واحدة من أكبر المحن التي نكابدها مع نظامنا الحالي هي الجهل .. الجهل بالأصول والقواعد والقوانين، وهذا ما تتشارك فيه مؤسسات هذا النظام إنْ في الحكومة أو في مجلس النواب أو في سواهما.
أمس أعلنت لجنة مؤسسات المجتمع المدني النيابية عن إرسال مشروع قانون (اتحاد وكالات أنباء العراق) إلى رئاسة البرلمان لدراسته، والأسبوع الماضي أعلنت إدارة مجلس النواب عن أنّ إحدى جلسات المجلس يتضمن جدول أعمالها القراءة الأولى لمشروع قانون نقابة الأكاديميين.
من المهام المنوطة باللجان الاختصاصية التي تشكّلها البرلمانات، تقديم المشورة في ما يتعلق بمشاريع القوانين المتعلقة بالمجالات التي تغطيها كل لجنة، ولا نفع يرتجى من لجنة لا تقدّم المشورة الصحيحة.
لو كانت الأمور في دولتنا تمضي على النحو الصحيح، ومنها تشكيل اللجان البرلمانية من بين أهل الخبرة والكفاءة والاختصاص، لكانت لجنة منظمات المجتمع المدني البرلمانية قد اعترضت على تقديم الحكومة مشروع قانون اتحاد وكالات الأنباء، ولكانت قبلها لجنة التعليم العالي ومعها لجنة العمل والشؤون الاجتماعية واللجنة القانونية قد اعترضت على تقديم مشروع قانون نقابة الأكاديميين. النصيحة الواجبة من هذه اللجان هي أنه ليس من المنطقي أن ينشغل البرلمان، وقبله الحكومة، بإعداد ومناقشة مشاريع قوانين لنقابات واتحادات، فيما مجلس النواب ممتنع عن النظر في تشريع القانون الخاص بالنقابات والاتحادات، وهو الاستحقاق الدستوري المُعطّل منذ أن غدا الدستور نافذاً في نهاية 2005، ونحن الآن في بداية 2016 ! فالبند (ثالثاً) من المادة 22 من الدستور نصّ على الآتي: " تكفل الدولة حق تأسيس النقابات والاتحادات المهنية، أو الانضمام إليها، ويُنظّم ذلك بقانون".
مجلس النواب لم يشرّع لكل حزب من الأحزاب قانوناً خاصاً به ليكتسب شرعية العمل، وإنما هو سنّ (العام الماضي) قانون الأحزاب الذي صار بموجبه لزاماً على الاحزاب والجمعيات السياسية أن تتشكل على وفق ما جاء فيه من قواعد، وأن تنظّم حياتها الداخلية بما يتوافق مع ما جاء في القانون من أحكام، وبخلاف ذلك يكون الحزب خارجاً على القانون. وكل الأحزاب، الحاكمة وتلك التي خارج الحكم، هي الآن في طور التسجيل بموجب هذا القانون.
والسؤال الآن: لماذا تريد الحكومة ومعها البرلمان ولجانه أن تتعامل مع النقابات والاتحادات المهنية على نحو مختلف، بما يضع هذه النقابات والاتحادات على سكّة غير دستورية؟.. ثم هل يعني تشريع قانون خاص بنقابة الأكاديميين وآخر خاص باتحاد وكالات الأنباء فتح الأبواب أمام الجميع لكي يتقدموا بطلباتهم لتشكيل نقابات واتحادات؟ .. إذا الأمر ليس كذلك، بأي حق واستناداً إلى أي حكم دستوري ستمتنع الحكومة ومجلس النواب عن قبول مثل هذه الطلبات، وهي ستكون بالمئات، إذا ما سنّت قانوناً خاصاً بنقابة الأكاديميين وآخر خاصاً بوكالات الأنباء؟ .. المؤكد أن الحكومة ومجلس النواب سيواجهان طعوناً وقضايا لها أول وليس لها آخر.
قانون النقابات.. أوّلاً
[post-views]
نشر في: 9 فبراير, 2016: 09:01 م