اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > مسرح > ثيمة الاستنساخ والتشابه في عرض مسرحية "مطر صيف"

ثيمة الاستنساخ والتشابه في عرض مسرحية "مطر صيف"

نشر في: 16 فبراير, 2016: 12:01 ص

حاول علي عبد النبي الزيدي  من خلال الصياغة الدرامية لهذه المسرحية أن يبث فيها أفكاراً ومواقف تتناسب مع الواقع الحالي والتي أفصح بها عن مغايرة واضحة لصيرورة المرأة الكامنة في المكون الدرامي المتعاهد عليه . واعتمد  الزيدي في صياغة مسرحيته على

حاول علي عبد النبي الزيدي  من خلال الصياغة الدرامية لهذه المسرحية أن يبث فيها أفكاراً ومواقف تتناسب مع الواقع الحالي والتي أفصح بها عن مغايرة واضحة لصيرورة المرأة الكامنة في المكون الدرامي المتعاهد عليه . واعتمد  الزيدي في صياغة مسرحيته على حكاية واقعية المرأة فيها فرد مسلوب الحق والإرادة خاضع للوضع  الاقتصادي والاجتماعي والديني . لذا اصبح هنالك تجانس بين الحقيقي والمستنسخ  ، فالوطن مرتبك متردد يعيش حالة انتظار الاصلح الذي سوف يقوده الى ضفة الأمان لكن الجميع ممن يعتلون عرشه هم ذاتهم ومصالحهم واحدة لاشيء يعلوها سوى مصالحهم الذاتيه متناسين الصدق ، هم ذاتهم يتناسخون بسرعة البرق وينتشرون في زوايا الوطن ليصرخوا انهم مختلفون عمن سبقهم.
ومحنة الانتظار المتشعبة وسط الهجرة والحرمان والقتل والمجتمع تبين لنا مدى الارتباط التشعبي بين الانثى والموت والحب .رغم ان المخرج قد البسها ثوبا اسود ووشاحا اسود محاولا ان يعكس لنا حالة الحزن بداخلها لكنه اوصل لنا انها مرتدية السواد لموت زوجها . ثيمة الانتظار خيمت على مقدمة العرض تخللتها كلمات (عامية ) تقولها الممثلة بألم شاطرة اداءها اللغوي الى شطرين شطر يحمل الما نفسيا كبيرا وهو اللغة العامية وشطر آخر يحمل الأمل والحب وهو اللغة الفصحى . والألم داخل نفس المرأة يتجسد في انها تريد زوجها وان كان استنساخا فقد تعبت من الانتظار وحيدة في ظل واقع ينعدم فيه الأمان وهذا ماحاول ان ينقله لنا المؤلف في ان عراق ما بعد التغيير قد اصبح بلا أمان للمرأة بصورة خاصة . واضطراب الرؤية وتحديد الاتجاه يظهر لنا في انها تشاهده في اتجاه وهو في اتجاه اخر هي تبحث عنه وهو يبحث عنها لكن الاثنين بالقرب من بعض . ويؤكد لنا ذلك كاتب المسرحية علي عبد النبي الزيدي فيقول ان النص المسرحي الذي أفكر به كثيرا ، أو الذي أطمح أن يكون صوتا معبرا لما يحدث الان في الواقع العراقي والعربي الذي اعيش في وسطه .. هو النص القادر على استيعاب مشكلات عصره ويكون مؤثرا فاعلا من جهة ، وخالدا بحيث يستطيع ان يقرأه القارئ بعد سنوات طويلة ويشعر بأنه ايضا يتحدث عن هموم وتطلعات ذلك العصر البعيد من جهة أخرى ، هكذا افكر ، ويأخذ مني هذا التفكير حيزا كبيرا في الوقت قبل البدء بأي مشروع كتابة للمسرح ، وأجد ان نص ( مطر صيف ) احد هذه النصوص التي اردتها ان تشتغل وفق هذه الفرضية التي اتبناها منذ سنوات في الكتابة للمسرح ، وهي تنظر بعين للحاضر وعين على المستقبل . نص يتحدث عن واقع ما بعد 2003 في العراق ، ويطرح سؤالا جوهريا مفاده : من هو الحقيقي الآن ومن هو المزيف أو المستنسخ من الوجوه التي جاءتنا ما بعد هذا التأريخ الجحيمي الفاصل في المشهد السياسي خاصة بعد تزايد اعداد الابطال الوهميين الذين يؤكدون على بطولاتهم الخارقة في محاربة النظام الدكتاتوري السابق والذين ظهروا بوجوه جديدة تماما عن وجوههم القديمة وارتدت ملابس