TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > طفيليات.. سياسية

طفيليات.. سياسية

نشر في: 29 فبراير, 2016: 09:01 م

يمكن للسياسي بعد ان يتسلم مسؤولية الحكم ان يكسب شعبه ليس بالكلمة الطيبة فقط فالكلمات لاتبني بلدانا ولابالتصريحات النارية او الوعود الوردية فالساسة يمكن ان يعدون ببناء الجسور حتى لو لم يوجد نهر كما يقول الرئيس الروسي نيكيتا خروشوف ، لكنه يمكن ان يكسبهم بالافعال حتى لو كان ظاهرها مطمئنا للشعب وباطنها مطمئنا للحكام انفسهم ..واكثرنا يعلم مافعله الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر بعد ثورة يوليو حين نادى بضرورة تطبيق قانون " من اين لكم هذا " على المسؤولين الذين استغلوا مناصبهم بهدف استرداد اموال الشعب المنهوبة من قبلهم وحماية المال العام ، ورغم ان تطبيقه لم يكن على الوجه الصحيح وتم وضعه فيما بعد على الرف الا انه أحدث فرقا لدى الشعب المصري الذي كان متحمسا لرؤية ثمار وقوفه مع الثورة ..
في بلدنا الذي بلغ فيه استغلال المال العام أعلى مدياته يحاول البعض التشبث بقانون " من أين لك هذا " لطمأنة الشعب وامتصاص نقمته بعد كل محاولة رفض واستنكار بدءا بنداءات الاصلاح التي اطلقها رئيس الوزراء حيدر العبادي قبل عدة اشهر ثم النداءات الاخيرة للسيد مقتدى الصدر والتي ينبغي اخضاعها لارض الواقع ليصدق كل من زحف معه الى ساحة التحرير انه يسعى الى تغيير حقيقي يصب في خدمة الشعب المتضرر ..
وامام نداءات المتظاهرين والمثقفين بضرورة ان يثور الشعب كله بوجه الفساد ستظل ساحة التحرير تشهد الهتافات وتعدد الوجوه المستنكرة للواقع المرير لكن الاصلاح الحقيقي لن يحدث مالم تتم محاسبة المفسدين بشكل حقيقي فالشعب ليس مسؤولا عما تعانيه البلاد من مشاكل بل على المسؤولين ان يحملوا انفسهم عناء الاهتمام بحالة الشعب والعمل على انصافه ووضع حد لفساد المفسدين ..
في تحليله لكلمة سياسة او (بوليتيكس) باللغة الانكليزية يقول اري هارديمان انها تتكون من مقطعين : بولي وتعني (العديد) وتيكس وتعني (طفيليات تمتص الدم ) وهذا يعني ان السياسة هي التي تفرز لنا تلك الطفيليات العديدة التي تمتص دمنا ، وفي العراق امثلة كثيرة لطفيليات تمتلك املاكا لاحصرلها من منازل وسيارات ورواتب ضخمة ورواتب اخرى للحمايات فضلا عن اموال مهربة الى الخارج وعقارات داخل وخارج البلاد ، وبدلا من مطالبة تلك الطفيليات باعادة اموال الشعب وسعي الجهات المختصة الى استرداد اموال المسؤولين المهربة الى الخارج تتم مطالبة الشعب بأن يتحمل قطع الرواتب او تأخيرها ودفع الضرائب عن كل الخدمات التي يفترض بالدولة ان تقدمها له مجانا وان يواصل شد الحزام لدرجة حرمان اطفاله من ( النستلة) وتأجيل علاج امراضه في المستشفيات الحكومية بعد رفع تسعيرة اجورها والاستغناء بالتدريج عن الماء والكهرباء ومفردات البطاقة التموينية ، فالديمقراطية التي انتظرها طويلا لم تأت لانقاذ المحتاجين بل لانعاش المسؤولين وزيادة املاكهم والمسؤول الذي عليه ان يكسب شعبه ويحقق مطالبه يواصل خدمة مصالحه الشخصية باصرار واضِعا الشعب ..والى الابد ..على الرف ..

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram