تشرّفتُ بقبول دعوة الحضور للمشاركة في كونغرس الاتحاد الدولي للصحافة الرياضية الذي سيفتتح غداً الإثنين في العاصمة القطرية الدوحة بمشاركة واسعة من الصحفيين الرياضيين في العالم الذين يمنّون النفس بتمثيل فاعل لبلدانهم وهم يحملون هموم المهنة التي تفوق طاقة الإنسان في تحمّل ضغوطها وأوجاعها الناجمة عن تسويف المعنيين في الشأن الرياضي مهما كانت مسمياتهم للمخاطر التي يتعرّض لها الزملاء في أصعب ظرف يحتم عليهم التضحية بالنفس من أجل المجاهرة بالحق والكشف والتنديد بالمقصرين وحض القضاء لينال من الفاسدين والعابثين بمقدرات الرياضة.
لدينا رؤية واقعية عن حال صحافتنا الرياضية ومديّات مستقبلها الغامض وتقلبات أهلها في ظروف مختلفة سادت أجواؤها الفوضى والمحسوبية تماشياً – للأسف – مع بداية عام التغيير 2003 الذي كان نذير شؤم بزحف عشرات الراغبين بولوج المهنة بعضهم طرق ابوابها واثقاً من نفسه ليكون عنصراً مؤثراً في زمنها الجديد، والبعض الآخر يمتلك روح المغامرة وليست لديه الإمكانيات فتَسَلّقَ عبر سطحها بغفلة من حارس البيت، وهناك قلة ممن يجيدون فن العلاقات ولديهم القدرة العجيبة لتكون مواقفهم مثل (الطين الصناعي) من السهل أن يغيّرها المسؤول الرياضي وفق اشكال مصالحه المرادة!
يحدث هذا أمام مرأى ومسمع وقناعة المتصدّين لقيادة المهنة الذين كثيراً ما كرروا عبارة ( ليس لنا حول ولا قوة..وقائع الصحافة الرياضية لا تنفصل عن محنة البلد ) وإذا كان الأمر كذلك بالنسبة لهم فما الذي يدفعهم للتشبث بالقيادة مرة ومرتين و..ثلاث؟!
صراحة تنتابنا الشفقة على من يدّعي الحرص والثقة بإمكانية التغيير بعد كل محفل انتخابي ثم يلوذ بالصمت يؤدي واجباً تشريفياً ليس إلا ، بينما تنوء المهنة بمشاكل كثيرة وسلوكيات يبرأ منها الصحفي المهني ولا تمت بصلة لتاريخ الصحافة الرياضية الذي قدّم لنا اسماءً كبيرةً في العطاء ونُبلٌ في الخلق ولا تهزها طبول الباطل طالما انها تتسم بنزاهة الضمير لمجابهة خروق المبادىء وفضح الانتهازيين وهواة (السيرك) في كل زمان ومكان!
كونغرس الدوحة يثير فينا شجون الصحافة وأنت تقف وسط عالم واسع يشاطرك الأحلام والأماني بالخطى نحو مسافات متقدمة في العمل الاحترافي والممنهج بتقاليد مواكبة لسرعة نقل الحدث وشفافية النشر وحصانتك من التدخّل السلطوي، كل ذلك يعتمد على معايير الديمقراطية السائدة وفخاخها المروعة بإدانتك ما لم تكن مُلمّاً من مبرزات فضيحة الرياضة (البيانات والوثائق) من مصادر لا تلوي عُنق المعلومة وتهرب ساعة الفصل بين الرجولة أصلاً أم اقتباساً!
ملتقيات دولية من مستوى كونغرس الدوحة يُفترض أن يُحفّز المشاركين لأحداث انتقالة جديدة في مسيرتهم، فالصحافة الرياضية في العراق تمتد جذورها الى عقود طويلة سبقت حتى بلدان متطورة اقتصادياً بفضل نباهة شريحة كبيرة من الرواد آنذاك لمتطلبات النهوض بالرياضة وإيلائهم الاهتمام المدروس بشراكة الصحافة مع صانعي ألقاب البطولات ، ويخالجنا الشعور أن الدور الذي يلعبه الصحفيون الرياضيون في المرحلة الراهنة محط تقدير العالم المؤمِن برسائلهم الصادقة يخطونها في أوطان مبتلاة بالقهر الاجتماعي وتهديد سلمهم وتحت سقوف نيران الحروب التي اغتالت ارواح بعضهم وأطفأت النور في عيون اطفالهم ودعتهم لركوب قوارب الموت الى ضفاف الأمان، مثل هؤلاء الصحفيين وأسرهم يترقبون مؤازرة انسانية من الكونغرس ليكمل الأحياء منهم طريق الحياة بصلابة أكبر للقبض على اقلامهم والمضي بأمانهم النفسي "المصطنع" لجبر الخواطر ومجابهة المخاطر!
كونغرس القهر الصحفي
[post-views]
نشر في: 6 فبراير, 2016: 09:01 م