراق، فمن لوازم الديمقراطية حرية التعبير، وحرية الإعلام هي قلب حرية التعبير.
من دون إعلام حر لا يمكن تحقيق الديمقراطية ولا إنجاز التنمية الاقتصادية والاجتماعية ولا تعزيز السلم الاهلي. هذا ما يتعيّن أن يدركه كل مسؤول حكومي وحزبي في اربيل والسليمانية كما في بغداد وسائر مدن العراق، فمن يريد الديمقراطية والتنمية والسلم الأهلي لا مناص له من الإذعان لمتطلباتها كاملة دون نقصان، ومن يشاء غير ذلك عليه أن يعلن ذلك صراحة.
وبالنسبة للقيادات الكردية لابدّ لها من الإدراك بأن الطموحات الخاصة بالكرد، إن لجهة تعزيز الفيدرالية الحالية وتطويرها الى كونفدرالية، أو لجهة تحقيق حلم الإستقلال وإقامة الدولة الكردية ذات السيادة، غدا من غير الممكن تحويلها إلى واقع من دون نظام ديمقراطي من مرتكزاته الأساس الإعلام الحر.
إلى ما قبل سنوات قليلة كنّا نعيّر حكامنا (في بغداد) بأنهم فشلوا في اقتفاء أثر القيادة الكردية وتحقيق منجزات سياسية وتنموية ملموسة جلبت قدراً معتبراً من الأمن والاستقرار والرخاء للكرد وشركائهم في الإقليم.. الآن لم يعد في وسعنا فعل ذلك، لأن الإقليم ينحدر تدريجياً إلى الهوّة التي استقرّ فيها حكام بغداد... وتقرير مركز ميترو يقدّم برهاناً آخر على ذلك. 

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

دي خيا يثير الغموض حول مستقبله

محكمة مصرية تلزم تامر حسني بغرامة مالية بتهمة "سرقة أغنية"

والدة مبابي تتوعد بمقاضاة باريس سان جيرمان

للحفاظ على «الهدنة».. تسريبات بإعلان وشيك عن موعد انسحاب القوات الأمريكية

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

من دفتر الذكريات

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

 علي حسين في ملحمته الإلياذة يروي لنا الشاعر الاغريقي هوميروس كيف أن أسوار مدينة طروادة كانت عصيّة على الجيوش الغازية . فما كان من هؤلاء إلا أن لجأوا إلى الحيلة فقرروا أن يبنوا...
علي حسين

قناديل: أما كفاكُمْ تقطيعاً بأوصال الوردي؟

 لطفية الدليمي غريبٌ هذا الهجومُ الذي يطالُ الراحل (علي الوردي) بعد قرابة الثلاثة عقود على رحيله.يبدو أنّ بعضنا لا يريد للراحلين أن ينعموا بهدوء الرقود الابدي بعد أن عكّر حياتهم وجعلها جحيماً وهُمْ...
لطفية الدليمي

قناطر: من وصايا أبي المحن البصري

طالب عبد العزيز هذا ما كتبه ابو المحن المحسود البصريّ لاِبنهِ ذي الهمّة، الذي واصل الليل بالنهار، متصفحاً خرائط المدن والاسفار، عاقداً وشيعة الامل بالانتظار، شاخصاً بعينه الكليلة النظيفة، متطلعاً الى من يأخذ بيده...
طالب عبد العزيز

ريادة الأعمال.. نحو حاضنة شفافة

ثامر الهيمص مخرجات الشفافية, تمتاز عن غيرها, بأن ردود الفعل تأتي انية في النظر او العمل, مما يجعلها تمضي بوضوحها مستفيدة من هنات وليس عثرات تراكمت اسبابها مسبقا في عالم الا شفافية, اللهم الا...
ثامر الهيمص
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram