الصحف الاميركية ، بحسب المختصين بالاعلام الغربي ، اعتادت استخدام ما يعرف بـ"الجملة اللافتة" ضمن قصصها الصحفية للاشارة الى حالة او مسألة تلفت انتباه الرأي العام أكثر من المادة الاساسية . من الامثلة ، ان الرئيس الاميركي كلنتون قبل توجهه الى منصة القاء خطابه لوح لامرأة كانت تقف في الصف الثاني من الجمهور ، ثم تستمر القصة في سرد ما ورد في الخطاب حول سياسية الولايات المتحدة الخارجية ، وغيرها من القضايا المحلية والدولية . ما يثير انتباه قراء الصحيفة في اليوم التالي ، ان المرأة الواقفة في الصف الثاني ، تكون مصدرا لطرح العديد من الاسئلة حول اسمها عمرها ، سكنها ، عملها ، اما فقرات الخطاب فتكون في آخر درجة من سلم الاهتمام . بهذه الطريقة تنطلق بالونات الاختبار لإحداث توجهات في الرأي العام ، ربما يكون الإعلام الاميركي خبيرا في هذا المجال .
صحيفة الواشنطن بوست نشرت قصة خطف الاميركيين في حي الصحة بمنطقة الدورة اثناء وجودهم في "شقة مشبوهة" ، طبقا لتصريح مسؤول امني رفض الكشف عن اسمه ، الجملة اللافتة في القصة اثارت تساؤلات كثيرة ، لمعرفة تفاصيل اكثر عن "الشقة المشبوهة" لكنها تجاهلت كيف وصل الاميركيون الى حي الصحة . الواشنطن بوست تعلم قبل غيرها ان رعايا الولايات المتحدة في العراق لايتحركون شبرا واحدا من دون اخبار السفارة في بغداد .
الجملة اللافتة في صحيفة الواشنطن بوست ، رددها مسؤولون امنيون ، نقلتها صحف محلية بعناوين بارزة احتلت الصفحات الاولى ، التركيز توجه الى الشقة المشبوهة فأصاب أهالي حي الصحة بضرر ربما يكون غير مقصود ، لكنه ترك انطباعا سيئا في الاذهان ، يزول في لحظة اعلان القوات الامنية العثور على المختطفين ونقلهم الى مبنى السفارة الاميركية الواقع في المنطقة المحصنة بموكب كبير يشارك فيه اهالي حي الصحة احتفاء بالخلاص من لعنة الشقة المشبوهة .
على مدى الايام الماضية ، الاجهزة الامنية ووسائل الاعلام انشغلت بالقضية المشبوهة وسط تجاهل الاشارة الى تكرار حوادث الاختطاف ، اطراف مشاركة في الحكومة حملت المختطَفين المسؤولية، لانهم كانوا يبحثون عن المتعة العابرة . طرف آخر طالب بمحاسبة لواء حماية رئاسة الجمهورية لأنه مكلف بواجب الانتشار في منطقة الدورة من الجسر ذي الطابقين الى مدخل ابو دشير من الطريق السريع ، اما المشككون بالمواقف الاميركية فاعربوا عن اعتقادهم بامكانية اتخاذ الشقة المشبوهة ذريعة لعودة قوات الاحتلال الاميركي الى العراق ، للاطاحة بالنظام الحالي ، على غرار الاطاحة بالنظام السابق بذريعة اسلحة الدمار الشامل.
في ظل تكرار حوادث اختطاف الاجانب لابد ان تلزم الحكومة سفاراتها في الخارج باخذ تعهدات من الراغبين في زيارة العراق تنص على ان الجهات الرسمية غير مسؤولة عن حمايتهم ، من ميليشيات سائبة وقحة منفلتة بزعامة أبو طبر .
شقة مشبوهة
[post-views]
نشر في: 20 يناير, 2016: 09:01 م