اوساط شعبية مستاءة من أداء النخب السياسية المشاركة في الحكومات العراقية المتعاقبة تردد هذه الأيام مفردة "الكالحة" بإطلاقها وصفا لوجوه احتلت المشهد بعد الغزو الاميركي ، بينهم الموافق والمؤيد والناصر للنظام الديمقراطي ، فخاب سعيهم، لفشلهم في ارساء قواعد دولة المؤسسات ، فثبت بالدليل القاطع عجزهم عن قيادة الستوتة .
طبقا لوصف اوساط شعبية وإعلامية ، الوجوه الكالحة سيطرت على مقدارت البلاد والعباد ، حتى وصل عدد الفقراء في العراق الى 8 ملايين شخص بحسب المستشار الاقتصادي مظهر محمد صالح في لقاء متلفز كاد يذرف فيه الدموع ، تعبيرا عن اسفه لتراجع المستوى المعيشي لشرائح واسعة من المجتمع ، تضررت جراء تداعيات الأزمة المالية وانعكاساتها الخطيرة على الأوضاع الاقتصادية . هذا الرجل شغل منصب معاون محافظ البنك المركزي في الحكومة السابقة ، لاحقته حماقات صاحب القرار فصدرت بحقه مذكرة اعتقال ، امضى قرابة شهر في التوقيف . في يوم اطلاق سراحه ، افصحت دموعه عن عمق معاناته من قرار احمق دبّر بليل مع قرارات اخرى لإرضاء نزعة مريضة لم تفارق المستبدين الحريصين على التفرد بالسلطة .
مأساة العراقيين بكل فصولها ومشاهدها ، لم تحرك ضمائر كبار المسؤولين والساسة ، احتفظوا بأقنعتهم للظهور بملامح نضرة لاعتقادهم بأنها تسر الناظرين من قواعدهم الشعبية ، مع استمرار عرض المشاهد اليومية للتراجيديا العراقية . يتجاهل قادة الاحزاب ورؤساء الكتل الرغبة الشعبية في تحقيق الاصلاح ، ارتدوا اقنعتهم ، ليشاركوا في حفلة تنكرية لتبادل الاتهامات ، ثم الجلوس حول طاولة مستديرة للخروج باتفاق مشترك يضمن لهم الاحتفاظ بمكاسبهم .
صوت الشارع العراقي اليوم تجاوز الاصطفاف المذهبي ، وحَّد المشاعر والتطلعات نحو دولة مؤسسات تعالج أخطاء السنوات السابقة ، الشعب يريد إصلاح النظام ، يطالب بتوفير الخدمات الأساسية ، وهي حقوق طبيعية ، من يعترض عليها يعطي دليلا واضحا على ارتداء قناع كاذب، الفرصة الوحيدة للتخلي عن الأقنعة وإثبات تأييد الإصلاح بالوقوف مع الإرادة الشعبية ، مع الابتعاد عن محاولات اثارة حرب جديدة للتغطية على الفشل السياسي طيلة السنوات الماضية ، نداء الى جميع الأطراف المشاركة في الحكومة ، دعوا الشارع العراقي يقول كلمته بتظاهرات سلمية : راجعوا مواقفكم السابقة حفاظا على مستقبلكم السياسي .
المنطقة العربية ربما تكون الوحيدة في العالم التي شهدت اكثر من غيرها حوادث اغتيال شخصيات سياسية وتنفيذ انقلابات عسكرية وعائلية . المرحلة الجديدة تزيح القديمة بالسلاح والقتل والحكم بالإعدام . في هذه الأوضاع الساخنة يضطر الحكام والمسؤولون والزعماء السياسيون الى تحصين أمنهم الشخصي بأفواج عسكرية ، وارتداء الدروع لتفادي التعرض لرصاصة يطلقها قناص من مكان مرتفع على موكب صاحب الفخامة .
أصوات المتظاهرين في كل الأحوال وصلت الى الوجوه الكالحة ، على الرغم من إصرار بعضها على ارتداء الأقنعة في محاولة لتقليد الراحل رشدي أباظة .
وجوهٌ يومئذٍ كالحة
[post-views]
نشر في: 4 مارس, 2016: 09:01 م