TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > ألو .. الرئيس على الهاتف

ألو .. الرئيس على الهاتف

نشر في: 3 فبراير, 2016: 09:01 م

في أزمنة الخراب ، يتدهور كل شيء : مؤسسات الدولة  ، ضمائر السياسيين  ، نزاهة المسؤولين  ، وقبل هذا وذاك روح المواطنة التي تتبخر في أزمنة النفاق والطائفية  ، باختصار كل شيء  يتراجع لأن الخراب مثل الوباء حين يعم تزحف المقابر إلى قلب المدينة  مثلما اخبرنا ألبير كامو في رائعته الطاعون .  
منذ سنوات ونحن  إزاء حكايات  أخرى للوباء  الذي يفتك بنا جميعا، وأعني به وباء الانتهازية والمصلحة الشخصية.. ، فنحن هنا لسنا إزاء مرض قاتل فقط، وانما بمواجهة التغيير الذي يحصل في علاقات الناس، فالمسؤول يبيع للناس طمأنينة زائفة مقابل ان يحصل على مزيد من الثروات مستغلا خوفهم وقلقهم، ورجل دين يلوح   بغضب  الخالق على عبادة الذين يعصون "أولي الأمر"!
أعرف جيداً أن الكثير من القرّاء الأعزاء يجدون في حديثي عمّا يجري في بلدان العالم نوعاً من الترف لا يهم المواطن البسيط المبتلى بأنباء عواطف النعمة  وشقيقاتها ،ولكن اسمحوا للعبد الفقير أن يتحدث عن خبر  مثير  جرى امس حيث قام الرئيس بمداخلة هاتفية مع برنامج تلفزيوني  واتمنى عليكم ان لا تتوهموا ان رئيسنا او رئيس الوزراء  او حتى مديري مكتبيهما يمكن ان يجريا مداخلة لبرنامج تلفزيوني ، فبطل الواقعة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الذي اجرى مداخلة ليعلق على ما قاله مذيع عن احداث تمر بها مصر  .
وأنا أسمع مداخلة السيسي  ،  طافت بخيالي صور زعماء ومسؤولين يتجولون في الشوارع ويمازحون الناس، وهي صور تحمل الكثير من الدلالات والمعاني تجعلنا، نحن المساكين، نشعر بالمرارة والأسى حين نرى  مدير عام دائرة  يحيط نفسه بأسوار عالية وجدران عازلة يستحيل اختراقها، لا يلتقي بالناس وجهاً لوجه، لا يصافحهم إلا بعد أن يتأكد  من عدم إصابتهم بأمراض معدية، بالطبع أنا لست خيالياً حتى أدعو السادة المسؤولين  إلى أن يجلسوا معنا ويتمشوا  في الأسواق وان تتكحل عيونهم  بأكوام “الأزبال” ، فنحن نعلم أن السادة المسؤولين ثروة وطنية يجب الحفاظ عليها وحمايتها من غريبي الأطوار أمثالنا،  أنا فقط أريد منهم أن يتركوا الناس يعيشون حياتهم بشكل طبيعي دون وصاية ودون شعارات مضحكة من عينة  “أن الديمقراطية في العراق هي التي أشعلت فتيل التغيير في العالم العربي”.
أعتقد، وبيقين ، أن لا أحد يقرأ  ما نكتب وان قراءه فانه يضحك ساخرا منا  ، ومع ذلك أرادت يوما حنان الفتلاوي ان  تثبت انها تقرأ ،  فكتبت في صفحتها على الفيسبوك : ان ما أنشره جنابي  لايمتّ الى الواقع !
اليوم لم تعد السيرة الذاتية  للمسؤول مهمة كثيرا. ولم يعد المؤهل والكفاءة هما اللذان يربحا المنصب  ، فهذه امور الغيت في كل مكان وفي جميع المستويات، و لايوجد استثناء .للاسف .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. د عادل على

    فى العهد السعيدى كان طبيعيا ان ترى مثلا وزير الماليه ضياء جعفر فى سوق القماش ليجلس فى دكان صديقه احمد فيلى----والحاج احمد كان يتفاخر بوزير الماليه ويهتف بصوت عالى ---جاى جى جاى جى فد استكان جاى الوزير الماليه ضياء جعفر-انا كنت شاهد عيان و وزير الداخليه

  2. بغداد

    مضبوط كلامك يا ايها الكاتب الأنساني يا علي حسين ... وايضاً المعضلة هي خطيرة جدا لأن الشعب جُبل على عدم الوعي وعلى طاعة ولي الأمر طاعة عمياء مهما بالغ في اذيتهم بسبب اعتقادهم ان هناك رجل دين له سلطة روحية مقدسة معصومة ويجب تقديسها وتقديسه فلا يجوز التفكير

يحدث الآن

تعطيل الدوام غداً في ذكرى النصر على داعش

الخطوط العراقية: 1523 رحلة و214 ألف مسافر خلال تشرين الثاني

العدل: تأهيل 3000 حدث خلال عامين وتحديث مناهج التدريب وفق سوق العمل

إيران تكشف لغمًا جوّيًا يصطاد الطائرات المسيّرة من السماء

هيئة الرصد تسجل 8 هزات أرضية في العراق والمناطق المجاورة خلال أسبوع

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

التلوث البيئي في العراق على المحك: "المخاطر والتداعيات"

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

العمود الثامن: سياسيو الغرف المغلقة

 علي حسين في السبعينيات سحرنا صوت مطرب ضرير اسمه الشيخ امام يغني قصائد شاعر العامية المصري احمد فؤاد نجم ولازالت هذه الاغاني تشكل جزءا من الذاكرة الوطنية للمثقفين العرب، كما أنها تعد وثيقة...
علي حسين

زيارة البابا لتركيا: مكاسب أردوغان السياسية وفرص العراق الضائعة

سعد سلوم بدأ البابا ليو الرابع عشر أول رحلة خارجية له منذ انتخابه بزيارة تركيا، في خطوة رمزية ودبلوماسية تهدف إلى تعزيز الحوار بين المسلمين والمسيحيين، وتعزيز التعاون مع الطوائف المسيحية المختلفة. جاءت الزيارة...
سعد سلّوم

السردية النيوليبرالية للحكم في العراق

احمد حسن تجربة الحكم في العراق ما بعد عام 2003 صارت تتكشف يوميا مأساة انتقال نموذج مؤسسات الدولة التي كانت تتغذى على فكرة العمومية والتشاركية ومركزية الخدمات إلى كيان سياسي هزيل وضيف يتماهى مع...
احمد حسن

الموسيقى والغناء… ذاكرة الشعوب وصوت تطوّرها

عصام الياسري تُعدّ الموسيقى واحدة من أقدم اللغات التي ابتكرها الإنسان للتعبير عن ذاته وعن الجماعة التي ينتمي إليها. فمنذ فجر التاريخ، كانت الإيقاعات الأولى تصاحب طقوس الحياة: في العمل، في الاحتفالات، في الحروب،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram