تزدحم الأفكار وأنت تستمع وترى وتتفاعل بآراء مختلفة مع زملاء من جميع انحاء العالم على هامش كونغرس الدوحة، منها ما يدعوك للتفاؤل بأن مستقبل الرياضة العالمية في أيدٍ أمينة طالما هناك من يحرص على تقليص حجم الفساد وإنهاء مخاطره بهدف توفير بيئة صالحة للاجيال المقبلة.
ما أثار اهتمام المجتمعين في الدوحة كلمة ماسيميليانو مونتاناري المدير التنفيذي لبرنامج (سيف ذا دريم) في المركز الدولي للأمن الرياضي أمس الأول الأثنين مستعرضاً دور المركز كمنظمة عالمية ذات استقلالية كاملة في الكشف عن النزاهة المالية والشفافية في الرياضة ، وبعيداً عن الأرقام التي وردت في كلمة مونتاناري التي توجِع الرأس حقاً بوصفها خلاصة عمليات الجريمة المنظمة والفساد الذي ينخر الرياضة، فإننا بحاجة الى تكثيف جهود القائمين على رياضتنا لوضع برنامج شفاف ومستقل يشخّص بؤر الفساد ويمارس دوره الأخلاقي والانساني لإنقاذ حلمنا برؤية أندية قوية مالياً لا تطارد الاتهامات بعض رؤسائها لاقتطاع نسبة من العقود المبرمة مع رياضيين، نأمل مشاهدة أجمل الملاعب تُستكمل مرافقها في أوقات قياسية استناداً لالتزامات قانونية واخلاقية مع الشركات المنفذة لا أن تبقى المدة مفتوحة ولن يحدث أي جديد في الملعب مع تغيّر الاشخاص المسؤولين عن ملفه.
إن برنامج مونتاناري (أنقذ الحلم) كشف واقع المراهنات لمباريات كرة القدم وغيرها وقدّرت الاموال المغسولة في جريمتها 140 مليار دولار سنوياً، وأعتقد أن دور البرنامج لا يقتصر ضمن مساحة التنافس في الملاعب، فاليوم تخصص الدولة مبالغ كبيرة للرياضة العراقية تصل الى 12 مليار دينار حريٌّ أن يستفيد منها الشعب في تدبير قوت يومه طالما ان نصفها يذهب رواتب للعاملين ومشاركات خاوية من أي إنجاز على مستوى دورات الالعاب العربية والقارية والأولمبية حيث تنفق اللجنة الأولمبية بما يقرب من مليار ونصف المليار دينار على مشاركة وفودنا في هكذا دورات يفترض أن تكون نوعية لكسب الميداليات وليس لتبرير الاخفاقات كالإصابة وقلة الخبرة وتغيّر المناخ ! من غير المنطق أن تهدر المبالغ لتمشية الرياضة بلا مردود.
علينا ان نتوقف كثيراً أزاء دور وسائل الإعلام في كشف المستور وإضاءة جوانب معتمة من مشاركات تمر مرور الكرام بلا محاسبة، والمؤسف هنا أن بعض الجهات الرقابية المعنية باستدعاء المقصّر هي من تزوّق الصورة بفعل الضغوطات التي تواجهها نتيجة ضعف المسؤول وخضوعه الى تأثير العلاقات متناسياً أن موقفه المجامل يفضح تناقضه أمام الرأي العام عندما يكشف عن ترهل بعثة في زمن التقشف العصيب ويتوعد بالمساءلة ثم يخرج علينا بكلام آخر بعيداً عن ثورة الحساب التي وعد بها !
هكذا نوع من المجاملين والضعفاء لن ينجحوا بمعافاة رياضة بلدنا وعلينا ان نعترف بهزيمتنا أمام ملفات رياضية كثيرة لم نقدم دليلاً واحداً بأن الأموال التي تخصص للرياضة صَنعت بطلاً متميزاً ومنافساً على المراكز المتقدمة الأولى في جميع الألعاب لمدة خمس سنوات فقط وليس أكثر ، في حين إن دولتين مثل إثيوبيا وغينيا احتلتا المركزين (5و6) في اختتام مسابقة العاب القوى (7 و11) ميدالية بالتوالي في آخر أولمبياد ضيفته لندن عام 2012 ، والجميع يعلم ان ميزانية أية محافظة عراقية أكثر مما تخصص لرياضة العاب القوى في هاتين الدولتين!
لننقذ حلمنا في الرياضة أفعالاً، لا أقولاً، ولنبدأ من دورة ريو للألعاب الأولمبية 2016 ، ما استعداداتنا وكيف ننفق المال؟ والسؤال المهم مََن يحقق الآمال على مستوى رياضة محمية من الشُبهات وإرتقاء اشخاص يمنعون الاجتهاد في تبويب الإنفاق خارج السياقات مع تحديد المبعوثين حسب توصيفات دقيقة وليست عائمة بذريعة أنهم مرتبطون باللجنة الأولمبية أو ضمن ملاك اتحاد مركزي ولا يؤدون أية مهام فاعلة ؟!
أنقذوا حلمنا
[post-views]
نشر في: 9 فبراير, 2016: 09:01 م