استطاعت الضحك على أبناء العراق فأكلت الاخضر واليابس . النص هنا ينطلق من جوانب اجتماعية في حياة امرأة تدعى ( فلانة ) وهي نموذج لأية امرأة عراقية وعربية تعيش محنة الانتظار في حياتها التي ضاعت وسط الحروب والفقدانات والقتل والهجرة والضياع  وسواها من هذه المفردات التي حطمت حياتها تماما .. ولم تجد حلا لما تعيشه من وحدة قاتلة ان تفكر بطريقة لحل أزمتها وهي أزمة عامة كما يبدو من النص ، ولكن الحل هنا هو حل فيه الكثير من الغرائبية مستفيدا من الجانب العلمي في قضية ( الاستنساخ البشري ) ، ولكن النص يغادر الجانب الاجتماعي تماما لينطلق لما هو سياسي ويطرح هذا السؤال في زمن حرج ومرتبك ومعقد تشابكت فيه الصور والكلمات والاسماء والبطولات والخطابات الرنانة ، فمن هو الحقيقي الان ؟ ربما يبدو سؤالا لا معقولا في زمن كل شيء فيه يبدو لا معقولا .. لأن الإجابة هنا لن تستطيع ان تأتي بأدلة مقنعة على وجود اسماء حقيقية وصادقة في زمن الاكاذيب والزيف . الزوجة ( فلانة ) هي وطن حاول البحث عن التغيير في نمط حياته السياسية القامعة لحرياته وانسانيته ولكنه ورط نفسه في حياة سياسية اكثر ارتباكا وتعقيدا خاصة مع تناسل الوجوه التي تحولت الى كوابيس على أشكال بشرية تطاردنا في كل لحظاتنا ، ومن هنا اضع نص ( مطر صيف ) ضمن النصوص التي كتبتها ما بعد 2003 والتي تحاول بطريقة واخرى قراءة الواقع السياسي العراقي من وجهات نظر غرائبية الى حد كبير مستفيدا من موضوع الافتراض في الفن الذي اهتم به كثيرا ، محاولا قدر الامكان الابتعاد عن المقاسات والاشتراطات الفنية التي تحكمت بالنص المسرحي العالمي منذ قرون طويلة التي حاول كتاب مسرح اللامعقول كسرها ، وصار لزاما اليوم ان نكون تصورات جديدة لاسم وشكل النص المسرحي الذي يستطيع ان يستوعب مشكلات عصرنا التي هي اكثر تعقيدا من الأزمنة السابقة .  
ولمخرج العمل الدور الأهم في اظهار صورة العمل المسرحي بصورة تتناسب على وفق طروحات العصر وطروحات المجتمع المتغير ومخرج العمل كاظم نصار يقول : انا عملت على فكرة تشابه السياسات.. ورؤيتي كانت تحذيرية منطلقة من ان تكرار السياسات ذاتها يؤدي الى الدمار.. وان استنساخها يقود الى ذات النتيجة  والمراة هي الوطن والرجال يمثلون اجندات متشابهة فاشلة لا تتوافق مع طموح البلد وتقدمه كلهم يحبون الوطن ولكنهم كلهم يمارسون نفس الآليات في التقرب منه (المراة) وبعدها يتخلون عنه.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. اوراس العلواني

    مقال ذا شان رائع بوركتي ايتها الاستاذه الفاضله

يحدث الآن

ليفربول يخسر وديا أمام بريستون

مجلس الخدمة ينشر توزيع حملة الشهادات والاوائل المعينين حديثا

البرلمان يشكل لجنة إثر التجاوزات على اقتصاد العراق وأراضيه

بايدن يرفض دعوات الانسحاب من الانتخابات الامريكية : انتظروني الأسبوع المقبل

وفاة محافظ نينوى الأسبق دريد كشمولة

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

مسرحية رائحة حرب.. كايوسية التضاد بين الحرب ورائحته
مسرح

مسرحية رائحة حرب.. كايوسية التضاد بين الحرب ورائحته

فاتن حسين ناجي بين المسرح الوطني العراقي ومهرجان الهيئة العربية للمسرح في تونس ومسرح القاهرة التجريبي يجوب معاً مثال غازي مؤلفاً وعماد محمد مخرجاً ليقدموا صورة للحروب وماتضمره من تضادات وكايوسية تخلق أنساق الفوضوية...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram