اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > الأجهزة الذكية .. مخدرات إلكترونية تفتك بالأطفال

الأجهزة الذكية .. مخدرات إلكترونية تفتك بالأطفال

نشر في: 6 مارس, 2016: 12:01 ص

لم تعد "هيام" قادرة على منع طفلها البالغ من العمر اربع سنوات من اللعب واللهو بجهاز الهاتف النقال الخاص بها. فهي اذا امتنعت عن اعطائه يتحول الى كتلة من البكاء والصراخ، بالتالي تعود مضطرة لاعطائه الهاتف. في نهاية الأمر رضخت لضغوطه واشترت له آيباد صغيرا

لم تعد "هيام" قادرة على منع طفلها البالغ من العمر اربع سنوات من اللعب واللهو بجهاز الهاتف النقال الخاص بها. فهي اذا امتنعت عن اعطائه يتحول الى كتلة من البكاء والصراخ، بالتالي تعود مضطرة لاعطائه الهاتف. في نهاية الأمر رضخت لضغوطه واشترت له آيباد صغيرا حوّل الطفل الى شخصية اخرى تحمل عدوانية تجاه الآخر نظرا لما يشاهده من الالعاب ومقاطع تعتمد على العنف والقسوة في التعامل. ورغم محاولاتها الكثير بهذا الشأن لم تستطيع كبح جماح طفلها.

تأخر مهارات النطق  
المتخصصون يرون ان حالات المشاهدة لتلك التقينات تزيد الأطفال ممن هم دون سن الثلاث سنوات وأقل سوءا ، حيث تزيد من احتمالية تأخر مهارات النطق والتخاطب لديهم. كما أن الحالة الجسدية قد تتأثر فتؤدي الى السمنة وإجهاد العينين، ما يستدعي الأبوين لدفع ابنائهم الى استغلال وقت الفراغ بزرع وترسيخ القيم والمبادئ وتنميه المهارات في جميع النواحي كالمهارات الحركية واللغوية والاجتماعية والإدراكية ، الأمر الذي يسهم في تطوير قدراتهم اللفظية والحركية.
باختصار، فإن التقنيات الحديثة مطلب ملح من الجميع ولكن بشرط تقنين ومراقبة المحتوى المعلوماتي من قبل المربين او الأبوين معا . كما أظهرت دراسة أجريت حديثاً على أطفال في إحدى الدول المتقدمة، تتراوح أعمارهم بين أربع وخمس سنوات، أنّ الأطفال يقضون سبع ساعات ونصف الساعة يومياً أمام شاشات الأجهزة الإلكترونية، أي بزيادة ساعة وسبع عشرة دقيقة أكثر مما كان يفعل الأطفال في العمر نفسه قبل خمس سنوات.  ومن المستغرب أكثر أنّ الدراسة نفسها أظهرت أن بعض الأطفال، ممن لا تزيد أعمارهم على السنتين، يقضون نحو ساعتين يومياً أمام شاشة جهاز إلكتروني.

زراعة العنف والتأثيرات الصحية
الدكتور علي العامري ،استاذ علم نفس، ذكر لـ(المدى): ان تأثيرات الهواتف النقالة والأجهزة الذكية كبيرة ومتعددة خاصة على الاطفال والمراهقين. موضحا: انها تساعد على زيادة الاضطرابات النفسية والاجتماعية من حيث العزلة والانفراد. مبينا: ان أجهزة الهاتف النقال والأجهزة الصغيرة المحمولة تجعل الطفل في عالم بعيد عن أقرانه رغم جلوسه معهم، اضافة الى ان الآثار الصحية قد تكون بدايتها ضعف الرؤية والحساسية في العين يتبعها الاشعاع الذي تولده الشبكات النقالة.
واضاف العامري: هناك آثار يسميها الأطباء اكاديمية مثل الفشل في الدراسة وضعف المستوى العلمي للطفل حيث يكون تركيزه فقط على هذه الاجهزة والالعاب. العامري ابدى اسفه على ان استخدام التكنلوجيا في مجتمعنا اصبح خاطئا، مشيرا: الى تاثيرها السلبي على سلوك الاطفال وزرع العنف في شخصيتهم نتيجة البرامج التي يواكبون على متابعتها دون مراقبة من الأهل كما ان هذه الالعاب والافلام التي يشاهدوها تنعكس على تصرفاتهم في البيت والمدرسة لأنهم يصابون بالكسل والخمول وعدم الجلوس الصحيح والاستماع الى نصائح الاسرة.

 نمو الطفل وتعلمه
الإعلامي احمد العسكري قال لـ(المدى): لا شك ان للتطور التكنولوجي انعكاسات عديدة على الاطفال منها إيجابية ومنها سلبية ، ولو قارنا بين  النوعين لوجدنا ان التأثير السلبي يطغى على الإيجابي. مردفا: فالجانب الإيجابي هو ان التعامل مع التقنيات الحديثة يطورمن القدرة الاستيعابية وينمي مهارات الطفل من خلال التعرف على مفاهيم ومعلومات جديدة تزيد من الثقافة العامة لدى الطفل. مستدركا: ولكن بالمقابل هناك تأثيرات سلبية قد تنجم عن الإكثار من تعامل الأطفال مع الأجهزة الحديثة منها صحي بسبب الإشعاعات التي تبثها الأجهزة النقالة على سبيل المثال وليس الحصر فمن المعروف أن الهاتف النقال يعتمد على الإشارات الخليوية (cellular)  وهي إشارات تؤثر على نمو الطفل بالإضافة إلى اشارات الواي فاي التي تؤثر أيضا على انشطة الخلايا داخل الجسم.
واسترسل العسكري: هذا من الناحية الصحية أما من الجانب التربوي والاجتماعي فإنها تنعكس سلبا على طبيعة التكوين الاجتماعي لدى الطفل. متابعا: فالجلوس المستمر أمام شاشات الكومبيوتر أو الآيباد او الموبايل يجعله مختلطا بالعوالم الافتراضية التي أوجدتها شركات صناعة الألعاب ومواقع التواصل. مضيفا: اذ  يولد ذلك ضعفا اجتماعيا لديه وعدم تقبل الاحتكاك بالواقع الحقيقي ما يؤدي إلى ظهور جيل بأخلاق ومفاهيم مختلفة عن المفاهيم التي اعتدنا عليها في مجتمعاتنا العربية.

تقاليد العنف والصور الفاضحة
بشرى الكيلاني ،معلمة روضة في السيدية، تقول لـ(المدى) ان بعض الاطفال يأتون ومعهم اجهزة ذكية مثل الآيباد او الهاتف الخاص به. موضحا: حين قررت ادارة الروضة منع اصطحاب هذه الأجهزة اعترض اهلهم عادين الأمرعائلياً خاصاً وحسب قول احدى الامهات ( ابني مدلل ما اريد أحرمه من شيء). مضيفة: ان هذه الاجهزة تسبب لنا المتاعب خاصة حين يحاول بعض الاطفال تقليد الحركات العنيفة على اطفال الروضة خاصة مع من يصغرونه بالعمر.
دعاء كامل ، موظفة ، اوصلت طفلها الى الروضة وهو يحمل جهازه الخاص. اشارت الى المشكلة الكبيرة التي تواجهها حين يؤخذ الجهاز منه. مبينة: ان طفلها تعلق كثيرا بالجهاز وبالشخصيات التي تظهر بالالعاب والافلام المتوفرة. لافتة: ان الطفل اخذ يقلد الحركات العنيفة مثل القفز من مكان مرتفع او الدحرجة على السرير وما شابه.
اما جنان كاظم ،معلمة، فقد لفتت الى ضرورة ان يفتش الاباء والامهات حقائب اولادهم عند توجهم الى المدرسة. موضحة: ان الكثير منهم يحملون اجهزة هاتف ذكية، لكنهم يستخدمونها بشكل سيئ. مشيرة الى ان البعض منهم يحمل افلاما وصورا نسائية فاضحة يتبادلونها بينهم امام مرأى ومسمع الطلاب الآخرين.

لهو وإدمان
بينما بين الدكتور عصام الفيلي لـ(المدى) أن التقنيات  الحديثة كان لها  الأثر السلبي على المجتمعات  الشرقية  عامة والعراق  خاصة. لافتا: لأننا انتقلنا من الكبت والحرمان المطبق  إلى  الحرية والانفتاح المطلق دون ضوابط  خاصة  ولأننا لانضع الحدود الاجتماعية على الاقل. وفيما يخص الأطفال  في تعاطيهم  مع التقنيات الحديثة قال الفيلي : تحولت العملية من لهو ولعب إلى إدمان وهوس. مشددا على دور الاسرة في وضع اللبنات الاولى في بناء شخصية واخلاق الطفل ، فاذا كان الوالدان يتجولان من مسلسل الى فلم ومن فيس بوك الى فايبر وغيرها ولا تعلم العوائل ان هذه الطريقه تجعلهم يستخدمون الكمبيوتر ليس للاستفادة العلمية انما للتسلية وقضاء الوقت .  

 المحرومية والفضاء المفتوح
أكدت البحوث العلمية أن هذه الألعاب قد تكون أكثر خطراً من أفلام العنف التلفزيونية أو السينمائية لأنها تتصف بصفة التفاعلية بينها وبين الطفل، وتتطلب من الطفل أن يتقمص الشخصية العدوانية ليلعبها ويمارسها، وأدت هذه الألعاب الإلكترونية ببعض الأطفال والمراهقين إلى حد الإدمان المفرط ما اضطر بعض الدول إلى تحديد سن الأشخاص الذين يسمح لهم بممارسة هذه الألعاب. الاكاديمي مرتضى صلاح اوضح في حديثه لـ(المدى) ان هناك نقطة للتعقيب وهي ان مجتمعنا واجه في العام 2003 ضربتين في الدماغ اذا جاز لنا استخدام التعبير. مشيرا الى سقوط ديكتاتورية قمعية فريدة الطراز وبنفس التوقيت دخول اﻻنترنت والستلايت والموبايل بفضاء مفتوح . منوها: ان بين رحيل الدكتاتورية ودخول الفوضى تحت عنوان الحرية نجا من نجا واستمسك بثوابته المجتمعية وهوى من هوى منجرفا مع طوفان العولمة والحرية حيث كان معظم الناس يرددون عبارة (الشعب كان محروما من كل شيء وصعب الآن ان تمنعهم من اي شيء).

الاتفاق المثالي
واضاف الاكاديمي: يمكننا تقليل استخدام اﻻجهزة اﻻلكترونية عبر العودة والتركيز على النشاطات البدنية والذهنية للاولاد مثل اﻻهتمام بالرياضات المختلفة كالكرة والدراجة الهوائية وغيرها والتي كنا ننشغل بها عندما كنا في اعمارهم. مبينا: ان الحلول متوفرة لو ان الوالدين وضعا جدولا لاولادهم باستخدام الاجهزه الذكية اي اللابتوب والهاتف النقال وقد جربها الكثير من الاصدقاء المقربين حيث  اتفقوا مع ابنائهم. مستطردا: هذا الاتفاق جاء حسب (اذا اتيتم بدرجات جيدة وكتبتم الواجب يوما بيوم سنعطيكم الهاتف تلعبون به يومين اي الخميس مساء لغاية السبت عصرا) وقد حملوا لهم الالعاب التي يرغبونها وقد نجحت هذه الفكرة.
وبشأن المراهقين والصبية وكيفية تعاملهم مع الاجهزة الذكية ذكر صلاح: الحال يختلف من شخص لاخر ويعتمد على متابعة الاهل ومدى سيطرتهم على اولادهم ومتابعتهم لهم . ان التكنلوجيا ليست بالشيء الخطر اذا استخدمت بشكل صحيح. موضحا: انا جربت معلوماتي كمختص بالاطفال وتربيتهم لكن لم استطيع السيطرة على سلوكهم لكثرة تاثرهم بالانترنيت. مضيفا: قبل ايام تعرضت ابنه صديق وهي طالبة في مرحلة الاعدادية الى مشكلة من خلال القرصنة على (الواتساب) وسرقة بعض الصور الخاصة بحفلة عيد ميلاد لصديقاتها. اذ تعرضت الى تهديد من قبل احد الشبان بنشر الصور اذ لم تدفع مبالغ من المال. مبينا: ان الامر انتهى عند هذا الحد ودفع والد الطالبة المبلغ رغما عنه ودرءا للفضيحة، رغم ان البنت لم تفعل شيئا لكن في مجتمعنا تعتبر ملابس الحفلات الخاصة فضيحة. 
 
تصميم جهاز تربوي
اما الدكتور كريم نوري فقد وضح لـ(المدى) قائلا: اعتقد أن الموضوع مهم جدا وخصوصا النقطة الاولى في خطورة التعاطي السلبي للأطفال مع التقنية الحديثة وهذه مشكلة من مشكلات المجتمع المعاصر التي لا بد من الاهتمام بها وإعطائها اولوية في البحث عن اسبابها والحلول بما يناسب حفظ الجيل الجديد ليكون بناء في المستقبل. متابعا: أول فكرة خطرت على بالي منذ زمن هي قيام المؤسسة الأكاديمية بتصميم جهاز قريب من الآيباد لا يرتبط بالإنترنيت مباشرة بل يرتبط بالكمبيوتر وينزل من خلال الكمبيوتر مختلف البرامج التعليمية والترفيهية وافلام الكارتون الهادفة التي يمكنها ملء فراغ الطفل. مضيفا: هذا من جهة ومن جهة اخرى تملي عليه جانب التسلية ومن جهة ثالثة تغذية بافكار واخلاقيات عالية فضلا عن خطوات مدرسية وبيتية تخلص الطفل من هذه المشكلة ولا تجعله يسير في هذا الطريق الخطر.

خطورة المنع
واضاف النوري: المقدمة الثانية ان اولادنا خلقوا لعصر مخالف لعصرنا تقريبا ولهذا فلكل عصر أساليبه وتقنياته في التربية والتعليم ولا يمكن اجبار الأطفال على ترك التقنيات المتاحة. وإلا ولدّنا مشكلة اخرى لا تقل خطورة عما نمنع عنه. مردفا: على الآباء أن تكون ردة فعلهم في اي تصرف مع الطفل ضمن خطوات مدروسة وصحيحة ومطابقة للشرع وبما يناسب ونفسية الطفل حتى لا نجعل من اطفالنا عرضة للامراض النفسية التي تلاحقهم حتى سنين متقدمة من أعمارهم. لافتا: بعد هذا يمكننا الانطلاق بحلول ناجعة ومهمة تُحّصن اطفالنا وتمنعهم من الانزلاق في الطريق الخطأ من وراء هذه التكنلوجيا ومن ذلك ما طرحته آنف. عن الآثار السلوكية التي تخلفها ألعاب الصراعات والحروب في نفسية الطفل والمراهق ذكر د.كريم النوري: تتمثل هذه الاثار في تعزيز ميول العنف والعدوان لدى الأطفال والمراهقين. مبينا: إن نسبة كبيرة من الألعاب الإلكترونية تعتمد على التسلية والاستمتاع بقتل الآخرين والتدمير، والاعتداء عليهم من دون وجه حق. مؤكدا: بذلك تصبح لدى الطفل أو المراهق أساليب ارتكاب الجريمة وفنونها وحيلها من خلال تنمية عقولهم وقدراتهم ومهاراتهم العدوانية التي يترتب عليها في النهاية ارتكاب جريمة، وهذه القدرات مكتسبة من خلال الاعتياد على ممارسة تلك الألعاب.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram