TOP

جريدة المدى > عام > ضيف القبلات الخبيثة

ضيف القبلات الخبيثة

نشر في: 15 فبراير, 2016: 12:01 ص

 
سأحدثكم عن قصتي ,, لكن أرجوكم بدون عطفأرجوكم ان لا تشفقوا علي ,, لست بحاجة الى الشفقة والعطف !فقد كنت احظى بالاعجاب والتقدير اينما أذهب , فتنة ورشاقة وذكاء وكنت أعيش أجمل قصة حب!(الدكتور فلاح) لو ترونه .. ستدركون كم انا محظوظة !.. كنا سنتزوج

 

سأحدثكم عن قصتي ,, لكن أرجوكم بدون عطف
أرجوكم ان لا تشفقوا علي ,, لست بحاجة الى الشفقة والعطف !
فقد كنت احظى بالاعجاب والتقدير اينما أذهب , فتنة ورشاقة وذكاء وكنت أعيش أجمل قصة حب!
(الدكتور فلاح) لو ترونه .. ستدركون كم انا محظوظة !.. كنا سنتزوج مبدئياً في ايلول ما لم يفاجئنا القدر ويتأجل الموعد بسبب احدى زيارات القدر غير المتوقعة.
ليلة عيد الاضحى زارني فعلاً ضيف غريب , لما رآه حبيبي فوجئ واندهش ... وأوشك ان يغمى عليه !..هل علمتم ان ضيفي طبع قبلته على صدري!
ضيفي يا أعزائي كان اسمه (سرطان الثدي) لا تقلقوا ,, وعدني فلاح ان العملية ستكون بسيطة , لن يوجعني ولن أشعر بها وقال انه سيستخدم (المشرط) بكل حنان!
واستأصلوه .. من جهة اليمين استأصلوه وصرت لا امشي بتوازن ,, أميل كثيراً الى جهة اليسار فالثقل متجمع كله في اليسار تلٌ يجاوره وادٍ سحيق !! أية جغرافية غريبة ؟
صرت اقرف من شكلي تمنيت لو انهم استأصلوا اليسار أيضا ً....
و ... ألم أقل لكم منذ البداية انني محظوظة!.. ها قد استأصلوا اليسار ايضاَ..
ما عادت هناك أي تلال .. فقدتها .. انوثتي التي كنت افخر بها ,, اختفت ,, تلاشت.
والدكتور فلاح تخلى عني ,, بالاحرى ارعبه شكلي ومنظري لا ألومه ابداً ,, الفتاة التي احبها لا تشبه المخلوق الذي صرتُ عليه .. انثى لا تملك من معالم الانوثة شيئا
شعرها الطويل اغتالته جرع الكيمياوي المقرفة والوجه ازرق كئيب والعينان غائرتان في هالاتٍ سودٍ لعينة وآثار الاستئصلال ترسم خطوطاً وتعرجات مريعة على صدري
ورغم هذا .. خرجت من المستشفى وحلم يطوف في افقي فقد كنت وقتها أحضرُ الماجستير.
ستحسدونني الان ,,, فكم واحداً توقع ان يأتيه المناقشون ليلة المناقشة وان يناقش رسالته وهو مستلقٍ على سريره !  .. هذا ما حدث.. فالضيف الكريم أبى ان يغادرني بقبلات ٍعلى الصدر فقط ، طبع قبلاته هذه المرة في (المعدة) , لاتحزنوا خرجت من المستشفى بمعدة ٍنظيفة وشهادة ماجستير!
..............
اليوم على شاطئ الغراف اجلس استنشق نسائم سدة الكوت العبقة , افكر في الضيف الذي ادمن جسدي هل يكف قبلاته ؟ هل يتوقف ومتى؟ .. كم يشبهني وكم اشبهه؟.. عنيدٌ مثلي .. هو يزرع الموت في خلايا جسدي وانا ازرع الحياة من حولي
هو يمنحني قبلاً خبيثة وانا امنح الكون ضحكات رنانة ينفخ فيَّ سواد العدم ,, وانفخُ الوان الوجود في كل مكان.
..............
صحيحٌ انني الان في ايامي الاخيرة , فلم يعد ينفع أيَّ علاج !.. استشرى الضيف فيَّ , فرشَ عباءته داخلي , واجتاحني كلياً .. سأغادرُ بعد ايام , والعلاجات التي طورتها في دراساتي ستبقى .. نفعت وستنفع الكثيرين , مؤلفاتي ستجدونها بنسخها الاصلية في المكتبة المركزية للجامعة المستنصرية .
..............
أكملتُ كل ترتيبات العزاء , قمتُ بكل اللازم حتى اني كتبت بطاقة النعي..
لن تكون ( انتقلت الى رحمة الله الشابة  ميس نزار ...) بل ستكون ( انتقلت الى رحمة الله الدكتورة ميس نزار...) .
..............
لا تشفقوا عليَّ , فقد كان لي على الاقل حُلم , ولم يثنني الضيف عن تحقيقه .
أرجوكم ان تحضروا العزاء , فقد أوصيتهم ان لا يقدموا القهوة (سادة) ,, سيقدمونها (حُلوة) ,,
حتى لا تظنوا ان طعم الرحيل مرٌ دائماً!

 

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

تقاطع فضاء الفلسفة مع فضاء العلم

موسيقى الاحد: "معركة" المغنيات

الذكاء الاصطناعي والتدمير الإبداعي

فيلم "الحائط الرابع": القوة السامية للفن في زمن الحرب

"الشارقة للفنون" تعلن الفائزين بمنحة إنتاج الأفلام القصيرة

مقالات ذات صلة

عباس المفرجي: القراءة الكثيرة كانت وسيلتي الأولى للترجمة
عام

عباس المفرجي: القراءة الكثيرة كانت وسيلتي الأولى للترجمة

حاوره/ القسم الثقافيولد المترجم عباس المفرجي بمنطقة العباسية في كرادة مريم في بغداد، والتي اكمل فيها دراسته الأولية فيها، ثم درس الاقتصاد في جامعة الموصل، نشر مقالاته في جرية الجمهورية، ومجلة الف باء، قبل...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram