المؤلف الذي كتب أفضل الروايات عن التجسس هو إنسان متناقض، وليس ايضاً محارب من الطراز القديم، الذي يكره اميركا.من الصعب ان جون لي كاري، له اسم حقيقي وهو "ديفيد كورنويل"، بامكانه ان يكون شخصيته من إحدى رواياته، ولكن قلّة من الناس بامكانها ان تدرك ان الك
المؤلف الذي كتب أفضل الروايات عن التجسس هو إنسان متناقض، وليس ايضاً محارب من الطراز القديم، الذي يكره اميركا.من الصعب ان جون لي كاري، له اسم حقيقي وهو "ديفيد كورنويل"، بامكانه ان يكون شخصيته من إحدى رواياته، ولكن قلّة من الناس بامكانها ان تدرك ان الكثير من حياته وشخصيته موجودة في عمله.
وقد إعترف المؤلف بذلك في روايته التي صدرت في عام 1984، "جاسوس مثالي". وهي في الحقيقة قصته مع والده، المؤلمة والغامضة ايضاً. واعترف انه عانى كثيراً في خلال كتابة تلك الرواية. ويقول انه ظل يبكي ويبكي وهو يكتبها، علماً ان هناك الشيء الكثير من لي كاري أو والده ايضاً.
وبالتأكيد فان الرواية هي دائماً، والى درجة ما، هي ذكريات شخصية وعلى أية حال، في حالة "كاري: فهي حالة خاصة. إذ ان الحياة منذ البداية قد تكونت مع عين الى الخطة الرئيسة.
لنتصور امسية في عام من الستينيات عندما كان لي كاري فرحاً بنجاح روايته، "الجاسوس الذي جاء من البرد". وقد ذهب الى دار السينما التي كانت تعرضه آنذاك، بصحبة صديقه الروائي جيمس كيناوي وزوجته سوزان. وكان لي كاري وسوزان على وشك بدء قصة حب بينهما، التي بدت صعبة، لأنه كان دائماً يهتم بأمر صديقه، وكذلك زوجة صديقه. وفي دار السينما، جلست سوزان بين زوجها وصديقه جيمس، وفي الظلام كانا يمسكان بيدي بعضهما. وكان الفيلم في ذلك، "جلوز وجيم" وهو من إخراج تروفو، وهي تتناول علاقة صداقة بين رجلين يريدان ان يحافظا عليها، من انهما على علاقة حب مع المرأة نفسها.
وقد ولد "كورنويل" في عام 1931 في "بولي" ووالده روني، يبدو كأحد شخصيات ديكينز، وكان وسيما. وهو يظهر في بعض قصصه، بشكل غير متوقع، وفي لحظات غير ملائمة.
أما والدته، التي عانت كثيراً، وكان إسمها أوليف، تصرفت بلا إحساس، وهربت في إحدى الليالي، مع واحد من الذين يتاجرون مع زوني، تاركة ديفيد وشقيقه الاكبر توني نائمين في الطابق الثاني من البيت، ومرت اعوام كثيرة حتى أدرك الولدان انها لن تعود قط الى البيت. وكان الاثنان يمتلكان صندوقاً من الصفيح، يحتفظان فيه أجور نقلهما بالباص. وهما يأملان ان يكونا مثل بيتر بان، ويذهبان للبحث عن والدتهما.
وفي عام 1940 والاعوام التالية، التحق ديفيد في مدرسة كرهها. وفي أواخر الاربعينيات كان في بيرن. واحب المانيا، وتلك الاعوام أنسته غياب والدته، وأحب الأدب الالماني.
وفي إحدى مناسبات "الكريسمس" تعرف على فتاتين وهما "ويندي غيلبانكر" و"ساندي " وكانتا تعملان في السفارة البريطانية، وطلبتا منه المجيء في اليوم التالي "لاحتساء الشراب" ومن هناك إنبثق عمله كجاسوس.
* من جاسوس في حرب باردة الى رجل مسن وغاضب: الى السياسي جون لي كاري.
لم تكن له خلفية سياسية او ايديولوجية معينة، إن كان شيئاً ما، كان نموذجاً من الوطني القديم، ويمكن للقارىء ان يتخيله شخصية قد تلقيه في صفحات جون بوكان او سوميرسيت موم.
وعندما طلبت منه ان ينضم الى اليسار واجتماعاتهم، وكتابة ما يحدث، لينقله الى السفارة البريطانية، وخاصة إن كان هناك بريطانيون في تلك الاجتماعات وبدا سعيداً بتلك المهمة.
وقد طلب آنذاك، ان يسافر الى جنيف ليوم واحد والجلوس هناك على كرسي في إحدى الحدائق، ويقرأ غوته. وفي خلال ذلك تقدم منه غريب كان يمر امامه وسأله إن كان قد شاهد كلبه الضائع.
وعاد الى إنكلترا عام 1952، للالتحاق بكلية لينكولن في اوكسفورد، حيث تابع عمله كجاسوس على زملائه في الكلية. وبعد عدة أعوام، إثر سقوط الاتحاد السوفييتي، وهناك التقى بالمؤرخ تيموثي غارتون آشي، الذي كان يكتب كتاباً عن كيفية مراقبة البوليس السري الالماني لتحركاته، وبدأ نقاش بينهما عن اخلاقية التجسس"، وقال كورنويل "ان ذلك السؤال راوده كثيراً في الاعوام الماضية (45) عاماً. وصرح بانه قد وشى هناك بالطلاب واصدقائه ايضاً"، ولكنه برّر ذلك كان لأجل حماية وطنه والدفاع عن المجتمع الحُر.
ومثل بقية غيرنا، كان لي كاري مخلوقاً متناقضاً. كان فعالاً نشطاً في خلال الحرب الباردة، ومدافعاً عن الغرب، ومع ذلك كان يكره اميركا.
إن لي كاري شخصية متناقضة، كان نشطاً في الحرب الباردة، وتحت غطاء المدافع عن الغرب، ومع ذلك فان كراهيته لأميركا، وهي الدولة الاكبر في التمسك بالديمقراطية الغربية وقد حولته الى صورة كاريكاتيرية للرجل المسن القديم.
ويعتبر غراهام غرين معجبا كبيرا بـ لي كماري، واشار انه قد استخدم 17 مرة في (10) صفحة في المقدمة، "ان الكتاب كان عن فيليبي".والشيء نفسه ينطبق على "لي كاري" الذي كتب رواية "الجاسوس الذي جاء من البرد". والذي قال عنه غراهام غرين، "انها افضل رواية كتبت عن التجسس. وقد سجلت الرواية ارباحاً عالية. وهناك البعض من الكتاب لا يعترفون بـ لي كاري، كاتباً جاداً، قدم رواية فهي تعتبر من بين الأفضل. وهو القائل "انه وجد الامر صعباً ان يقراً رواياتي!"
عن: الغارديان