ارتكب المتحدث باسم المجلس الأعلى الإسلامي، بليغ أبو كلل، خطأً فادحاً في حق نفسه أولاً، وهو بعدُ في مقتبل حياته السياسية، وفي حق الجهة التي يتحدث باسمها، وفي حق الآلاف من الناس الذين وجّه إليهم خطابه غير المقبول جملة وتفصيلاً، في شكله وفي مضمونه.
ما قاله السيد أبو كلل لم يكن خطاباً في الواقع، بل هو "حفلة" سباب مقذع للذين علّقوا على دعوة القيادي في المجلس الأعلى الشيخ جلال الصغير للامتناع عن شراء "النستلة" (الشوكلاتة) توفيراً للمال في وقت الأزمة العصيبة التي نمرّ بها حالياً. في الجوهر لا غبار على دعوة الصغير لجهة هدفها، وهو حثّ الناس على الحدّ من الاستهلاك وبخاصة البضائع الأجنبية. لكنّ الشيخ الصغير أخطأ في اختيار (النستلة) بالذات، فضلاً عن أنه كان الأولى به توجيه خطابه إلى الفاسدين، سرّاق المال العام والخاص، ليكفّوا عن فسادهم الذي كان السبب في محنتنا الحالية، وليست (النستلة) المحببة إلى الأطفال والشباب خصوصاً. كما كان يمكن للشيخ الصغير أن يُعلن عن دعمه للحملات الداعية إلى تشجيع واستهلاك المنتجات الوطنية.
كثير من الناس رأوا في دعوة الشيخ الصغير لمقاطعة (النستلة) وسكوته عمّا يفعله الفاسدون مفارقة، فراحوا يعلّقون عليها في مواقع التواصل الاجتماعي كلّاً بطريقته. وهذه الطريقة تراوحت في معظمها بين النقد اللاذع والسخرية المرّة .. التعبير عن الرأي حق لكل فرد، وهو مكفول في الدستور. البعض أخطأ في طريقة التعبير، باعتماد لغة السباب. هذا أمر غير مقبول بالتأكيد، لكنّ السياسي الحصيف هو الذي يتفهّم ذلك ويعمل على استيعابه. الناس هذه الأيام في ذروة الغضب مما حلّ بالبلاد من خراب شامل. وما حلّ بالبلاد هو من صنع الأحزاب والقوى السياسية المتنفذة في السلطة على مدى الثلاث عشرة سنة الماضية، والمجلس الأعلى واحد من هذه القوى والأحزاب.
من الممارسات الشائعة في الدول الديمقراطية أن ينتقد الناس ووسائل الإعلام السياسيين بقوّة وبقسوة، وأن يسخروا منهم ويشتموهم ويرموهم بالبيض والطماطم الفاسدة. والسياسيون هناك حصيفون إلى حدّ أنهم يتقبّلون ذلك بأريحية وروح رياضية، فلا ينعتون منتقديهم بأنهم "همج ورعاع" و"بلا أخلاق ولا مروءة" و"متسافلون" و"أشباه النعام وأشباه الرجال"! كما وصف أبو كلل منتقدي الشيخ الصغير عن تصريحه "النستلي".
ما كان على السيد أبو كلل أن يعرفه، وهو في مقتبل حياته السياسية، أن الخائض في المعترك السياسي عليه أن يدفع ضرائب، والنقد الحادّ والسخرية والضرب بالبيض والطماطم بعضٌ من هذه الضرائب. الشخص الذي لا يعجبه هذا، ولا يحبّ التعرّض للنقد والسخرية والضرب بالبيض والطماطم عليه أن يبتعد عن الصفوف الأولى السياسية.
وما كان على السيد أبو كلل أن يعرفه أيضاً، أنه في النظام الديمقراطي لا قدسية للأشخاص، وبخاصة السياسيين.. حتى رجال الدين لا قدسية لهم.. إنهم يحظون بالاحترام على قدر ما يقدّمون من خدمة إلى المجتمع... القدسية هي للقيم والأفكار من قبيل: الحرية والحب والعمل والإخلاص والنزاهة والإيثار والتضحية وحقوق الإنسان وحرية التعبير.
"حفلة" أبو كلل !
[post-views]
نشر في: 23 فبراير, 2016: 09:01 م
جميع التعليقات 2
ابو سجاد
للاسف الشديد لحد الان تعتقدون ان هؤلاء الذين سيطروا على زمام السلطة بعد انهيار النظام القمعي السابق هم سياسيون وذوي خبرة ولهم تاريخ نضالي ولهم حس وطني ومن الممكن ان نعول عليهم لبناء وطن لاياسيدي ان هؤلاء يضمرون للشعب كرها وحقدا لايضاهيه حقدا لاسباب كثير
علاء البياتي
موضوع نستله الصغير والتندر عليه تخطى المحليه فلقد علقت عليه صحيفة الغارديان البريطانيه..انهم ليسوا سياسيين بل مجموعة لصوص