أقرأ في كتيب صغير عن العلاقة التي المتشابكة التي ربطت بين أشهر رؤساء وزراء بريطانيا ونستون تشرشل ، وأشهر كتّابها جورج برنادشو ، وأتذكر الظلم الفادح الذي تعرض له علي الوردي حياً وميتاً ، والإهمال الذي يواجه به شاعر بحجم الجواهري .
كان برناردشو في التاسعة والثمانين من عمره حين انتهت الحرب العالمية الثانية التي خرجت منها بريطانيا منتصرة ، بفضل قيادة تشرشل ، في ذلك الوقت يكتب: "عندما يكون الشيء مثيرا للضحك ، فاعلم جيداً أن وراءه صاحب الإصبعين الغليظين " ويقصد تشرشل ، في ذلك الحين كان ساخر بريطانيا الأكبر يوزع سخرياته على الجميع.
كان يقول عن الديمقراطية: "إنهّا تتحرّر من عبثية الحزب المعارض الذي من سلبياته ان يكون هناك برلمان، يحاول نصف أعضائه الحكم ويحاول النصف الباقي منع ذلك".. أتمنى ان لايذكركم هذا الكلام ببرلماننا ، فنحن برلمان الصوت الواحد !
لو أعدنا قراءة أعمال برنادشو من جديد ، لوجدنا أنّ الإنسان هو الذي ينتصر على جبروت الحروب ، وأنّ السلم والألفة هما اللذان ينتصران في النهاية ، عندما انتصر تشرشل على هتلر ، وجد في العاصمة لندن رجلا نحيلا أنزل به هزيمة كبيرة ، جعلته يقدّم استقالته .
قبل وفاة العجوز برنادشو بأسابيع يكتب تشرشل : " كان برنادشو موضع كراهيتي في شبابي ، فقد اختصصته بأول نقد أدبي كتبته عام 1897 وعرفت برنادشو بعد ذلك بأربعة أعوام فإن والدتي كانت تميل للأوساط الأدبية ، وهيأت لي فرصة لتناول الغذاء معه ،ولمّا سألته ساخراً لماذا تهاجم الحكومة البريطانية ؟ أجابني قائلا : يكفي ما ألاقيه من عناء السيطرة على نفسي وأنا أقرأ أخبارها."
كان تشرشل يأخذ على برنادشو انه إنسان نباتي لا يرتدي البدلات الثمينة رغم أمواله الطائلة ، لكنه يعترف بأن ما من مدفعية أثرت به خلال الحربين العالميين الأولى والثانية ، أكثر من القذائف التي كان يوجهها له هذا الانسان النحيل ، ولم ينس منظره وهو يسير على عكاز في احدى التظاهرات .
وربما سيسخر مني البعض ويقول هذا كاتب بطران ، يتغزّل بالموتى وينسى أننا منذ شهور نخرج في احتجاجات تقابلها الحكومة بشعار: "لا أرى لا أسمع لا أتكلم " ، ولكن ياسادة منذ متى والحكومات تعترف بالاحتجاجات ، فما بالك اذا كانت " مدنية " وهي عبارة محرّمة في شرائع مسؤولينا المؤمنين ، الذين خرجوا علينا خلال الاسابيع الماضية ينددون بالفساد ويتباكون على النزاهة .
أيها السادة أرجوكم لاتطلّوا علينا من قلاعكم الحصينة ، لتخطبوا في الفساد، هناك مقياس واحد للنزاهة كان ضحيته رجل قدّم حياته ثمنا لها في مثل هذا اليوم ، انه عبد الكريم قاسم .. أرجوكم " أكرمونا بسكوتكم "
النحيل والبدين ومعهم عبد الكريم قاسم
[post-views]
نشر في: 7 فبراير, 2016: 09:01 م
جميع التعليقات 2
بغداد
ابو الفقراء كانت كنية الزعيم عبدالكريم قاسم رحمة الله عليه .... ولا دولة عربية أنجب زعيما مصلحا خلوقا متواضعا رحيما مثله ... الحجج التي اتهموه بها انه شارك بمذبحة الموصل كلها باطلة لم يفعلها الزعيم عبدالكريم قاسم وهو بريئ منها والذين فعلوها مجموعة من العص
أبو أثير
سيدي الفاضل ... تتحدث عن برنادشو وتشرشل ... ولكن هل تعتقد أن سياسيي اليوم قد مرو مر الكرام على كتابات برنادشو الساخرة أو هم قد قرأوا مذكرات تشرشل السياسي الداهية ... سياسيوا العراق الجدد ورؤوساء كتلهم لا يعنيهم شيء من هؤلاء الساسة والكتاب العالميين الذين