دأبت دول العالم على تفعيل أنشطتها الرياضية ومحاولة تصديرها الى خارج حدودها لتكون رسالة مكتوبة بلغةٍ بليغةِ المعنى والصورة لكل أرجاء المعمورة مفادها أن شعوبَها تعشقُ المحبة والسلام طالما أن الرياضة هي صلة التواصل بعيداً عن العنف وميدان السياسة لذلك تراها حريصة على اظهار كل التفاصيل الدقيقة من أفعال أو تصريحات أو رؤية وفق منهج حضاري يكرّس نظرة الآخرين ويرفع من شأن البلد بأبنائه كنموذج يُقتدى به.
لكن ما حصل ويحصل الآن على الساحة الرياضية العراقية وخاصة بعد كل موقعة كروية هو انقلاب فكري وتصرّف مستهجن لا يمتَّ لحقيقة الروح وثقافة المجتمع الرياضي الذي كان مناراً وقدوة للاشقاء والاصدقاء استلهموا منه الكثير من مبادىء الطيبة والألفة والتعامل الإنساني والأخلاقي بينهم وبين المنافسين.
ومع سعادتنا بتأهل منتخبنا الأولمبي الى أولمبياد ريو بعد حسم لقائه الأخير مع شقيقه القطري وما رافقها من سيل المشاعر الجياشة التي انتابت الوسط الرياضي التي كنا نتمناها بيضاءَ لا تُدنسها عوالق البغض والتشكيك والطعن بصورة التنافس الشريف إلا إن هناك أصواتٍ لا زالت تعبثُ بسمعة الرياضة العراقية وقيمة شخوصها وقبل هذا توغلُ في النيل من معدن الانسان العراقي الأصيل المحب والحضاري في تعامله مع المواقف.
لم يترك المسيئون مسلكاًً إلا حاولوا أن يلجوا فيه في محاولة جعل كل موقعة كروية مع بعض الاشقاء العرب فرصة لدك أسفين الكراهية وتسييسها وأخذها من أجواء الأخوة الى حيث ميادين الإثارة والثأر وكإننا في ساحة لتصفية الحسابات..ولم يكتفوا بذلك، بل أخذتهم أوهامهم الى حيث أبناء جلدتهم من ملاك تدريبي ولاعبين وحتى الكفاءات الكروية المقيمة في خارج البلد بعد ان نسجوا قصصَ الخيانة وبيع المباراة وغيرها من اتهامات رخيصة لا تنطلق إلا من عقولٍ مريضةٍ لا تعرفُ للانسانية حدوداً غير قذفِ الآخرين وتشويهِ سمعتهم بدمٍ باردٍ.
لابدَّ لنا من تأهيل وبرمجة سلوكنا العام في التعاطي مع أجواء المنافسات الرياضية والتعامل معها على اساس انها (العاب للتقارب والتواصل ) تنحصر مع شعوب العالم لا مع حكوماتها ، وبالتالي فإن كل ما يصدر من آراء ومشاعر ووجهات نظر إنما تُقاس على صيغة التخاطب ومدى براءتها وشفافيتها لنكون مثالاً بالحضارة والرقي والتسامح كي نُسهمَ ونوثقَ عُرى الترابطِ بين الجماهير في كل مكان ونكون جزءاً حيّاً منها.
على كلِ الجهاتِ المسؤولةِ عن الرياضة العراقية وبعد تأهل منتخبنا الأولمبي وما رافقه من مُنغصاتٍ لتصرفاتِ البعض، العملَ على ترسيخ وإعادة لغة الحوار الحضاري والمتمدن والدفع باتجاه التشجيع على إطلاقِ حملةٍ تثقيفيةٍ عبرَ وسائلِ الإعلام والمنتديات لتخفيف المواقف المتشجنة وقطع كل محاولات المتصيّدين بالماء العكر والباحثين عن استغلال فورة الشباب واندفاعهم في حب وطنهم من أجل تخريب أفكارهم ورميهم في ظلمات الجهل والبذاءة بدلاً من ان يرتقوا بهم نحوَ سماءِ النقاءِ والكلمةِ الطيبةِ وأن تكون كرة القدم هي مَن توحدهم مع الشعوب لا هي مَن ترميهم خارج أسوارها!
تأهيل قبـل التأهل
[post-views]
نشر في: 1 فبراير, 2016: 09:01 م