TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > "التكنوقراط" في عيد الحب

"التكنوقراط" في عيد الحب

نشر في: 13 فبراير, 2016: 09:01 م

أيعقل أن تنشر جهات سياسية لافتات تقول إنّ الاحتفال بيوم الحبّ أشبه بمساعدة بني أُمية في قتل الحسين !  هل يعقل في القرن الحادي والعشرين أنّ هناك من يعتقد ان المسيحيين واليهود كفار  ؟ هل يعقل ان محافظة مثل النجف  تخشى من لعبة صغيرة  فتحشّد كلّ قواتها الأمنية لمنع بيع  " دبّ أحمر "   ؟ ما ذا تركتم لدولة الخليفة ياجماعة ، لماذ تصولون وتجولون في الفضائيات  تنددون وتشجبون جرائم داعش ضد المسيحيين ،  كيف تتحدثون عن المواطنة وحب الوطن في منابركم وفضائياتكم وانتم تغسلون ايديكم كلما صافحتم مسيحيا او صابئيا ، وتستغفرون  وانتم تنظرون الى مواطنة إيزيدية  ؟!
هل ما حدث ويحدث  فضيحة تكشف مستوى الجهل الذي وصلنا إليه؟ البعض سيقول حتما: "يارجل" لماذا تتحدث عن امور هامشية وتترك موضوع حكومة " التكنوقراط  " التي بشرنا بها السيد العبادي  وأيدته معظم الكتل السياسية  ، اعذروني فقد كنت أقرأ في كتاب رسائل الشيخ الجليل ابن حزم ، لأنني أدرك جيدا ان مشروع دولة التكنوقراط العملاق الذي يهتف باسمه الجميع اليوم  ، هو نفسه مشروع دولة المحاصصة مادامت مفاتيح البلد وأسرارها بيد مجموعة معينة ،  ستستبدل الاعرجي ، بالاسدي ، والنجيفي بالكربولي  .
ولأننا نعيش اليوم أجواء عيد الحب  ، فقد تذكرت ما كتبه الفقيه والشاعر أبوالطيب الوشاء حين سُئل عن الحب قال : قلة النوم وإدمان الفكر وإظهار الخشوع وإعلان الحنين " وهو التعبير الذي استمده شاعر فرنسا الكبير أراغون الذي كتب لمحبوبته إلزا " أنهم لا يصدّقون قولي عن الحب برغم هذا الذي أُعانيه "    وحين عصفت الأهواء بشيخ مثل تولستوي انزوى جانبا ليكتب هذه السطور  بأصابع مرتعشه  : "على رصيف المحطة لمحت قوامه. عجباً، ما الذي جاء به إلى هنا؟ لم أكن أعلم أنك كنت على سفر. لماذا أنت هنا؟ سألته؟،قال وهو ينظر في عينيها:تعلمين أنني جئت في إثرك. فليس في وسعي تجنب ذلك "..وأن شاعراً مثل امرئ القيس ترك البحث عن ملكٍ ضاع و هام يبحث عن محبوبة هجرته:
أغرّك مني أن حبّك قاتلــــــــي  ... وأنك مهما تأمري القلب يفعل
وأن الحب دفع بعالم فقيه مثل ابن حزم  إلى  أن يسطر لنا كتابا في أحوال المحبين  لم يعرف مثله ، رقة وعذوبة ، وصراحة وفيه يقول "  " الحب – أعزك الله – أوله هزل وآخره جد، دقت معانيه لجلالتها عن أن توصف، فلا تدرك حقيقتها إلا بالمعاناة، وليس بمنكور في الديانة، ولا محظور في الشريعة "  وهذه العبارة حتما لم يقرأها واضعوا لافتات شارع الروان في النجف او في سيطرات  بغداد .
في النهاية  أتمنى أن نخرج جميعا اليوم لنحتفل تحت نصب جواد سليم  بعيد حبّ العراق .. ولتذهب إلى الجحيم  كل فتاوى ساستنا ووصاياهم  ،  فنحن بدون الحب سنعيش حتما في عتمة وتصحّر مع مسؤولين  مصرّين على أن يورثونا ابتسامة عالية نصيف فقط لاغير  !

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. محمد سعيد

    اننا نعيش بحق يا اخوة حياة تسفيه وتسويق خرفات بعد ان وصلت جماعات واحزاب الدين الحنيف الذين مارسو السياسيه , الي حقائق ومستجدات الفشل العارم بامتياز , وبدل من الاقرار بذلك نراهم يبتدعون الان وسائل جديده في رحله صعبه لتبديد وتعويض اوهام

  2. بغداد

    يا أيها الكاتب المبدع في قلمك دائماً تسعد قلوبنا في نظرتك المتفائلة الجميلة للحياة .. نعم للحب حب الرجل للمرأة وحب المرأة وعشقها لحبيبها وحب الانسان لأخيه الانسان وحبنا الفطري الذي فطرنا عليه لكل جميل خلقه الله سبحانه وتعالى في هذا الكون الذي هو من بديع ص

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

 علي حسين منذ ان ظهرت الديمقراطية التوافقية في بلاد الرافدين ،والمواطنونالعراقيون يبحثون عن مسؤول مختلف يمنحونه ثقتهم، وهم مطمئنون ، رغم أنهم يدركون أنّ معظم السياسيين ومعهم المسؤولين يتعاملون مع المناصب على أنها...
علي حسين

قناطر: ليلُ العشَّار الطويل

طالب عبد العزيز يحلَّ الليلُ باكراً في أزقّة العشَّار، أزقته القصيرة والضيقة، التي تلتفُّ عليه من حدود شبه جزيرة الداكير الى ساحة أم البروم، يحدث ذلك منذ سنوات الحرب مع إيران، يوم كانت القذائفُ...
طالب عبد العزيز

محاسبة نتنياهو وغالانت أمام محكمة الجنايات الدولية اختبار لمصداقية المجتمع الدولي

د. أحمد عبد الرزاق شكارة يوم عظيم انتصاراللعدل عبارة تنم عن وصف واضح مركز ساقه الاستاذ المحامي الفلسطيني راجي صوراني عن طبيعة الدور الايجابي المؤثر للمحكمة الجنائية الدولية متمثلا بإصدار مذكرتي القاء القبض تخص...
د. أحمد عبد الرزاق شكارة

الاندماج في العراق؟

أحمد القاسمي عندما نسمع بمصطلح الاندماج يخطر بأذهاننا دمج الأجانب المقيمين في بلد ما. فاستخدام هذا المصطلح بات شائعا منذ بضعة عقود في الغرب ويُستخدَم غالبا عند الحديث عن جهود الدولة أو مؤسسات المجتمع...
أحمد القاسمي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram