هذه القصيدة حديثة لكن، وكلما أعدت قراءتها، فإنها تتبدى كأية قصيدة كلاسيكية.كلاسيكية هذه القصيدة لا صلة لها بالتوصيف العربي المعروف نقدياً وأدبياً لمفهوم الكلاسيكية، ولا صلة لها ــ تقنياً ــ بما معروف عن الكلاسيكية بتوصيفها الغربي.كلاسيكية الق
هذه القصيدة حديثة لكن، وكلما أعدت قراءتها، فإنها تتبدى كأية قصيدة كلاسيكية.
كلاسيكية هذه القصيدة لا صلة لها بالتوصيف العربي المعروف نقدياً وأدبياً لمفهوم الكلاسيكية، ولا صلة لها ــ تقنياً ــ بما معروف عن الكلاسيكية بتوصيفها الغربي.
كلاسيكية القصيدة لا صلة لها بما يحيل إليه العنوان من صور مستعادة من التاريخ؛ ولا صلة لها بطبيعة موضوعها، وهو موضوع قد تجد له ما يضارعه في نصوص قديمة، بعضها أدبي وبعضها مدونات قد لا تكون لها صلة بالأدب.
الكلاسيكية هنا معنية بالاعتناء وبتوقير قدرة رؤية الشاعر على أن تكون ملهمة لكثير من الرؤى التالية للقارئ، وما كان لهذا أن يتحقق من غير قدرة القصيدة على أن تستعيد روح الرصانة ومهارة البناء وتوتر الموضوع وكلها من امتيازات جانب حيوي من شعر العصور القديمة في ثقافات مختلفة.
القصيدة لـ (تشارلز سيميك)؛ شاعر أمريكي معاصر من أصل صربي، وُلد في بلغراد (1938)، وحسب تعريف وضعه بالعربية المترجم والروائي سنان انطوان فإن سيميك حصل على كبريات الجوائز في الولايات المتحدة، ومنها جائزة «بوليتزر» عام 1990، وجائزة «والاس ستيفنز» عام 2007، وتوّج عام 2008 شاعراً رسميّاً للولايات المتحدة.
(ابنة السياف) قصيدة مفعمة بأسى خاص وهي تبني عالما يتمزق باتجاهين وتهدّه بمشاعر تتضارب بأكثر من اتجاه.
تريد القصيدة أن تحتفي بلحظات سعادة إنّما في مكان شُيّد من أجل التعاسة وانتظار مصائر أتعس، هذا مما يضاعف تمزقات المناخ النفسي للقصيدة. جانب مهم من قصائد سيميك تهتم بالتركيز على إقامة هذا التقابل الصادم الذي يجعل من هذه القصائد مجالاً تعبيرياً مكتنزا بالثنائيات المتضاربة في معظم الأحيان.
سجين الزنزانة، في هذه القصيدة، تنتظره لحظة موت حين لا يعود رأسه فوق كتفيه بإرداة السياف لكنه يواصل حياةً يريد أن يوحي بسعادتها وذلك مع ابنة السياف، هذه هي المفارقة المرة التي يبنى عليها النص.
يفكر السجين بما يمكن أن يشغل به يديه فيما قربه ابنة السياف تواصل خلع ثيابها.. وما بين القبلات يظل هو منشغلاً بـ (الشرح لها)؛ إنها قربه بينما هو بعيد عنها.
لا يبدو السجين متأكداً من سعادته هو، إنه حيٌّ بخلق السعادة (لأجمل بنات الموت) ما دام رأسه فوق كتفيه.
هذه الاستعارة (أجمل بنات الموت) تدفع بالقصيدة إلى تمزق آخر، تكون معه البنت بعضاً من موت يحيق به من دون أن يعرف أواناً سيأتي فيه الموت على رأسه.
إنه باقٍ ليعتني بما تحتاج إليه البنت في الليل، وليس بما يحتاجان هما معاً (السجين وابنة السياف) إليه. هذا بعض من نزعة ذكورية طافحة، ربما هي كناية عن محاولة الثأر من (السياف)، وإلا فهو تعبير يضع السجين موضعَ المستخدَم من أجل خلق متعة لبنت يكون مقابلها الإبقاءُ على رأسه فوق كتفيه.
في الاستعارة الكبرى للقصيدة ستكون حياة الرجل في المحبس إقامةً في الحياة مشروطةً بإدامة ما يسعد (ابنة الموت)؛ التنازل عن إخلاص لـ (قضايا خاسرة) ومواصلة ما يديم لذة إسعاد ابنة السياف، هما ما يبدوان ثمن سعادة البقاء حيا حتى وإن كان ذلك في سجن وتحت سلطة سيف لا يدري متى يحز الرأس.
كنت أقرأ القصيدة برؤية قارئ مسترخٍ وأتحدث بمنطقِ مَن هو خارج الزنزانة آمناً مطمئناً، بينما القصيدة هي عالم حبس وحبيس ينتظر الموت أو الموت ينتظره، فلا يعرف متى يحين اللقاء.
زمني هادئ بينما زمن الحبيس مضطرب. رؤياي تمضي باتجاه مستقيم فيما رؤى منتظر الموت تمضي بألف اتجاه.
الشعر يقول ما لم يقله العقل.
ابنة السيّاف
تشارلز سيميك/ ترجمة: سنان انطون
بانتظار أن تأتي إليّ،
بعد أن تنتهي من تنظيف بقع الدم
من قميص والدها،
أسمع قدميها الحافيتين
على البلاط الصلب خارج زنزانتي.
أفكر سريعاً بطرقٍ
أشْغِلُ بها يديّ
بينما تنزع هي تنورتها.
بين القبلات أشرح لها
كيف أنني بعد أن أضعتُ العمر،
مُخلِصاً لقضايا خاسرة،
وجدتُ السعادة بين ذراعيْ
أجمل بنات الموت،
أعتني بما تحتاجه في الليل
ما دام رأسي فوق كتفيّ.