حتى المرجعية الدينية الشيعية العليا، المعهود عنها الصبر الجميل وطول الأناة والتحمّل عند الشدائد والملمّات، قد نفد صبرها وفاض الكيل لديها، فأطلقت في الجمعة الأخيرة كلاماً من العيار الثقيل للغاية في حق الطبقة السياسية الحاكمة، لكن من المشكوك فيه أن يكون له الصدى المطلوب.
المرجعية قالت على لسان خطيبها في جمعة كربلاء، السيد أحمد الصافي، ان "أصواتنا بُحّت بلا جدوى من تكرار دعوة الأطراف المعنية من مختلف المكونات الى رعاية السلم الأهلي والتعايش السلمي بين أبناء الوطن وحصر السلاح بيد الدولة". وإذ أشارت الخطبة إلى ما جرى في الماضي من هدر للموارد المالية "في الحروب المتتالية والنزوات الوقتية للحكام المستبدين" - والمقصود هنا نظام صدام - فإنها ندّدت بصنيع "الحكومات المنبعثة من انتخابات حرة" - حكومات نظامنا الحالي، منذ 2006 - حيث "إن الأوضاع لم تتغير نحو الأحسن في الكثير من المجالات، بل ازدادت معاناة المواطنين من جوانب عديدة، فسوء الإدارة والحجم الواسع للفساد المالي والإداري من جهة والأوضاع الأمنية المتردية من جهة أخرى منعت من استثمار إمكانات البلد وموارده المالية في سبيل خدمة أبنائه وسعادتهم". .. هذا الكلام بالذات معناه إن النظام الحالي قد بيّض وجه صدام وجعل البعض يترحمون له، وهو كلام أصبح دارجاً في الأوساط الشعبية المطحونة بآلة الفساد الجهنمية التي لم تنتج سوى الفقر والإملاق والبطالة والأوبئة المتناسلة وانهيار نظام الخدمات العامة، وتولّي الجهلة والمرتزقة والمنافقين والحرامية أمور معظم أجهزة الدولة.
كلام المرجعية أعلاه لن يكون له أي تأثير بين صفوف الطبقة السياسية المتنفذة، فأفراد هذه الطبقة قد "ختمَ الله على قلوبهم وعلى سَمْعهم وعلى أَبصارهم غِشاوةٌ" .. انهم لا يخافون من شيء ولا يستحون من أحد، ولو كانوا يخافون ويستحون ما فعلوا ما فعلوا، ولا أصرّوا على ما فعلوا، ولا تمسّكوا بكراسي الخيبة والفشل.
ولأن كلام المرجعية، على قوته، غير مقدّر له أن يصيب هدفه، فالمنتظر من المرجعية خطوة عملية تساهم في هزّ الطبقة الحاكمة هزّاً مثلما هزّتها تظاهرات الصيف الماضي فأرغمتها على الإعلان عن حزم إصلاحية، ما لبثت أن تراجعت عنها .. المأمول من المرجعية الآن أن تنزل إلى الشارع إلى جانب متظاهري يوم الجمعة، عن طريق حضّ الناس في خطب الجمعة على ممارسة حقهم الدستوري في التظاهر والاحتجاج ورفع الصوت عالياً للمطالبة بتنفيذ حزم الإصلاح التي تعهدت الحكومة والبرلمان بتنفيذها قبل يديرا لها ظهريهما.
نشطاء التظاهرات من جانبهم يتعيّن أن يستغلوا مناسبة كلام المرجعية يوم الجمعة الأخير للتحرك باتجاه المرجعية وبعض القوى والشخصيات السياسية والاجتماعية في سبيل تفعيل دور الجميع من أجل الوقوف بقوة أكبر في وجه الإهمال العنيد المتعمد لمصالح الشعب وحاجاته ومطالبه من جانب الطبقة السياسة المتنفذة. ينبغي أن تتفق هذه الجهات مجتمعة على الطلب من الحكومة والبرلمان وضع جدول زمني محدد للخطوات الإصلاحية الواجب تنفيذها.. بخلافه يتوجب المطالبة باقالة الحكومة أو الدعوة إلى انتخابات برلمانية مبكرة.
الخطوة التالية لمرجعية النجف
[post-views]
نشر في: 23 يناير, 2016: 09:01 م
جميع التعليقات 1
د عادل على
ليست كل الانقلابات العسكريه مضرة وحتى مدمرة-----العراق الان فى حالة الفوضى المستمرة--وليس للحكومه اية انجازات واحتلال ربع العراق مستمر والتقتيل حر والحكومه عاجزة من السيطرة على الاوضاع الامنيه والاقتصادية ومسلحوا الميليشيات احرار ويقتلون--------ما هو الح