وهاهي ظاهرة جديدة أخرى تغزو الشارع العراقي وتنتقل عدواها الى السياسيين ايضا وهي ظاهرة (تبييض وجه ) صدام ...فبعد ان عقدت امرأة عجوز مقارنة بسيطة وعفوية بين صدام وساسة اليوم فقالت لاحدى القنوات الفضائية :" لقد كان صدام ظالما اذاقنا الجوع والفقر والذل ،لكن حكام اليوم جاءوا ليبيّضوا وجهه " ، ظهر السياسي والبرلماني السابق عزت الشابندر ليؤكد هذه المقارنة بقوله ان ساسة اليوم بيّضوا وجه صدام بسواد افعالهم من جرائم وصفقات فساد واهمال للشعب واستخفاف بمعاناته ..
كما ظهر امين عام منظمة بدر النائب البرلماني هادي العامري ليقول لمتابعي الفضائيات انه لو كان يعرف ان داعش سيكون بديلا لصدام حسين لحارب مع صدام ونصره على أعدائه !!
هذه العدوى التي اصابت السياسيين يرددها المواطنون بكثرة مؤخرا ،إذ تفرض المقارنة بين الزمن الماضي والحاضر نفسها عليهم حين يفقدون الامل تدريجيا بالعيش الكريم في بلد آمن ومستقر ..ورغم ان صدام قاد العراقيين الى حروب متعاقبة افقدتهم اولادهم ووضعتهم بين فكي حصار اقتصادي ظالم وأد اطفالهم بسبب نقص الغذاء والدواء إلا انهم يجدون في سلوكيات الحكام والساسة الجدد مايجعل افعال صدام اقل وطأة عليهم ..لماذا يصرالساسة اذن على تحويل صدام الى بطل وتلميع صورته وتجميل ملامحه من جديد ؟...ألم يأتوا للاطاحة به وتخليص الشعب العراقي من دكتاتوريته وتسلطه وجرائمه بحقهم ؟...كان الاولى بهم اذن ان يمنحوا شعبهم صورة اجمل وملامح تشيع فيه الاطمئنان لكنهم كشفوا عن ملامحهم الحقيقية ما إن بلغوا مقاعد السلطة فتعددت جرائمهم وانكشفت ملفات فسادهم...
لقد صحا العراقيون على قصص جديدة اكثراثارة من قصص الحروب الصدامية والاعدامات والسجون السرية والمغامرات العاطفية لنجله عدي ، فكل يوم جديد يحمل معه قصة جريمة جديدة لمسؤول ما او صفقة فساد كلفت البلد ملايين الدولارات حتى حل اليوم الذي صار على العراقيين ان يدفعوا ثمن اخطاء المسؤولين كما دفعوا من قبل ثمن اخطاء صدام ، لكن الثمن فادح جدا هذه المرة فلم يعد للعراق قوة او هيبة او مال او مستقبل واضح ..انهم يقودونه حثيثا نحو الافلاس والتخلف ويجعلونه خارج التغطية في زمن تتسابق فيه الدول لتطبع بصماتها على خارطة العالم ..من هنا بدأت المقارنة تفرض نفسها وصارسواد افعالهم سببا لتبييض وجه صدام وقد تجعله بطلا في المستقبل مالم تتحسن نواياهم ويمدوا يد انقاذ مخلصة لهذا البلد وسنضمن لهم كيف سيسارع شعبنا العاطفي الجريح الى تبييض صورهم ملقياً بصدام الى ابعد نقطة في ذاكرته ...الامر يستحق المبادرة ..أليس كذلك؟
تبييض وجوه
[post-views]
نشر في: 12 فبراير, 2016: 09:01 م