العراقيون المحتجون على سوء الأداء السياسي والحكومي طيلة السنوات الماضية ، حملوا اعضاء مجلس النواب مسؤولية اندلاع الأزمات ، على الرغم من ان البرلمانيين حصلوا على مقاعدهم باصوات الناخبين . النائب لم يدخل الى المجلس من "زرف الحائط" ، وانما عن طريق صناديق الاقتراع على وفق القواعد الديمقراطية المعتمدة في معظم دول العالم فحصل على امتيازاته وجواز سفره الدبلوماسي . من الانصاف ان ينظر الناخبون الى ممثليهم من زاوية الحفاظ على ديمومة التواصل والحفاظ على العلاقة بين الطرفين .
حديث العراقيين اليومي عن الهموم والمعاناة يأخذ في اغلب الأحيان توجيه اتهامات الى اعضاء مجلس النواب لتخليهم عن قواعدهم الشعبية ، لانشغالهم بقضايا اخرى بعيدة عن اهتمام جماهيرهم . وزارة الصحة قررت فرض رسوم مقابل تقديم خدماتها في المستشفيات والمراكز الطبية ، هذا القرار لم يهز شعرة واحدة في رأس برلماني يصدر في اليوم الواحد اكثر من بيان يطالب فيه المجتمع الدولي بانقاذ الحوثيين من الغزو السعودي ، ثم ينتقل في بيان آخر الى البحرين لدعم الانتفاضة الشعبية ضد العائلة المالكة.
الكثير من النواب العراقيين قطعوا صلاتهم بالشارع ، حفاظا على امنهم الشخصي ، السكن في المنطقة الخضراء نقلهم الى عالم مغلق ، حرمهم من التجوال في الباب الشرقي والاحياء البغدادية الاخرى ، ومنهم لم يزر مدينة مسقط راسه منذ سنوات ،لأنه نكل بوعوده في تعيين شباب المدينة في قوات الجيش والشرطة ، هذا النموذج من البرلمانيين ، كثير الظهور عبر شاشات الفضائيات، يبدو متفائلا جدا في تحقيق مستقبل زاهر للعراقيين حين يتحقق التلاحم بين السياسيين والجماهير ، وبالتلاحم المصيري بين القيادة الحكيمة وابناء الشعب يتحقق النصر التاريخي ، بهذا الحديث اليومي المستهلك ، تحول التلاحم الى شعور بخوف مرعب من بروز "خازوق" جديد يلاحق المسيئين للرموز الوطنية.
في برلمانات دول العالم حين تنتهي الدورة التشريعية يعود الاعضاء الى وظائفهم واعمالهم الاصلية . في العراق يتحول النائب الى مستشار او سفير ، يحتفظ بكامل امتيازاته ومستحقاته المالية فضلا عن سكنه الدائم في المنطقة الخضراء ، اما من رافقهم سوء الحظ وفشلوا في الانتخابات ، فينتقلون الى احدى عواصم دول الجوار ، من هناك يتصلون بقواعدهم الشعبية عبر البريد الالكتروني او من خلال اطلالة اسبوعية في شاشات فضائيات عربية ، يطلقون تصريحات تعزف على الوتر الطائفي ، الغرض منها تكريس الانقسام المجتمعي ، لخوض الانتخابات التشريعية المقبلة .
الانطباع السائد لدى العراقيين حول ممثليهم في البرلمان ان جميعهم" شلع قلع " بحاجة الى الى الدخول في دورات تأهيلية تساعدهم على تحقيق التلاحم مع الجماهير ليضمنوا المزيد من اصوات الناخبين ، ثم النزول الى الشارع بشكل حقيقي بركوب الستوتات ودفع العربات في سوق الشورجة ليخرج النائب من شرنقته .
محظوظ داخل شرنقة
[post-views]
نشر في: 6 مارس, 2016: 09:01 م