TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > ثُمّ حذارِ .. للمرّة الأخيرة

ثُمّ حذارِ .. للمرّة الأخيرة

نشر في: 6 مارس, 2016: 06:01 م

في الخامس من أيلول من العام الماضي، أي بعد مرور خمسة أسابيع فقط على اندلاع حركة الاحتجاجات المتواصلة حتى اليوم، كتبتُ هنا، في هذا العمود، محذّراً من عدم استيعاب ما يجري في البلاد، وعدم الإدراك التام للأسباب الكامنة وراء تفجّر هذه الحركة ولعواقب عدم الاستجابة لمطالبها المشروعة.
كتبتُ يومها: "إنها (الحركة الاحتجاجية) الصرخة المدوّية الأخيرة لشعب انتُهِكت حقوقه وكرامته على نحو مروّع، في وجه طبقة سياسية لا ذمة ولا ضمير لثمانين بالمئة منها في الأقل. هذه الصرخة إذا ما تبدّدت وهذه الحركة إذا ما أُجهِضت هذه المرة، فلا يتعيّن على الطبقة السياسية (المتنفّذة) أن تراهن على عدم تجدّدها إلا بعد سنوات.. هذا تفكير واهم وعقيم، فثمة ملامح لانفجار رهيب يُغرق المركب بمَن فيه جميعاً.. عدم تحقيق مطالب الحركة الاحتجاجية وعدم تنفيذ البرنامج الإصلاحي سيؤديان إلى كفر الناس بكل شيء.. هذا الكفر يمكن أن يعبّر عن نفسه في صيغة عنف وجماعات عنفية لها أول وليس لها آخر... فحذارِ ثمّ حذارِ".
الأسابيع الأخيرة شهدت ظهور ملامح تُنذر بأننا قد نكون قاب قوسين أو أدنى من وقوع المحذور المُحذّر منه، فزخم التظاهرات قد اشتدّ الآن ونطاقها قد اتسع، والمظاهر المسلحة قد أطلّت برأسها (مسلّحون ينزلون إلى الشوارع عشية تظاهرة الجمعة الأخيرة، وزعيم إحدى الكتل النافذة والمسنودة خارجياً يحذّر من إمكانية اللجوء الى القوة لإنهاء "المهزلة"، أي الحركة الاحتجاجية)، والسجال السياسي على خلفية ذلك كله قد حميَ كثيراً، فيما تُظهر الوقائع المختلفة، وآخرها اجتماع الرئاسات الثلاث وقادة الكتل والقوى السياسية، أن الطبقة السياسية المتنفذة منقسمة انقساماً شديداً بخصوص عملية الإصلاح والتغيير التي تطالب بها الحركة الاحتجاجية، بل إن القسم الأعظم من هذه الطبقة يعارض إجراء الإصلاح والتغيير إلا في الحدود الشكلية التي لا تمسّ جوهر النظام السياسي (المحاصصاتي) الذي تكمن فيه كل الشرور التي نواجهها، من الإرهاب الى الفساد.
  طلبة الجامعات نزلوا إلى الميدان الآن تحت عنوان "ثورة القمصان البيض" .. هذا يعني أن الحركة الاحتجاجية سيكون لها من الآن فصاعداً مضمون وشكل مختلفان. وفي هذا الإطار يُمكن لسقف المطالب أن يرتفع كثيراً، وهو ما يُمكن أن يقود إلى العنف، إنْ من طرف الحكومة غير القادرة على تحقيق حتى السقف الأدنى للمطالب الشعبية والواقعة بين ضغط الحركة الاحتجاجية وتعنّت الطبقة السياسية المتنفذة حيال هذه المطالب، أو من طرف الحركة الاحتجاجية التي قد لا تقدر على ضبط نفسها الى الأبد.
إنها لحظة حاسمة في مبارة فاصلة انتهى وقتها الأصلي بتعهد الحكومة ومجلس النواب بتحقيق المطالب  على وفق برنامج إصلاحي أُعلنت تفاصيله ولم يتحقق منها شيء ذو قيمة. أما الوقت الإضافي فقد امتد أطول مما ينبغي .. فحذارِ ثم حذارِ ثم حذارِ، للمرة الأخيرة، من المماطلة والتسويف، ومن المراهنة على عامل الوقت.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. ابو سجاد

    لاياسيد عدنان لاحذار ولاثم حذار ثلاثة اطراف ستدخل على الخط وهي التي ستحسم الامر كما فعلتها في السابق الطرف الاول وهو الاقوى والساند للاطراف الشيعية وهو ايران لانها لاتترك الامر هكذا دون حسمه لصالحها والمنضوين تحت ابطها والامريكان تنظر وتنتظر من هو الطرف

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

 علي حسين منذ ان ظهرت الديمقراطية التوافقية في بلاد الرافدين ،والمواطنونالعراقيون يبحثون عن مسؤول مختلف يمنحونه ثقتهم، وهم مطمئنون ، رغم أنهم يدركون أنّ معظم السياسيين ومعهم المسؤولين يتعاملون مع المناصب على أنها...
علي حسين

قناطر: ليلُ العشَّار الطويل

طالب عبد العزيز يحلَّ الليلُ باكراً في أزقّة العشَّار، أزقته القصيرة والضيقة، التي تلتفُّ عليه من حدود شبه جزيرة الداكير الى ساحة أم البروم، يحدث ذلك منذ سنوات الحرب مع إيران، يوم كانت القذائفُ...
طالب عبد العزيز

محاسبة نتنياهو وغالانت أمام محكمة الجنايات الدولية اختبار لمصداقية المجتمع الدولي

د. أحمد عبد الرزاق شكارة يوم عظيم انتصاراللعدل عبارة تنم عن وصف واضح مركز ساقه الاستاذ المحامي الفلسطيني راجي صوراني عن طبيعة الدور الايجابي المؤثر للمحكمة الجنائية الدولية متمثلا بإصدار مذكرتي القاء القبض تخص...
د. أحمد عبد الرزاق شكارة

الاندماج في العراق؟

أحمد القاسمي عندما نسمع بمصطلح الاندماج يخطر بأذهاننا دمج الأجانب المقيمين في بلد ما. فاستخدام هذا المصطلح بات شائعا منذ بضعة عقود في الغرب ويُستخدَم غالبا عند الحديث عن جهود الدولة أو مؤسسات المجتمع...
أحمد القاسمي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram