الرئيسية > أعمدة واراء > دودة الطائفية

دودة الطائفية

نشر في: 5 فبراير, 2016: 09:01 م

سألني صديق عراقي لطيف المعشر تعرفت عليه قبل أسبوع: ماذا تفعل لو كنت رئيسا للوزراء؟ ضحكت وقلت له عمري ما فكرت ولن أفكر بهذا. ألحّ علي بطيبة عراقية أعرف سرّها. ولكون عود علاقتنا مازال طرياً إذ لم يمر على عمره سوى أسبوع واحد، أجبته بأنني سأبدأ بقلب النظام التربوي لأخلصه من دودة الطائفية التي مر عليها أكثر من ألف عام وهي تنخر بالعقول والضمائر.
كل طائفي به دودة إما في عقله او في مكان آخر تضغط عليه فيتصرف وفقا لمقتضياتها.  ودودات الطائفية أشكال وأنواع. فيها ناعمة تجعل صاحبها مثل الحيّة يكرص ويضم رأسه. وفيها شرسة جداً تجعل المبتلى بها مفضوحا ينهش وينبح على مدار الساعة.
من أين أتت تلك الدودة؟ كانت البداية من كتب الطائفية التراثية التي همّها الأول والأخير ذم أبناء الطائفة الأخرى وتسفيه مذهبهم. ربما أكون على حق لو قلت ان كل كتب التنظير المذهبي لا تجد فيها كاتبا واحدا من مذهب أشاد او مدح ابن المذهب الآخر. ولأن دودة الطائفية حشرها اصحابها بالسياسة، لذا صار من النادر ان تجد سياسيا عراقيا قد سلِم منها.
اذهبوا للبرلمان واحسبوا كم دودة ستجدون. شوفوا المنابش بالحجي. ان قال السنّي هذا ابيض يرد عليه الشيعي انه أسود، والعكس بالعكس. وهكذا تجدون دودة الطائفية انتقلت للسياسة ومنها الى جسد الدولة. الكل شغله الشاغل ان يطلّع المقابل عميلاً وهو وطني، او اعوجاً وهو عدل. لا يتفقون جميعا الا على النهب والشفط والكومشينات والرشاوى بحسب اعترافهم واعترافهن.
أي داء تريد الخلاص منه لا بد من استئصاله من الجذر. لذا لا بديل عن اتلاف وحرق كل الكتب التي تخصصت لتصفيط عيوب المذهب الآخر من دون ذكر حسناته من زمن (دقناووس) الى اليوم. ثم تأتي مهمة البحث عن "مسهل" تربوي جديد لغسل العقول والبطون من دودة الطائفية.
أما اذا ظلت الحال من دون علاج فسيظل تحالف القوى السنّي يرى تسوير بغداد أمنيا خطراً ماحقاً مادام لم يقترحه النجيفي. وبالمقابل يبقى ائتلاف دولة القانون، صاحب دودة "ما ننطيها" الشهيرة، يرى في زيارة سليم الجبوري للخنجر عاراً بينما زيارة الفتلاوي له في بيته فخراً عظيماً.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض اربيل للكتاب

الأكثر قراءة

قناطر: الزبير والمُستزْبِرون

العمود الثامن: من يحاسب ضباط الداخلية ؟

من يونيتاد الى المحكمة الجنائية الدولية..العدالة الدولية تحت المطرقة

هلال العيد.. جدل متجدد بين الفقه والعلم وثقافة الاختلاف

سيكولوجية تجنيد العقول في الجماعات الارهابية الدينية

العمود الثامن: اربيل تقرأ

 علي حسين صبيحة كل يوم يجد المواطن العراقي المسكين نفسه محاصرا بأخبار الصراع على السلطة، بين الذين يجلسون على كراسي السلطة.. حالة غريبة وعجيبة. هذا المواطن بعد تجربة مريرة لن يصدق أكذوبة أن...
علي حسين

كلاكيت: "ندم" وعودة الفيلم الجماهيري

 علاء المفرجي الانتاج السينمائي الموجه للجماهير العريضة بهدف جني الارباح من شباك التذاكر، هو الظاهرة التي لازمت الانتاج السينمائي في كل مكان، وربما كانت السبب الأساس في تراكم خبرة السينمات التي أزدهرت فيما...
علاء المفرجي

مرور نصف عقد على رحيل رفعة الجادرجي 10 نيسان 2020

بلقيس شرارة منذ خمسة اعوام فارق رفعة الحياة، وترك فراغاً كبيراً في حياتي. فقد كان رفيق فكر منذ ان تعّرفتُ عليه، وارتبطت حياتنا بذلك التقارب الفكري الذي ثبّت الأسس التي بنيت عليها تلك الرفقة...
بلقيس شرارة

الحاكم بمنظور إمام سلطة الحق

د. قاسم حسين صالح يعدّ الأمام علي اول خليفة وأول رجل دين في الأسلام ينتبه وينّبه الى صفة غاية في الأهمية يشترط توافرها في الحاكم هي ان يكون متمتعا ( بصحة نفسية وعقلية!).. وتعني...
د.قاسم حسين صالح
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram