TOP

جريدة المدى > عام > أنا أُعقّب على ما كتبت: المربد.. بين الخطابة والرتابة

أنا أُعقّب على ما كتبت: المربد.. بين الخطابة والرتابة

نشر في: 24 يناير, 2016: 12:01 ص

بعد نشر مقالتي في المدى، الاحد 17 كانون الثاني 2016، توالت عليَّ اصوات الاصدقاء ورسائلهم، منهم اصدقاء أدب لا اعرفهم ويعرفونني. اسعدني من جميعهم هذا الاهتمام والمتابعة. سعيدٌ ان مقالتي كانت سبب ارتياح لهم او سبب تفكير وإن طمح بعضهم لأكثـر منها. هذا ير

بعد نشر مقالتي في المدى، الاحد 17 كانون الثاني 2016، توالت عليَّ اصوات الاصدقاء ورسائلهم، منهم اصدقاء أدب لا اعرفهم ويعرفونني. اسعدني من جميعهم هذا الاهتمام والمتابعة. سعيدٌ ان مقالتي كانت سبب ارتياح لهم او سبب تفكير وإن طمح بعضهم لأكثـر منها. هذا يريد فضحاً وذلك يريد ايضاحاً وبعض شاء جلسةً لبلورة خطة عمل ثقافي جديدة للمربد.

ايها الاصدقاء، ليس من طبعي أبداً ان أقدح أو أذم رغبةً بالفضح او الاساءة. يهمني الصواب. والاشارة الى ما يمكن ان نتلافاه لما نراه أصلح وأنفع. فما كنت يوما خصما لأحد، حتى لمن اساء لي واخطأ. فأنا مثلهم أخطئ و أُسيء وانتظر من الناس احتراما أو مودة.
هذا يعني أني لا انظر لوزارة الثقافة هدفاً للذم أو للاستياء منها، ابداً. هي في كل حال وزارتنا وهي واجبة الاحترام وهي تتمنى الافضل كما نتمنى. لكنها أُطُر العمل وسياقاته الموروثة ما يجعل الجميع، نحن والوزارة، نخسر بعض الجهد ولا نحقق ما يُرضي!
ما دعاني للكتابة هذه المرة هو تكرار التقاليد التي فقدت قيمتها. فمثلاً حين رفضت (تكريم) رئاسة المهرجان، بأمل ان نجدد التقليد بغيره أكثر قيمة، ترشّح غيرنا. هنيئاً لهُ هو يستحق أكثر من هذا ولكننا نريد تغيير هذا التقليد ونفكر بصيغة حديثة ذات قيمة ثقافية. لماذا نعود لتقليد جربناه قبل سنين وتركناه؟ ثم هل هو محتاج لذلك؟
المسألة الثانية هي الحاجة الاساس لبصرة الثقافة والادب، حاجة كتابها ومثقفيها في زمن صارت الدولة تشكو الفقر وتُقنّن الانفاق وهذا الفقر سيظل لسنين قادمة ما حداني للتنويه عن بعضهم من مرتزقة المكاتب وتظاهرهم امام كل وزير يأتي بالعلم والفهم وأنهم الملمّون بتفاصيل الثقافة والمثقفين ما يزيد عن الحد أحياناً ويربك قرار الوزارة مع تقديرنا لتوافر حسن النية والجدوى في بعض الكلام. أولاء، وكما ثبت لأكثر من عشر سنين، ليسوا اصحاب رأي، انما يرددون ما يعرفه الجميع مما هو قديم انتهى زمنه. يا اصدقائي، يا أخوتي اتركوا الوزير يفكر. له مستشاروه وإذا اراد رأياً من سواهم سيستعين بكم او بغيركم.
المربد تقليد ثقافي – أدبي محترم وله تاريخ وأثر في ثقافتنا. كما انه يغني ذكرياتنا بما يريح. لكن المربد كان أيضاً مناسبة إعلامية رسمية وباشراف كامل من الدولة. الدولة، كل دولة، لا تعطي مالاً لسواد عيون الثقافة .. كان يؤدي مهاماً اضافية ، "لقاءات خاصة"، شراء وجوه واسماء ويتضمن ما يتضمن مما نجهل ومما نعلم . المخابرات تعلم اكثر مني...
هذا معلوم ولست بصدد لوم او انتقاص ولا ذم. هكذا الدول تعمل! لكن اليوم، وبعد كل المُعلَن من بيانات، حقائق وادعاءات، صار المربد، ويجب ان يكون، نشاطا مدنياً. هذا يعني ان تتولى وتديره منظمة مجتمع مدني، لا حكومة. وهذه المنظمة، منظمة المجتمع المدني، يمثلها اتحاد ادباء وكتاب البصرة.
أساس المشكلة ان هذه المنظمة المدنية الثقافية  لا تملك مالاً. بوضوح اكثر: اتحاد ادباء وكتاب البصرة لا يملكون مالاً ولا تخصيصات او معونات في ميزانية الدولة وليس لهم متبرعون. والمال المطلوب لتغطية نشاطات المربد تقدمه وزارة الثقافة والمحافظة. هذه السنة مائة مليون دينار من الوزارة وخمسون مليون دينار من المحافظة ولـ 130 مدعوا، الذين جاءوا (رسمياً) منهم لايتجاوزون الـ 100 مدعو. سؤال كم تكون حصة المدعو؟
لو أعطي هذا المبلغ الى اتحاد أدباء وكتاب البصرة ومعه الضمانات والشروط، لعرفوا كيف يفيدون منه. لأقاموا المربد ووفروا  ما يقارب ثلثي هذا المبلغ لتأسيس مجمع طباعي بسيط لهم (جهاز ريزو يدفع 500 نسخة / جهاز تصوير ملون شبيه بما هو في مكاتب الاستنساخ ولكن بحجم ومؤهلات اكبر، لتصوير الاغلفة/ وجهاز تصميغ وتغليف / ومكان لا يتجاوز الاربع غرف، بل ثلاث تكفي).
وهذا ما تعمل به دور النشر الصغيرة التي تدفع للمؤلف 150 نسخة ! لا افلاماً ولا مطابع كبيرة!
تعالوا الآن نحسب كلف المربد الاساسية (بعيداً عما يمكن تجاوزه والاستغناء عنه ولو لسنتين حتى تعود العافية..) دعوا الشيراتون واحصروا دعوات الخارج ببضعة علماء أدب ولغة مهمين :
1. الغرفة ذات سريرين في "فندق العيون" مثلا للمسافر 70 ألف دينار. للمهرجانات والمؤتمرات تخفيض فتكون 50 ألف أو 60 ألف دينار. إذن الغرفة لاثنين ولمدة اربع ليال 240 ألف دينار معنى هذا ان للفرد الواحد لأربع ليال
120  ألف دينار.
2. الطعام الوجبة للوفود عادةً بـ 15 ألف دينار. كلفة 10 وجبات
150 الف دينار
3. نقل من بغداد في الحافلة بـ مليون وربع قل مليونا ونصف، ومع المحافظات لا يزيد مجموع كلف النقل عن 5 ملايين دينار معنى هذا ان للفرد الواحد
50 الف دينار
4. نقل داخلي ، اضافات أخرى زيادة عدد 20 أو 30 مدعوا ووجبات أخرى وللسهو ولما فاتنا من تفاصيل كله لا يتعدى 5 ملايين أخرى،  قل 10 ملايين وهذا يعني ان الكلفة الاضافية للفرد
10 آلاف دينار
مجموع كلفة الفرد إذاً 335 ألف دينار قل 350 ألف دينار
هذا يعني أن اتحاد ادباء البصرة قادر على تمشية المربد بمبلغ 50 مليون دينار مهما أضفنا! وكما قلنا لا ضرورة لشيراتون، فنادق البصرة مقبولة لا بأس بها والادباء عموماً فقراء أو متوسطو الحال في جميع البلدان العربية عدا من افاء الله عليهم بظله او من كان لصّا اومخابرات.. وهذه الفنادق حميمة ونظيفة ونحن في ظرف اقتصادي خاص ومن شاء السكن في الشيراتون او منّاوي فليكن على حسابه. لسنا بخلاء ولكننا نريد بأية صورة من الصور ان نحقق مشروعاً ثقافياً يحتاج له ادباؤنا  وكتابنا المبدعون هناك. لنتعاون عليه، آزرونا!
لماذا التردد في وضع المئة وخمسين مليون دينار في ذمة اتحاد البصرة ليوفروا منه مبلغاً لمجمعهم الطباعي المقترح او لمرفق ثقافي آخر يحتاجون له؟ امنحوهم المال والحرية وخذوا مربدا بلا ... متاعب!
حين يكون العمل مدنياً وليس رسمياً يعمل العقل المنظماتي. يختصر هنا و هناك  ويوفر بضع تذاكر عن طريق التبرع من الخطوط الجوية او من الاتصالات او من بعض المؤسسات .. الاصدقاء في اتحاد وكتاب البصرة جديرون بالعمل وحماستهم كافية .
الحرية شرط الحياة المدنية السليمة. فامنحوهم الحرية  والزموهم بشروط تقتضيها سلامة الصرف. فهم قد يجتهدون اجتهادات اخرى ويوفرون اكثر كأن يتوزع الشعراء كل 5-10 شعراء الى هذه المحافظة والى تلك المحافظة من محافظات البلاد فيكون اسبوعا عراقيا للشعر ويوفر عند ذاك جل المبلغ لما خططوا له وفكروا بتأسيسه. وسيكون لكل محافظة مربدها الصغير البسيط وهي تجربة جميلة سيكون لها مذاقها الجديد وتساعد البصريين على اقامة مجمعهم الطباعي او قاعتهم الخاصة او ما شاءوا.
ما اقدمه هنا هو رأي واحد لا أجزم به. لأصدقائي الأدباء بالتأكيد آراء وافكار اخرى، ومرحباً بالمفيد الممكن من ايٍّ جاء.
بايجاز اقول :
المربد مربد بصري فدعوا البصريين يتولونه ! تفضلوا مشكورين بتقديم المبلغ المخصص لهم وسيرعون حقكم الإعلامي!
لبعض الاصدقاء الاعزاء ملاحظة محترمة عن: ان السيد وزير الثقافة لم يلقِ كلمة ...، اقول يا صديقي هذا هو الصحيح. حضور شرف حضاري يليق بما يتمتع به الرجل من تهذيب! هو ابعدَ الدولة عن المهرجان وخفَّف من فرط الرسميات. و المهرجان اصلاً نشاط مدني. حضوره المشرف كافٍ. ثم هو وزير ثقافة وليس وزير إعلام. كان عملاً سليماً وذكياً. شكراً له! تكفينا بيانات الدولة ومجلس وزرائها، كافية وزيادة. الا تكفي خطب الجلسة الاولى في المربد؟ كلمة موجزة واحدة كافية ولا نضيع جلسة في كلام بعضه ادعاءات وبعضه تظاهر بالوطنية ونحن نعرف الكذب ونعرف الفساد.
ختاما، ولمزيد من التأكيد :
هو زمن منظمات المجتمع المدني. واتحاد ادباء وكتاب البصرة منظمة مدنية. فلنحترم هذه الحقيقة. يا اخوتنا الاعزاء في الوزارة، تقديري كبير لطموحكم بانجازات جديدة ومتطورة. لكم فضيلة الاهتمام الجاد والرعاية الرسمية. ولاصدقائنا البصريين المجد والشرف الادبي... سلاماً!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. سعيد

    اخي الكريم تفهم فحوى ادبك فهو لي نشر الوعي لا بيعه لا تبتعد عن مسعاك الاولي شكرا لك

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

تقاطع فضاء الفلسفة مع فضاء العلم

موسيقى الاحد: "معركة" المغنيات

الذكاء الاصطناعي والتدمير الإبداعي

فيلم "الحائط الرابع": القوة السامية للفن في زمن الحرب

"الشارقة للفنون" تعلن الفائزين بمنحة إنتاج الأفلام القصيرة

مقالات ذات صلة

عباس المفرجي: القراءة الكثيرة كانت وسيلتي الأولى للترجمة
عام

عباس المفرجي: القراءة الكثيرة كانت وسيلتي الأولى للترجمة

حاوره/ القسم الثقافيولد المترجم عباس المفرجي بمنطقة العباسية في كرادة مريم في بغداد، والتي اكمل فيها دراسته الأولية فيها، ثم درس الاقتصاد في جامعة الموصل، نشر مقالاته في جرية الجمهورية، ومجلة الف باء، قبل...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram