امام عشرات المكاتب في العاصمة بغداد المختصة بصرف رواتب المتقاعدين ، تعكس ملامح وجوه كبار السن خيبة امل كبيرة ، مع شعور بقلق مصحوب بمخاوف بأن الحكومة على الرغم من تصريحات المسؤولين تبدو غير قادرة على توفير الموارد المالية لتغطية نفقات مرتباتهم . وجه المتقاعد يعكس شكلا آخر من بشاعة الأزمة المالية ، على الكرسي المتحرك يتوجه من منزله الى المكتب القريب في الحي السكني ليكرر سؤاله ، عمي وصل الراتب ؟ من خلف الواجهة الزجاجية يأتيه الجواب بصوت مرتفع ، ماكو سيولة في المصارف ، العبارة الاخيرة يسمعها المتقاعد على مضض كأنها صفعة تنهال على وجهه ، فيضطر الى العودة لمنزله مع استعداد لتلقي صفعة اخرى في اليوم التالي .
المتقاعدون المشتركون بخيبة الامل جراء عدم صرف رواتبهم ، تعكر مزاجهم ، تجمعاتهم اليومية امام المكاتب وفرت لهم فرصة الخوض في احاديث طويلة تستعرض معاناتهم ، ليس فيها ما يبعث على التفاؤل والامل القريب في تحقيق الفرج ، الجميع وصل الى قناعة اكيدة بأن الايام المقبلة ستكون عصيبة ، في ظل انعدام وجود جهة تضغط على الحكومة ، لكي تنظر الى المتقاعدين بعين العطف والرحمة ، ملل الانتظار يكون سببا لتوجيه النقد من النوع الثقيل الى قادة النخب السياسية المشاركة في الحكومة لانها على حد قول المتقاعد ابو ليث اصل البلاء في هذا الداء .
المتقاعد ابو ليث دعا زملاءه الى رفع شعار المرحلة "ماعندي" حتى في رد السلام ، لاعتقاده بان المفردة تختزل الاوضاع الاقتصادية الراهنة ، وعجز الحكومة عن توفير مرتبات موظفيها جراء ممارسات خاطئة على مدى السنوات الماضية ، العراقي اليوم اصبح يحمل كنية "ابو ماعندي" لا حول له ولا قوة امام قرارات القيادة الحكيمة الداعية الى الاصلاح والتقشف وشد البطون لحين الخروج بسلام واقل الخسائر من الازمة المالية .
جملة "ماكو سيولة" جعلت اصحاب الارصدة في المصارف الاهلية والحكومية يلعنون الساعة السودة يوم تعاملوا مع تلك المصارف ، المراجعات اليومية للحصول على جزء قليل من مبالغهم تجبرهم على الانتظار ساعات طويلة بلا جدوى ، الجهة الرسمية ممثلة بالبنك المركزي لم يصدر منها موقف واضح لمعالجة المشكلة ، البنك المركزي استسلم للقدر ورفع هو الاخر شعار المرحلة .
في زمن فرض العقوبات الاقتصادية على العراق ، اصدرت وزارة التربية كتابا عممته على مديرياتها في بغداد لحضور لقاء مباشر مع الوزير ، لبحث سبل تطوير العملية التربية. تضمن الكتاب ملاحظة تنص على عدم اثارة مشكلة تدني مرتبات المعلمين والمدرسين ، مع تشديد العقوبة بحق المخالفين . اثناء اللقاء طرح مدير مدرسة مشكلة الرواتب ، فأثار ضجة في القاعة ، تدارك الموقف بالحديث عن تأخر وصول قوائم الرواتب فأنقذ نفسه من العقوبة ، لكنه حصل على إشادة الحاضرين ، السلام عليكم ، ما عندي .
شعار المرحلة: ماعندي
[post-views]
نشر في: 13 فبراير, 2016: 09:01 م