كان يُمكن لما صرّحت به النائبة زينب عارف البصري أن يُوزن بميزان الروديوم (معدن نفيس يعادل سعره ثلاثة أضعاف سعر الذهب)، لكنّ كلامها بصيغته الحالية لا يساوي في قيمته سعر حفنة من رمل الصحراء، لأنه إذ يكشف عن حقيقة يتغافل عن حقيقة متممة أكثر أهمية.
النائبة عن ائتلاف دولة القانون أعلنت السبت أن مافيات الفساد الإداري والمالي سرقت من العراق 312 مليار دولار خلال السنوات العشر الماضية، مؤكدة أن هذه الثروة المهولة المنهوبة "موجودة في البنوك العالمية وبأسماء كبار مافيات الفساد التي ما تزال موجودة تحت ظل عناوين سياسية وغطاء سياسي في العملية السياسية"، وأن هذه المافيات لم تزل "تبحث عن المزيد بعنوان المحاصصة وبيع الوزارات والمناصب الحكومية".(السومرية نيوز).
السيدة البصري لا تنطق عن الهوى بالتأكيد، فهي من الراسخين في العلم على هذا الصعيد، تنتمي إلى أكبر كتلة في مجلس النواب وإلى حزب هو الأكثر نفوذاً في السلطة على مدى أحدى عشرة سنة، بضمنها السنوات العشر التي تحدثت عنها.
النائبة البصري رأت أن الحكومة الحالية "تتحمل المسؤولية الكاملة عن استرجاع هذه الأموال المنهوبة، عبر سفارات العراق والمؤسسات القانونية العالمية والإنتربول لأنها أموال الشعب العراقي الذي يعاني من الأزمة الاقتصادية، في حين يتنعم المفسدون بأموال النفط العراقي دون حساب أو عقاب، طالما أن المحاصصة والتوافقات السياسية تحمي الفاسدين".
هذا كلام سليم، له طعم العسل، لكنه يفقد كل طعم وقيمة له إذ ينتهي عند هذه "القفلة"، كما لو أن صاحبته قد أدركها الصباح فسكتت عن الكلام المباح. والكلام الذي كان يتعيّن على السيدة النائبة أن تبوح به هو الذي يحمّل الحكومة السابقة والحكومة الأسبق، وكلتاهما كانتا برئاسة السيد نوري المالكي رئيس دولة القانون وحزب الدعوة الإسلامية، اللذين تنتمي إليهما النائبة البصري، المسؤولية الأساس عن ضياع هذه الثروة. والأمر سيّان إن كانت وراء هذا الضياع غفلة من الحكومتين السابقين ورئيسهما أو تواطؤ ومشاركة في عملية النهب. كما من اللازم ألا تمسك السيدة البصري، بوصفها نائبة الشعب، عن ذكر أسماء "كبار مافيات الفساد التي ما تزال موجودة تحت ظل عناوين سياسية وغطاء سياسي في العملية السياسية"، فلا شك انها تعرف هذه الأسماء، وإلا ما كانت أشارت إليها ولو مجرد إشارة، ولا طالبت الحكومة الحالية باسترجاع الأموال التي نهبوها، محملةً إياها المسؤولية عن عدم تحقيق هذه المهمة. بخلاف هذا لن يكون لكلام النائبة من معنى غير التحامل على الحكومة الحالية (لا شك في أنها تتحمل مسؤولية ملاحقة الأموال المنهوبة وناهبيها)، والتغافل، لغرض في نفس يعقوب، عن مسؤولية الحكومتين السابقتين عن الذنب الأكبر، وهو نهب هذه الثروة التي يمكن لها أن تجعل العراق في أحسن حال إلى الأبد، فهي تكفي لدحر داعش وتحرير الأراضي التي يحتلها في غضون أشهر قليلة، وهي تكفي أيضاً لإعادة إحياء الزراعة والصناعة.
نصف الحقيقة ليس حقيقة
[post-views]
نشر في: 30 يناير, 2016: 09:01 م
جميع التعليقات 3
د عادل على
لو كان الفقر رجلا لقتلته---هدا كلام مولى المتقين-------وعلينا جميعا وخاصة اعضاء الحكومتين السابقتين تحمل المسئوليه الكامله لهدا النهب الفوق خيالى-ان هده ال 312 ميليار دولار سبب نقصا هائلا فى ماليات الدولة التى كان من الممكن صرفها على النازحين وعلى
بغداد
فعلا نصف الحقيقة ؟ لماذا لا تبحث زينب عارف البصري عن الأموال المنهوبة والقصور المنهوبة وهي ملكاً للشعب العراقي التي اشتراها زعماء الحزب الذي تنتمي اليه ( حزب الدعوجية ) بسعر قشر البصل يعني اغتصاب الأموال العامة ومنهم من استحوذ على املاك المسيحيين في ال
محمد سعيد
يدور في العراق حديث طويل عريض حول الفساد المالي ولاداري , وقدمت دراسات وابحاث تضمنت مقترحات وحلول للتصدي لها, ومعالجتها ,لكنها ظلت نظريه ... ولم يتم تبنيها من قبل الطبقه الحاكمه, حيث ان اتهامات الفساد الكبري هي موجهه او يجب ان توجه لتشمل معظم ا