اثناء عقد مؤتمر صحفي لمسؤول كبير جدا ، اوصى مدير مكتبه الإعلاميين بالبقاء دقائق قليلة بعد انتهاء المؤتمر لتسليمهم مكافآت مالية ، المبلغ كان مخصصا لمراسلين ومصورين ومساعديهم يبلغ عددهم 24 شخصا ، نصف العدد غادر المكان قبل توزيع المكرمة السخية ، سأل الموظف المكلف بالتوزيع واخذ التواقيع مدير المكتب استاذ والباقي ؟ فجاء الرد سريعا "فرة قاط لاخ على الحاضرين يستاهلون" . بصرف النظر عن رفض او قبول مكرمات المسؤولين ، الظاهرة حاضرة في المشهد العراقي ، تناولها مراسل اجنبي في تقرير بثته فضائية باللغة الانكليزية ، سلط فيه الضوء على قيام زعيم سياسي بمنح اعلاميين حضروا مؤتمره الانتخابي مبلغ 50 دولارا لكل واحد منهم ، التقرير اشار الى احتمال منح الناخبين مبالغ مالية مقابل الادلاء باصواتهم في يوم الاقتراع لصالح قائمة الزعيم السياسي، اثر ذلك اضطر مدير الدعاية الانتخابية الى البحث عن المراسل ، للادلاء بتصريح خاص لذات الفضائية ذكر فيه ان منح خمسين دولارا هو ثمن غداء ضيوفنا . ومن تقاليد العراقيين انهم يمنحون ضيوفهم الهدايا ، فرد المراسل انا على اطلاع بالتقاليد العربية ، وليس من المعقول اعطاء الضيف ثمن الطعام ، اليس كذلك ، مدير الدعاية المرشح عن القائمة لخوض الانتخابات وقع في حرج شديد "راد يكحلها عماها" وتلقى من المراسل عبارات رفض تسلم مظروف ، واكتفى بقبول قلم يحمل شعار القائمة الانتخابية . بعد اعلان نتائج الانتخابات غادر مراسل الفضائية العراق ، فيما حالف الحظ مدير الدعاية الانتخابية في الحصول على مقعد في الدورة التشريعية حتى اصبح عضوا مخضرما في مجلس النواب .
بعيدا عن المكرمات ، سواء أكانت عينية او نقدية ومن يؤيدها او يرفضها ، كانت المكاتب الاعلامية في جميع المؤسسات الرسمية تمنح مكافآت للعاملين في وسائل الاعلام : صحف تلفزيون ، اذاعة وكالة انباء ، المبالغ في ذلك الزمن لاتتجاوز ثلاثة الاف دينار شهريا تعين الصحفي على تحمل اعباء الحصار الجائر طبقا للتعبير السائد في مرحلة فرض العقوبات الاقتصادية على العراق جراء ارتكاب حماقة غزو الكويت .
اواسط عقد التسعينات من القرن الماضي طلب رئيس صحيفة خليجية من مراسلها في بغداد توجيه الدعوة لكتّاب معرفيين لرفد جريدته بمقالات ثقافية مقابل عشرين دولارا في الشهر الواحد ، استجاب للدعوة ادباء واكاديميون ، وكان المراسل يحرص على تسليمهم المكافآت بالعملة الصعبة تصله عن طريق سائقي السيارات العاملين على خط بغداد عمان ، احد المختصين بكاتبة التقارير للجهات الامنية ، اثار ضجة زعم فيها ان دولة خليجية بدأت تجند كتّابا معروفين للعمل كجواسيس لصالح مخابراتها ، هذا النموذج اصبح مستشارا إعلاميا ينظم المؤتمرات ، يمنح المكافآت ، لكنه في ظل الأزمة المالية قدم استشارة الى الوزير بمنح الدروع لمستحقيها فحصل صاحب المعالي على لقب ابو درع ، نسخة منه الى الوزير المخضرم .
بيان بـ "درع"
[post-views]
نشر في: 6 فبراير, 2016: 09:01 م