الأربعاء، 16 إبريل 2025

℃ 24
الرئيسية > أعمدة واراء > عن النشيد الوطني

عن النشيد الوطني

نشر في: 27 يناير, 2016: 09:01 م

انشغلت في الأيام الماضية، ولا أدري ما السبب، في قراءة الأناشيد الوطنية لدول العالم ومنها العربية طبعا، مع التمعن في أعلامها. خرجت بنتيجة سريعة وهي ان أغلبها يمجد الدم والحرب وبعضها لا يخلو من روح كاريكاتيرية: دولة بحجم رأس دبّوس يضخمها نشيدها الوطني لحد أنه يعيدك الى قصة البقرة والضفدعة التي شغلنا بها كتاب القراءة في الثاني الابتدائي. وبعضها فيها من الكذب الصارخ يجعلك وكأنك ترى مجديّا وخنجره بحزامه.
تخيلت شكل الشعراء الذين كتبوها فوجدتهم بين عاضّ على لسانه وآخر على شفته وآخر يتطاير الشر من بين عينيه وكأنه يقول سأكتب نشيداً يرعب الأطفال ويهجج الطيور ويملأ القلوب خوفاً مستطيراً. ألم يتولّ علي الشلاه عندنا رئاسة حملة كتابة نشيد وطني عراقي جديد؟ ماذا تتوقعون بربكم؟ اترك لكم الجواب.
لم يستوقفني نشيد وطني صادق مثل الياباني. حتى العلم الياباني صادق وبسيط جدا. لونان: احمر وابيض. الأحمر يرمز للدم الذي سال اثناء الحرب العالمية الثانية. أما الأبيض فهو لون الاستسلام الذي اعلنته اليابان بعد قنبلتي هيروشيما وناجازاكي. تصوروا انهم يعتزون باستسلامهم الذي لولاه لما وصلوا الى هذا الرُقي والتطور. أُمة لا ترى الاستسلام عاراً بل وتراه صاحب فضل عليها، قطعاً انها أمة عاقلة تستحق المجد والاحترام. وهنا على العاقل ان يفرزن بين فائدة التواضع وجحيم الغطرسة. ومن هنا أيضا تطورت اليابان لأنها اتخذت من التواضع سلماً للرقي. صدق من قال: ان التواضع صنع اليابان.
لم يدمر العراق، كما دمر أمماً قبلنا، غير داء الغطرسة والشعور بالتفوق الكاذب على الآخرين. داء استمكن في عقل الحكام وتسلل الى كثير من عقول ناسنا بكافة طبقاتهم. مرض علينا اقتلاعه من جذور أنفسنا إن أردنا لهذا البلد ان ينهض من حفرة الظلام التي أوقعه فيها الأغبياء والمتغطرسون.
مروا على علم اليابان وعلى علمنا واقرأوا بأنفسكم الفرق بين الصدق والكذب، وبين التكبر الفارغ والتواضع الصادق. قفوا عند نشيدهم الوطني القصير جدا الذي يطلب النماء لحجر صغير عسى ان يصبح صخرة يحتضنها العشب:
ندعو لمجـدك أن يدوم ألف جيل ..  ثمانية آلاف جيل
الى ان يصبح الحصى صخرا .. مغطى بالنجيل
وهنا يكمن الفرق بين صورة الديك الذي "يعوعي" وقدماه في حقل أخضر، وذلك الذي "يعوعي" ورجلاه بالذي تعرفون.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. رمزي الحيدر

    الذي نعرفه غطى الشعب العراقي بأجمعه ، بفضل حزب البعث الذي حكم سابقاً و الاسلام السياسي الذي يحكم اليوم . هل تتذكر ماذا قال المرحوم ناصر حكيم بسيانه أذب الروح و أسحك عليه .

  2. د عادل على

    انا العراق انا العراق-----------ليس للبعث مكان فوق ارضى---------انا بالحق الى المجد سامضى------انا العراق انا العراق

يحدث الآن

ملحق معرض اربيل للكتاب

الأكثر قراءة

سيكولوجية تجنيد العقول في الجماعات الارهابية الدينية

قناطر: العالم يتوحش .. المخالبُ في لحمنا

العمود الثامن: قوات سحل الشعب

"الحشد الشعبي"... شرعنة التشكيل بوظائف جديدة

كلاكيت: "ندم" وعودة الفيلم الجماهيري

العمود الثامن: قائمة المنتفعين

 علي حسين في بلاد الرافدين حزب من المنتفعين يضم عدداً من السياسيين والمسؤولين الكبار ممن إذا أصابت الناس مصيبة لاذوا بالصمت الذي هو في عرفهم أبغض الحلال. ومن المفارقات العجيبة في العراق -بلد...
علي حسين

باليت المدى: كرسي مكسور الساق

 ستار كاووش عندَ لقائي ببعض الناس أفاجئ ببعض التفاصيل الصغيرة التي تُشير الى نوع من الكسل واللامبالاة وعدم إيجاد الحلول حتى وأن كانت صغيرة. فرغم إنغماس أحدهم بتعديلِ صُوَرِهِ ببرامج الفوتو شوب كي...
ستار كاووش

(50 ) عاماً على الحرب الأهلية اللبنانية حياة بين فذيفتين

زهير الجزائري (1) يوم ١٣ نيسان ١٩٧٥ بدأت الحرب من مجزرةً (عين الرمانة). كنّا في طريقنا إلى الجنوب اللبناني حين انقطع بثّ الراديو بين إعلان عن مسحوق الغسيل المفضل لدى النساء العصريات و سيكارة...
زهير الجزائري

التنافس الاستراتيجي بين الولايات المتحدة والصين: تحديات القرن الواحد والعشرين

محمد علي الحيدري التنافس بين الولايات المتحدة والصين أصبح في السنوات الأخيرة أحد أبرز القضايا التي تحدد ملامح السياسة العالمية، حيث يشتد في المجالات الاقتصادية والعسكرية والتكنولوجية بشكل يثير الكثير من التساؤلات حول مستقبل...
محمد علي الحيدري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram