TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > كونوا معهم!

كونوا معهم!

نشر في: 19 فبراير, 2016: 09:01 م

في محل للكماليات ، طلبت المرأة الأربعينية من البائع مستحضراً يُعيد إليها شباب عينيها المتغضنتين الى حدٍ ما ..ولما طرح البائع خياراته امامها قالت له بصوت متهدج من الفرح : " سنعود الى مدينتنا " واردفت " أريد ان أبدو أكثر شباباً ..أشعر ان الفترة الماضية منحتنا سنواتٍ إضافية وشيخوخة مبكرة "...لم يكن البائع متفرغاً لها فقط ولم يهمه ان يسألها كيف ستعودون ومتى؟ فليس من شأنه الحديث عن ذلك لكني شعرت من اختلاج صوتها انها تريد ان تخبر الجميع بأنهم عائدون الى الديار ....كانت تلك المرأة من مدينة الرمادي ..سألتها إن كان منزلها سليماً فقالت انه ككل البيوت الأخرى إذ طالهُ الدمارُ وغابت الخدمات عن منطقتهم لكنهم سيعودون ..يجب ان يعودوا !!
ربما لا يؤيد بعض النازحين ما قالته المرأة،  فقد غابت لديهم الثقة بعودة آمنة ومستقرة، فبعضهم يرى أن على رجال السياسة في تلك المناطق ان يسبقوهم إليها وان يعملوا بجد لإعادة إعمارها وإنعاشها وحين يوقن الأهالي أن منازلهم خالية من التفخيخ ومناطقهم آمنة وليس هناك خلافات سياسية او عشائرية على مَن سيفوز بكعكة إعمار المدينة او إدارتها ربما يمكنهم وقتها استعادة بعض الثقة بمن كانوا سبباً في ضياع مدينتهم والمدن الأخرى ...اما سياسيو المدن المنكوبة فهناك من يشعر منهم بالاحراج والقلق لرغبتهم في استعادة ثقة الاهالي بهم في الوقت الذي يدركون جيداً ان الحكومة لن تلبي  مطالبهم كافة لإعادة إعمار المدن وتنظيفها من العبوات وتوفير الخدمات بسبب الازمة المالية وسياسة التقشف وبالتالي فلن يحققوا مايريده النازحون وسيكون امام النازحين أحد خيارين ..اما العودة الى ديارهم المدمرة وتقبل الأمر على علاته او تحمل انتظار قد يطول  لحين تتوفر النية الصادقة والامكانيات المتاحة لدى الحكومة لتأهيل تلك المدن وإعادة سكانها اليها ...
وحين يمر بهم عيدٌ دون طقوسهم المعهودة او يولد لديهم طفل في مسقط رأس آخر او يتزوج شاب بعيدا عن حلقات ( الجوبي ) او يموت شيخ بعيدا عن دياره  سيظل النازحون يتطلعون الى من سيتولى ملفهم باخلاص..الى من لا يستغل أزمتهم لتحقيق مصالح شخصية او مطامح سياسية وسيكون عليهم ان يقولوا لشيوخهم ورجال الدين ورجال السياسة في مدنهم .." كونوا معنا ...لقد ساعدتم في بيعنا فأعيدوا إلينا حياتنا "... اما تحرير بقية المدن والأقضية فسيُنتظر من الحكومة نوايا صادقة ايضا بخلق تعاون حقيقي بين الجيش والحشد العشائري مع حث التحالف الدولي على توفير اسناد كامل برغم أننا ندرك جميعا ان العدالة الغربية تقف دائما الى جانب الدول الضعيفة ....بشرط أن يكون لديها ما يكفي من النفط !

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram